:: معركة التحصيل الإلكتروني، والتي خاضتها وزارة المالية مع هواة التجنيب ومافيا الرسوم غير المشروعة، كانت معركة في (دهاليز الدولة)، ولم تظهر للرأي العام إلا نتائجها الإيجابية، وهي أن فكرة التحصيل الإلكتروني صارت واقعاً رقابياً ما بين المواطن ومؤسسات الدولة .. ولكن معركة فك إحتكار القمح والدقيق، بحيث يتنافس فيهما الكل بالجودة والأسعار، كانت معركة على (الهواء الطلق)، حتى إنتصرت إرادة التحرير والمنافسة الشريفة، وعودة الشركات والمطاحن التي كانت مهجورة إلى الحياة ..!! :: واليوم، وزارة المالية على موعد (أم المعارك)، أي أشرس من معركتي التحصيل والقمح..وكان الخبر يوم أمس، زار وزير المالية المجلس القومي للأدوية والسموم، وبعد أن دعم المختبر الوطني للرقابة والبحوث، وجه المجلس بتسريع إجراءات تسجيل الأدوية ثم بتشجيع الصناعة الدوائية الوطنية، وقال بالنص : ( الدواء من أكبر أربع سلع يتم استيرادها)..ومن هنا تبدأ (أم المعارك)، فان مافيا الأدوية تختلف عن مافيا القمح والتنجيب والنهب بقوة النفوذ والمال، وليس من السهل أن تقضي وزارة المالية وحدها على هذه المافيا التي تحتكر (التسجيل والاستيراد) وتمنع تحقيق حلم الانتاج والتصدير ..!! :: ولعلم القارئ، فان وزارة المالية تعلم، طوال أشهر العام الفائت (2016)، لم تسجل قوائم مجلس الأدوية غير (صنف دوائي)..نعم، صنف دوائي واحد فقط لاغير، طوال ساعات عمل (سنة كاملة)، وهذا لا يحدث إلا في السودان..وعندما يوجه الوزير المجلس بتسريع تسجيل الأصناف الدوائية، فهو يعلم بأن سوق الدواء في بلادنا خال من الوفرة والمنافسة الشريفة، وغيرعادلة في تسجيل وتسويق الأدوية.. تعدادنا السكاني يتجاوز ( 30 مليون نسمة)، وحجم الأصناف الدوائية المسجلة ( 3378 صنف دوائي)..!! :: والأدهى والأمر، من تلك الأصناف المسجلة - 3378 صنف - ما هي في الصيدليات لا تتجاوز (1531 صنف دوائي)..أي هناك أصناف دوائية مسجلة ولا يتم استيرادها، وهذا ما يسمى في عالم الاحتكار بالمخزنة، وذلك منعاً للوفرة .. وبنهج الإحتكار هذا، وكان تنتهجه القيادة السابقة لمجلس الأدوية، شعباً تعداده (30.000.000 نسمة)، لا يجد خياراً دوائياً إلا في (1531 صنف دوائي) .. وعلى سبيل المثال والمقارنة، دولة تونس التي تعدادها السكاني ثلث تعدادنا تقريباً (10 مليون نسمة)، عدد الأصناف الدوائية في صيدلياتها يجاوز (10 الف صنف دوائي).. !! :: وعليه، فان بلادنا، بفضل نهج الإحتكار وفساد القوانين، لا يزال في ذيل قائمة الدول حين يكون الحديث - بالأرقام والتقارير العالمية - عن وفرة الأصناف الدوائية .. ولعلم القارئ، فان وزارة المالية تعلم، بضعة شركات هي التي تحتكر الأصناف الدوائية، وكانت القيادة السابقة للمجلس تشجع هذا الإحتكار بسلحفائية إجراءات التسجيل المتعمدة، والتي لم تسجل غير صنف دوائي - واحد فقط لا غير - في العام، وكأن هذه السلحفائية مراد بها ترسيخ (نهج الإحتكار)..!! :: أما عن الصناعة الوطنية، رحم الله المهندس عبد الوهاب عثمان، وزير الصناعة الأسبق، إذ ظل يطالب السلطات بحماية الأدوية المصنعة محليا من أثقال الرسوم والجبايات والكهرباء وغيرها، لتشجيع المستوردين على الإستثمار في الصناعة .. واليوم، وزير المالية يعلم، بأن نسبة إنتاج مصر من إستهلاك شعبها (90%)، ونسبة إنتاج سوريا ما قبل الحرب (94%)، والمغرب (85%)، و.. و..كل الدول العربية تكاد تكتفي و تصدر ( لنا)، لأن انتاج مصانع بلادنا من حجم استهلاك شعبنا لا تتجاوز (16 %)..وعليه، فلتبدأ المالية والمجلس معركة الصناعة والتسجيل ضد المافيا، وعلى رئاسة الجمهورية دعم هذه المعركة حتى ينتصر المواطن ..!!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة