مطالب ثورة ديسمبر العظيمة ، هي المطالب التي لا تزال توحِد السودانيين ، لكن هل تكون المطالب الثورية التي أتت علي ظهرها الحكومة هي القشة التي ستقصم ظهرها ؟
هذا سؤال للغد والإجابة عليه ستمتد عبر إجابات عملية لا خلط الأوراق الحادث الآن والمطالبات الجزئية التي تطالب بتنحي البرهان لوحده غافلة عن الدعم السريع ! ، وقلت من قبل ( أن كل ما حدث من مشاهد التحشيد ومشاهد اللعب علي ضغط المواطن بالحصار الأمني والإقتصادي والإختناق السياسي ) يُعتبر ذلك ( فورة لبن ) خطورتها تأتي عند جلوس الشركاء الفرقاء لحل المشكلة .
تلك المشكلة التي تُهدد اطراف الحكم المدني و العسكري ( شركاء السلام ) ستظهر عند بروز النتائج للعلن ، عندها سيبدأ التقييم الحقيقي للطبقة الحاكمة بالمجمل وليس بالتجزئة والتقييم سيكون بحجم المكتسبات وكمية التنازلات .
سيكون التقييم ليس عن من خرج من الساسة في الذكري الرابعة والخمسون لثورة إكتوبر ، وإنما ( أين يقف من خرج من تلك المطالب والشعارات ) .
علي المستوي العملي فشل احزاب قحت في تكوين المجلس التشريعي في الفترة السابقة وهذا الفشل سببه إتخاذ مشورة المحور حلاً لقضايا وتعقيدات الحكم ، تلك المشورة التي حاولت أن تغيب المجلس التشريعي لتجعل من طرفي الحكم ( المجلس السيادي ومجلس الوزراء ) بديل يمارس مهام ذلك المجلس وغيبت كذلك بقية المطالب والاهداف .
وليس هذا وحده فمن خلال هذه الفترة الإنتقالية إجتمعت بها متناقضات سياسية لم تحدث إلا للضعف بائن بسبب العجز الإبداعي والتنظيري من قبل المثقفين السياسيين ، ( لأول مرة في التاريخ نجد أن شعباً ما يثور ضد نظام ثم يشارك ذات النظام بل ومتخذاً سياساته الإقتصادية والأمنية حلاً يسعي من خلالها للتغيير ) .
خرجت جماهير مختلفه الأهداف في تفاصيلها ولكنها ناشدة لمطالب الثورة الأولي ، وهي جماهير ساخطة علي الحكومة ومدركة كذلك أن ما يحدث من حالة رغبة الخروج العلني لأذيال حكم البشير مرده إلي ضعف الأداء الإنتقالي وغياب المنهج البديل .
تتمظهر المشكلة اليوم من جديد لاعادة تقييم الاداء الحكومي و ليس بدعاوي معتصمي القصر الذين فرضوا انفسهم في المعادلة عن طريق تجزئة المشكلة الوطنية عبر المسارات ، و بظهور الأمين داؤود علي منصة اعتصام القصر الجمهوري اليوم تصبح قضية شرق السودان عملياً خارج خدمة الحكومة التنفيذية الحالية .
الوضع يحتاج إلي مقاربة جديدة ونظرة شاملة من خارج إطار تقييم الحشد ولن تُعالج بمائدة رئيس الوزراء المستديرة .
نحتاج إلي منهج ورؤية جديدة تتطلب حصافة وإتزان وإجابات مُلِحة :
- تم إستقبال رئيس الوزراء في ( كاودا ) إستقبال رئيس زائر لدولة أُخري .
- كما تم إستقباله في فرنسا من قبل عبد الواحد كمواطن عادي .
- وهو الآن يطرح مائدة مستديرة وسيجلس في قضية الشرق كمواطن عادي بل ستكون المنصة عند الوساطة الدولية التي طالب بها ( ترك ) !
- بإلقاء هذه النظرة العابرة علي المواكب نجد أن أهم خلاف يقع بين الساسة هو خلاف حول تنفيذ مشروع لم يتم التنظير له .
وهذه أكبر كارثة تواجه الشعب السوداني اليوم وهو الذي خرج مُدركاً لهذا العوار الشائه البائن الذي يقبع عبر وجه ساستنا اليوم ، ويبين اختناق شامل للافكار التي تخرجنا من كنف الأزمة .
بينت سنين الإنتقالية أن الجماهير الثورية تواجه أعداءها من الداخل بين المواكب وأعداءها من الخارج في الإقليم والمتربصين من المجتمع الدولي .
في ظل هذ المخاطر الماحقة و في هذه المرحلة المفصلية يبدو أن خُطي التأسيس للمجتمع المدني تسير ببطء وبرغم رسوخها تحتاج إلي سرعة إبراز الحلول عبر مشروع يتجاوز كل تاجر سياسي ويبقي علي الوطنيين الخُلص من أجل ترميم ما تبقي من الفترة الإنتقالية .
هذا الطريق نحن بحاجة إليه وبرغم عدم إكتمال معالمه الا أن ملامحه واضحة في إصرار هذا الجيل وهذا الطريق يمكننا تسميته ( بالطريق الثالث ) ، وسيُشق بإرادة وطنية سياسية سبقتها تضحيات وهو طريق يبدأ بالتفكير والإلتقاء حول بؤرة ثقافية سياسية في نواة #المشروع_الوطني .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة