بالأمس كان الرابح الأكبر هو الشعب السوداني، الذي أثبت انه شعبٌ أصيلٌ ونبيل...ومعلم... والخاسر الأكبر كانوا هم دعاة التحريض والفتنة والفرقة والتطرف والعنف والاشلاء والدماء الذين خاب فألهم وطاش سهمهم... وهناك خاسرٌ صغير آخر هو تلفزيون السودان القومي...الذي سقط (بامتياز) في امتحان المهنية... خرجوا بالملايين في وقتٍ واحد...في كل مدن السودان واريافه في ذكرى أكتوبر الأخضر... ورغم الانقسام والتباين، حرص الجميع على السلمية... كانت الهتافات متنوعة...ومتعارضة ومتناقضة...بعضها حادٌ ومتشنج...ولكنها لم تخرج عن كونها هتافات... حتى هتافات اولئك المعتصمين على مشارف القصر... واروع ما في الامر هو ان الكل كانوا يلوحون بعلم السودان... وقد وصلت الرسالة للمعنيين في الداخل والخارج... وهي ان السودانيين قد يختلفون...ولكنهم بعد ما ذاقوه من جراحات وويلات الحروب لن يقتتلوا... تدفقت الملايين الى الشوارع، تحركت بنظامٍ وانتظام لثماني ساعات... السانات، والراستات والجيل الراكب راسو... الكهول والشيوخ والأطفال والنساء.... حتى المرضى واصحاب الاحتياجات الخاصة وضعوا بصمتهم في ذلك اليوم... مشى الكل عشرات الأميال...غنوا...رقصوا...هتفوا...لوحوا باعلام السودان... وعبروا عن مشاعرهم وآمالهم.... ورابض آخرون في بقعة اعتصامهم ولم يغادروها... هتفوا...رددوا الاغنيات والاهازيح...واستمعوا للخطب النارية... ولكن في آخر الليلة عاد الكل بهدوء الى منازلهم وهم يشعرون بالفخر... وحق لهم ان يفخروا... ولو كان غيرهم...لسالت الدماء انهاراً... انه شعب السودان المعلم... هاهو من جديد كعادته...يعطى لشعوب العالم درساً بليغاً في الوطنية والمحافظة على الأوطان... كانت قلوب المخلصين قد بلغت الحناجر...خوفاً على الوطن من المصير المجهول... ولكن لا خوف بعد اليوم... فهولاء واولئك أثبتوا انهم لن يبيعوا وطنهم بثمنٍ بخس... والرسالة التي وضعوها في بريد (اهل ساس يسوس)...كانت واضحة وبليغة: ان لا بديل للمدنية الا المدنية... ولا بديل للديمقراطية الا المزيد من الديمقراطية... فيا فرقاء الانتقال اعقلوا... تلفتوا... فالحصة وطن....
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة