كثيرا ما يراودنا سؤال عن لماذا لا يستقيل المسئوليين في السودان رغم ما يعتري اداءهم من فشل و فساد و احفاقات اخرى لا حد لها و لا حصر واوضح من الشمس في كبد السماء حتى للذي اصابه رمد العيون و سقم الافواه. و تكاد حالات الاستقالة في هذه البلاد تعد على اصابع اليد الواحدة و يذكر الناس اهلها بالخير و البركة و حسن الثناء بعد ان ضرب اولئك المستقييلون اروع المثل في الاباء و التفاني و صون كرامة النفس و عزة الروح فمشت بذكرهم الركبان و تحدثت عنهم المجالس و لاتزال , متمثلين قول السمؤل بن عاديا: اذا المرء لم يدنس من اللوم عرضه فكل رداء يرتديه جميل و ان هو لم يحمل على النفس ضيمها فليس الى حسن الثناء سبيل فمن منا لا يذكر الدكتور محمد يوسف ابو حريرة و الذي لم يتوانى عن ركل الاستوزار و بهرجة السلطة بعد ان اراده السادة ان يبيع الشعب لتماسيح التجار و يهب التصاديق للانسباء و الاقارب و الاصهار و ان يبيع الاغاثة في السوق و يحتكر البضاعة لاراذل الطائفية و اهل الحظوة من اهل القرى ومن حولها فكان كمن يرد عليهم بقول شاعر الشعب : ماني الوليد العاق لاخنت لا سراق ليتقدم بعدها باستقالته و يرميها في وجوههم النتنة المكفهرة و التي تعتريها القترة, و يمضي بعدها مرفوع الراس يتبختر بين الناس و لتظل ذكراه نبراسا للشرفاء و نارا تحرق الدهاقنة من اهل النفاق ! و على النقيض من ذلك انظروا ماذا نزل علينا و من حل بنا , لياتينا وزير من جماعة متزمتة متطرفة متشددة كل شئ عندها حرام و كل جميل لديها مكروه و كل عذب في عرفها مباح مع الكراهة’ و كل من يعمل عملا ايا كان فعليه القضاء و الكفارة ,جماعة سدت كل واسع و تنطعت بكل معنى فلا ظهرا ابقت و لا ارضا قطعت سوى نشاف ريق شعبنا المسكين,و الذي يرى وزير هذه الفئة و هو يرعى التماثيل و الاصنام و الجفان و يقضى ايامه بين رقيص الفنون الشعبية و هجيج الجاز و تصاوير و رسومات خلق الله و معابد الاله امون رع و اباداماك و قبور الكنداكة و اضرحة بعانخي بعد ان قصدت الحكومة الشاطرة احراجهم بمثل هكذا مناصب لتوضح للناس انو الحكاية ما زي ما الناس(فاكرينها)و اننا كلنا في حب السلطة و الجاه شرق,. و لا يكتفي ذلك الوزير بذلك بل ياتينا باكيا يوم جمعة سائلا الله عز و جل ان يفغر له و للاله الاوقات التي قضاها في ذلك الفجور بزعمه و الاثم و يبكى بكاء مرا يخجل من كذبه اخوة يوسف اذ جاءوا اباهم عشاء يبكون, و نحن نقول له و من لمثله (الجابركم عليها شنو يا شيخنا))؟ و تمضي الايام لتنهار العمارات و السوامق في سنوات التيه و الظلام بسبب اللهط و السرقة و التلاعب في المواصفات ’ ليكون جزاء وزير الداخلية وقتها الترقية و استراحة محارب و التعيين وزيراً من جديد و يا دار ما دخلك شرٌ!!
و تتعدد الامثلة في ذلك الزمان الأغبر ليأتي زمن حسبناه جديداً و مليئاً بروح الثورة و التغيير و لكن ’ كان حالنا كحال ابي البقاء الرندى الذي نعى الاندلس ’ كما ننعى نحن الان هذه الحكومة السارقة و الفاسدة’ و التي تتدثر برداء الثورة و تتلون بدماء الشهداء الطاهرة الزكية ’ و هو يقول: لكل شئ اذا ما تم نُقصانُ فلا يُغر بطيب العيش انسانُ هي الامور كما شاهدتُها دولُ من سرٌه زمن ساءته أزمانُ فأحد الوزراء يتورط في علاج شقيقته بمال الثورة و بعد اكتشافه ’ يدعي بدم بارد انه لم يكن يعلم و بعدها تتم الاطاحة بكبش فداء كما جرت العادة في بلاد السارقين و اللصوص بمختلف مسمياتهم و لا يستقيل احد’ و لا عجب!! و بعدها تتورط وزيرة هي الاخرى في تعيين الزميلات و الصديقات و (الفرد) و بعد العلم بذلك يختفي كل شئ و تذرف الدموع و ينفض سامر القوم. كما تضرب الفوضى باطنابها في بعثاتنا الدبلوماسية الخارجية و لا يكترث احد للامر بكل ما ما فيه من تجاوزات و لعب على الذقون ’ مثل نفس اللعب الذي مارسته تلك الدقون سابقاً’ و لم يتغير شئ و لن يتغير ما لم يغيير الناس ما في نفوسهم! ان كابينة القيادة الحالية تفتقد لشرف المواجهة و كرامة الاعتذار و شجاعة الاستقالة’ و تعوزها بصورة حادة القدرة على الاعتراف بالفشل’ فرئيسها يخشى من غضبة القوم اذا اقالهم’ و هم بدمهم الثقيل و شعورهم المتحجر لن يستقيلوا حتى يلج الجمل في سم الخياط’ و بالتالي فان ساقية جحا ستستمر في الدوران الي ما لانهاية’ و حتما ستاتي النهاية!!