تؤكد ابحاث الانثروبولوجيا ان وجود القانون اقترن بظهور اول اشكال الحياة الاجتماعية’ حيث تضطر حاجة الافراد الي ان يتشكلوا في هيئات اجتماعية يتعاونون من خلالها على ضمان البقاء و تامين الحياة و توفير الامن و الغذاء و الحماية و ارساء قيم التضامن و التكافل بكل معانيه. و يتمثل دور القانون في حل ما ينشاء او ما يمكن ان يننشاء من نزاعات بين اعضاء تلك الجماعة و المنظومة الثقافية البشرية ذات التكوين التقابلي و التنظري المعلوم بحدوده المكانية و الزمانية و الجغرافية الواضحة,و يكاد يجمع االجميع ان الاعراف و التقاليد و التراث الشعببي شككل المادة الاولى لكل القوانين و تكاد بعض الشعوب مثل مجتمعات شرق اسيا و لشدة ايمانها بالتراث و القيم تزهد في القانون و ترى ان الثقافة البوذيية و الطاويية و الكنفوشيسية وفرت ما يحتاجونه من ارواء ثقافي و فكري و ادبي و روحي و جعلتهم يسمون على النزاع منداحين في عوالم النيرفانا و السامسارا و عدم ايذاء الحيوانات و الاشياء ناهيك عن البشر, و بالتالي رسوخ تلك النزعة الروحانية و السمو الوجداني في عقلهم الجمعي و تركيبتهم الذهنية الجماعية و الخلفية الثقافية ذات التكوين متعدد الطبقة و متناظر القواعد ذو البناء الحدي المنشطر على امتداد الذاكرة الشعبية و الغناء التراثي و الادب االشفاهي و المتمثل في المتداول و المنقول من الافكار المؤيدة لتلك الثقافة و القيم اللراسخة و المتجذرة الي اليوم. و في المقابل عرف الرومان بانهمم اهل القانون بسبب اتساع الامبراطورية و القلاقل و الفتن و الانقلابات و التعدد الثقافي’ فيما ظهرت في ارض ما بين النهرين الراقية المدونات القانونية الشهيرة باسماء ملوكها مثل حمورابي و جوستنيان و جوليا و كورنيليا. و من اللطيف ان اعتى الملوك مثل حمورابي قد نسب قوانينه للاله شمس حتى يضمن طاعتها و الانقياد لها . و القانون بدون ثقافة صدقوني لن يخطو للامام خطوة واحدة, و القانون دون استصحابه للتعدد الثقافي سيكون كسيحا و هذا ما يدخل في باب التثاقف او التثاقف التشريعي تحديدا و هو بالظبط ما فشلنا فيه و بل و ادمنا الفشل و لا نزال.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة