|
قوس قزح بقلم علي بلدو
|
07:24 AM November, 17 2019 سودانيز اون لاين علي بلدو-السودان مكتبتى رابط مختصر
اقوال اخرى
عندما يري الناس السماء و هي تتلبد بالغيوم و تنزوي زرقتها لتجتاحها جحافل بخار الماء ’ يدرك الجميع باستثناء المحليات و معتمدي زمن الغفلة هذا , ان الخريف قد ازف و ما يلبثون ان يتنسمون الدعاش و رائحة الجريف و اللوبيا و عطر الارض السرمدي و اريجه الفواح و اللانهائي. و ما ان يتنزل مطر السماء زخات و زخات و كانه اللجين ليختتلط بتبر الارض البكر فيثمر الضرع و الزرع و تتبدى تلك الالوان البديعة في نسختها الطبيعية الخاالصة, فلا هي بزيتية و لا خشبية و لا مائيية و انما قزحية بقوسها الممدود من السماء للارض و يتجلى صوت المطر بابهى صوره . و كم كنا و نحن صغار ان نصل لطرفه الاخر في الافق و نتمنى تلك الاماني المستحيلة و لعل البعض لا يزال ييتمناها حتى الان, و ذلك كله قبل ان نرى الخريف نفسه و ههو ينضب و النهر ذاته و هو يجف و تموت الجروف عطشا و النيل يتهادى بجوارها و لكنه فشلنا و اخفاقنا و الارض و جورها. عاد ذلك القوس لنا بصوره المختلفة و اشكاله المتباينه ’ و بعد ان ولجنا مهنة الطب, و يا ليتنا لم نلج راينا لونه الاحمر مثل لون الدم الذي سال في نبطشيات حوادث الجراحة و النساء و التوليد و العظام, و راينا الناس و هم يدقون الدلجة خوفا منه و من رائحته. و تتهادى زجاجات الدم المعلقة و كانها اعلام لدول لم يسمع بها احد, وو نرى فيه لونا للحرية و الانعتاق:
وللحرية الحمراء باب بكل يد مضرجة يدق و نتمنى ان يفتح الله باب شعبنا و الذي كل متنه من الدق. و اما البنفسجي و هو لون المبالغة لدىى من يصابون باالهستريا و الدرامات و ناس(يا جماعة شوفوني) و تقديس الذات و النرجسية و اللعب على الذقون و ذلك كله, قبل ان تصبح الذقون نفسها مجيدة لفنون اللعب و التلاعب . الاصفر ياتينا بالتهاب الصفراء و الكبد لدى سكان المناطق المروية و الذين يدفعون عمرهم فداء لللارض و يكتوون بالنار لذلك الاصفرار فيزيدهم وهنا على وهن. كما ان الازرق للدم الراجع و الاحتقان و اشارات ما بعد الوفاة كالزرقة الرمية و نهاية المشوار في هذه الفانية ’ و يمثل اشارة لتعب النفس و مشاكل الجهاز التنفسي و القلبي الوعائي و نذيرا بالخطر و خاصة لدى الاطفال و اليافعين. و لعل في شكل الانسان نفسه قوسا اخر و رقعا و جبة الهية ما بين سواد الشعر و ابيضاضه, و حمرة اللثة و الشفاة و زرقة الجلد و عسلية العيون و اصفرار الاظافر و غيرها , و كاننا كلنا اقواس تمشي على الارض تحت مطر الفجيعة و رعد الوهم و زخات الفشل و نزاعات المصالح. و رغم تلك الاقواس كلها الا ان سهامنا لم تصب احد سوانا شرقا و غربا و جنوبا و اصبحنا كالكسعي , و الذي لم ندركه اننا لا نزال نواصل الرمي و لم نسال انفسنا من االذي ورطنا و اتانا بكل تلك السهام الضاربة؟
|
|
|
|
|
|