في الوقت الذي تناضل فيه الكثير من الأقلام في ساحة الإعلام الثقافي و الفني من أجل محاربة التغوُّل على حقوق الغير ، و الحد من ظاهرة قعود الكثير من الفنانين الشباب عن الإبتكار و التجديد و الإنتاج بفعل إجترار و تكرار أغاني عمالقة الفن الذين سبقوا ، مما أقعد بمسيرة الأغنية السودانية و أعاق تطورها و جنوحها نحوالتجديد ، يُفاجئنا الشاعر المطبوع الفاتح حمدتو بغزو أدبي جديد يطعن هذه المرة في خاصرة القصيدة الوطنية السودانية ( وطن الجدود ) لمحمد عوض الكريم القرشي ، و التي أعتبرها شخصياً ملحمة وطنية صادقة و كاملة الدسم في ( شكلها و معناها ) و لا تحتاج لأي نوع من الإضافات أو المعالجات ، شاهدتها تُبث مباشرةً عبر شاشة قناة أنغام الفضائية في إحتفال تكريم برنامج نجوم الموسم للعام 2016 ، و قدمت المذيعة هذا النشيد دون ذكر مؤلفها صاحب السبق في إبداعها و إكتفت بالإشارة إلى أن الأغنية تم إعادة صياغتها بنفس اللحن عبر إضافة حوالي 12 بيتاً شعرياً من تأليف الأستاذ حمدتو ، هذا الرجل الذي لا نشكك في شاعريته و حسه الإبداعي المرهف و قدرته على الإنتاج و التعاون مع كثير من الفنانين الشباب الذين حققوا نجاحاً باهراً و ملحوظاً على الساحة ، غير أن واجبات الحق الأدبي و الملكية الفكرية تحتم أن يتم إستئذان صاحب النص أو ورثته أو وكيله القانوني ، هذا من ناحية و من ناحية أخرى نؤكد على عدم قناعتنا الشخصية ( بإبتداع ) هذا المسلك الجديد في قضية التحلق حول إبداعات الغير ، لقناعتنا بأنه لا يفيد تقدم مسيرة القصيدة الغنائية ، فالساحة محتاجة إلى الجديد بكل مكوناته الشكلية و الضمنية ، و ما مضى من إبداع جميل فقد مضى و وجب علينا أن نحفظه في قالبه الأصلي و بمواصفاته التي أخرجها به صانعوه الأوائل ، لأن في ذلك حفظ للتراث و منع للتزوير ، كما أن الإضافة في مواعين الغير في أغلب الأحيان لا تستطيع أن تُعبِّر عن شخصياتهم الفنية ومعارفهم الفكرية تعبيراً حقيقياً ، فمحمد عوض الكريم القرشي قال قصيدته الشامخة ( وطن الجدود ) و أشعلها ألقاً لحنياً و موسيقياً الفنان القامة عثمان الشفيع ، و قدَّماها للجمهور فتذوقها و رفع من مقامها حتى تخلَّدت و بقيت تلهب مشاعرنا الوطنية حتى يومنا هذا ، وقصتها أيي ( وطن الجدود ) وجب أن تقف ههنا ، ليبدأ مبدعونا من شعراء و فنانين و ملحنين مسيرتهم الخاصة عبر أفكارهم و إبداعهم الشخصي ليواصلوا المسيرة على نفس المنوال ، لا و ألف لا لفتح باب في هذا المضمار الحساس ، فكل ظاهرة تبدأ ببدعة ، فإن إنكفأ الشعراء المعاصرون في مجال الأغنية على ( موضة ) التنقيب في الأشعار الخاصة بأغنياتنا الناجحة و الخالدة ليُعملوا عليها معالجاتهم و إضافاتهم وقعنا في نفس الشرك الذي نعاني منه الآن و المتعلق بمكوث كثير من الفنانين الشباب و غير الشباب أزماناً عديدة و سنين طويلة في محطة تقليد الكبار .. دعوا ما خلَّدته الأمة من أشعار غنائية و أتحِفونا بجديدكم ، بغير ذلك لا ضمان لمستقبل الإبداع الشعري و الغنائي في ىالسودان .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة