حسب خبر نشرته أمس الأول الزميلة "الصيحة"، حزب المؤتمر الوطني عقد اجتماعاً سرياً مع نوابه في البرلمان، وأمرهم بعدم إثارة أية مُلاحظات سالبة خلال مُناقشة مُوازنة الدولة للعام القادم 2017، والاكتفاء – فقط - بإبراز محاسن المُوازنة. بمُوجب هذا الالتزام الحزبي؛ فإنّ على السادة نواب البرلمان المُنتمين إلى المؤتمر الوطني أن يغلقوا عقولهم، ويشفِّروها، ويسلموا المفاتيح والشفرة إلى الحزب.. وفي مثل هذه الحالة العتب ليس على الحزب بل على رجال ونساء بلغوا الرشد، ولهم كامل الأهلية، و(يفترض) أنّ ناخبيهم وضعوا فيهم الثقة؛ ليمثلوا دوائرهم لا الحزب فيخونوا الأمانة!.. والله العظيم ثلاثاً.. أمرٌ يدعو إلى الخجل قبل الحسرة.. لا أتصوّر أن يرضى نائبٌ مُحترمٌ بمثل هذا التوجيه.. إلا إذا كانت أعناق الرجال يطأطئها رنين الدراهم، وزجر الأوامر. لكن – بصراحة - الأمر يتسق مع مفاهيم حزب المؤتمر الوطني، الذي كررت – هنا - أكثر من مرة أنه يُدير مُؤسّسات (صورية).. يحكمها رأي واحد يردده الباقون كـ (الكورال) بلا أدنى تفرس، أو تفكير. من المُفترض أنّ البرلمان مُؤسّسة تمثل الشعب، وتجسد سلطة مستقلة في مقابل السلطتين الأخريين.. تحرس مصالح الشعب، وترفع صوته بلسان مبين دون أدنى اعتبار لمصالح الحزب.. لكن عندما يأتمر النواب بأمر الحزب في أمر جلل مثل مُوازنة الدولة... وهي عبارة عن برنامج الدولة كلها لمدة عام كامل.. فإنّ ذلك يعني – عملياً - أنّ البرلمان مُؤسّسة فارغة المضمون.. تكلف الشعب السوداني مصروفات مهوولة مقابل لا شيء.. والأجدر أن تحكم الحكومة بلا برلمان على الأقل تُوفِّر نفقاته الباهظة.. بل والزمن المُهدر في مُداولات صورية منزوعة العقل والرشد. حزب متفرد بالسلطة، ويحوز على الأغلبية الكاسحة في البرلمان يعجز عن (إقناع) نوابه بسلامة المُوازنة!، كيف يقنع الشعب السوداني الكبير؟!؛ فأهل البيت غير قادرين على الاقتناع بمشروع الموازنة للدرجة التي يضطر فيها الحزب أن يحمل في يده الكرباج، ويفرقعه في الهواء، ويطلب من نوابه الدخول إلى الحظيرة.. لـ (يبصموا)!، كَمن يَجهل الكتابة والقراءة. في تقديري الأمر سَهلٌ، (أدّيناكم خاطرنا) لا حاجة لمُناقشة الموازنة ولا قراءة أولى ولا عاشرة.. اعتبروها مُجازة.. فهي – أصلاً - مجرد أوراق تحوي جداول لا تعني شيئاً.. ولا ترقى إلى درجة القانون.. فقد رأينا في مرات سابقة كيف أن الحكومة مزّقتها، وخرجت عن نصها قبل أن يجف صدى تصفيق النواب الذين أجازوها بالتكبير والتهليل. المصيبة أنّ هذا البرلمان سيتضخّم عدداً بنوابٍ جُددٍ يُمارسون الإحماء الآن.. بالله عليكم.. من أين أتى هؤلاء.. النواب؟! altayar
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة