ما يدعو للتأمُّل، بالإضافة إلى سوء الأحوال في بلدان الشّامي واليمني، ما ترى من جقلبة هؤلاء، من جراء العِصيان المدني.. هذه الجقلبة لم تبدأ بعد إعلان الشباب للعصيان، وإنما هي جقلبة تتجذر في التاريخ، منذ قولتهم الشهيرة، بأن الخرطوم ليست تونس، ولا طرابلس، ولا بغداد، ولا هي صنعاء أو عدن، مع أنهم قالوا في أناشيد الصحوة: (بين ليبيا والسودان، والعراق واليمن، قفزة إلى الأمام فوق هامة الزمن)! وقلنا خير.. بعد شوية عبّروا عن خشيتهم من أن نلحق الزّينين، فتصيب بلادنا عدوى الربيع العربي.. ثم توالت تهديدات الكيان الحزبي الحاكم لكافة أطياف المعارضة، من مغبة التلاعب بالنار، مع دمغ الحراك الشعبي السلمي بالعلمانية، وموالاة الغرب وقبض الثمن من إسرائيل.. وقال حسبو ما معناه، إن هناك مُخططاً لإلحاق السودان بأقطار الربيع العربي، وإن لم يُحسم أمر أولئك المُتفسبِكين، فإن مصير السودان سيكون مشابهاً لمصائر بلدان مثل سوريا والعراق وأفغانستان، وبرضو قلنا خير، وصدقناكم يا مؤمنين. حتى المتفسبكين وروّاد تويتر والانستغرام، لم يتداعوا إلى الشوارع، بل عدّلوا عن وسائل النضال القديمة المُجرّبة، التي كانت تتمثل قديماً في التظاهر والهتاف.. ذاك الشباب، غير المرئي، عدّل عن فكرة الشارع واستبدلها بالعصيان.. شباب غير مرئي وحردان من النزول للشارع، ومن وسائله القبوع داخل البيوت، لا يكلمونكم ولا يخرِّبون، بل ينظرون إليكم من خلف التغريدات.. قلتم بأن السودان غشيه الربيع العربي منذ عهد التمكين، وقلنا مش بطال إذ أن بعضكم يؤكد أن ربيع المنطقة العربية قد جاء متأخراً، لأجل تمكين أحزابكم الشبيهة في بقية البلدان. أفتيتم بحرمة المظاهرات، ولكن بقاء الشباب خلف كواليس البيوت، هزّ وتر الأمكنة، فإذا بكم تبطبطون من بقائهم في بيوتهم.. وصفتم العصيان بأنه فاشل، بينما تم تشميع قناة حسين خوجلي.. ثارت ثائرتكم وقلتم للشباب أكان رُجال أمرقوا لينا في الشارع، طالعونا في الخلا! بعد تنفيذ الشباب لعصيانهم المدني، دلقتم حبراً كثيفاً للتأكيد على أنه فاشل، وأنه لا يعنيكم في شيء.. الآن تستعد الخرطوم لوضع جديد، بعد عودة المياه إلى مجاريها بينكم وبين وساطة الإيقاد، فقد زاركم أمبيكي بليل، ووضع على الطاولة أطروحة توصيل العون الإنساني للمنطقتين، مع تعمية مقصودة، على مسار المباحثات الجارية، من أجل استكمال ما بدأه إبراهيم محمود وياسر عرمان في أديس.. ربما خشية من المتنطعين، أو خوفاً من المتطرفين، هناك إنكار تام لما يقال عن تحقيق تفاهمات مع الحركات، التي يُتوقّع أن تأتي للمشاركة في الحكومة الجديدة. الخرطوم الآن بصدد إجازة الموازنة السنوية، بعد استلطاف واستعطاف للجماهير، بأن تتذرع بالصبر بعد قرارات رفع الدعم عن كل شيء.. وقبل أن يجف مداد رفع الدعم، يتحدثون داخل أروقة الحزب الحاكم، وفي الصحف، عن بشريات الميزانية.. كل هذا متوقع منكم في هذه المرحلة، لكن ما الذي حدث للسيد أحمد نهار؟.. الزّول دا (كبّر اللّفة) وأدلى بتصريح يقول فيه، بأنه لا بديل للمؤتمر الوطني، إلا المؤتمر الوطني.. طيِّب يا نَهار.. إنت انشققت مثل قمر السّبعتين مِن حزب الصادق المهدي وعملت ليك حِزب، عشان تكون بديل، واللّا عشان عاوِز تبيع طَماطِم؟
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة