:: حدث وحديث وبينهما عامل مشترك ..فالحدث هو أن بعض نواب البرلمان زاروا منطقة العلاماب العشوائية التي أزالتها السلطات بمحلية شرق النيل، ثم ذرفوا الدموع هناك وهم يستمعون إلى شكاوي المتضررين من الإزالة..أهل العلاماب نموذج لمن يأتون من أرياف البلد المكتوية بنار الحرب والفقر، ثم يختارون أقرب الأماكن إلى أحياء المدينة، ويشيدون فيها بيوتهم ومدارسهم ومساجدهم كيفما إتفقت مساحاتها ومسارات الشوارع..ولا تكتشف السلطات عشوائية قراهم إلا بعد أن ترتفع كثافتها السكانية، ثم تجرفها ليبكي النواب ..!! :: أما الحديث، فهو إعلان وزير الخارجية إبراهيم غندور لدعمه اللا محدود لمقترح نقل العاصمة من الخرطوم .. والعامل المشترك بين دموع النواب و إعلان غندور هو فشل أجهزة الدولة التشريعية والتنفيذية عن التوزيع العادل للتنمية والخدمات بحيث لا ينزح النازح إلى العاصمة بحثاً عن الحياة.. فالنزوح إلى الخرطوم يزعج غندور لحد دعم مقترح نقل العاصمة من الخرطوم، وكذلك يُحزن نواب البرلمان لحد البكاء حين تُزال قرية النازحين ..ولكن نقل العاصمة ليس حلاً لإنزعاج غندور، ولا الدموع حلاً لحزن نواب البرلمان ..!! :: بعد التوقيع على نيفاشا، سبق قرنق إلى الخرطوم الشعار الأشهر ( نقل المدينة إلى الريف)..لم يطالب بنقل العاصمة من الخرطوم كما يفكر غندور ويدعم التفكير، ولم يتباكى على أحوال النازحين إلى العاصمة حين تزال قراهم كما يفعل نواب البرلمان .. لم يكن سطحياً في التفكير، بل كان يرى أن حل القضية هو (نقل المدينة إلى الريف)..وشتان ما بين فكر قرنق و تفكير غندور، كالفرق بين الثرى و الثريا.. فالعاصمة هي المنطقة التي تدار منها حكم البلاد وفيها مؤسسات الدولة السيادية ووزاراتها، فهب أن الخليج أو الصين أكرمتنا بتكاليف نقل العاصمة إلى طوكر أو أم روابة، فهل بهذا النقل يكون قد تم حل قضية النزوح حلاً جذرياً ..؟؟ :: نقل العاصمة إلى أي مكان نوع ما هو إلا نقل لقضية النزوح من الخرطوم إلى ذاك المكان .. وطرح هذا المقترح أو دعمه كحل لقضية النزوح نوع من (العرض خارج الزفة)، أو كمن يجتهد في تغطية أشعة الشمس بالغربال ..فالحل الجذري لقضية النزوح هو ( نقل المدينة إلى الريف)، بالسلام الشامل والتنمية العادلة .. نقل المدينة إلى الريف هو توفير مناخ الإنتاج بالولايات وأريافها بحيث لا تنزح سنوياً مئات الآلاف من سواعد القابضة على المعاول والمحراث إلى العاصمة والمدن لتبيع ( الطواقي والمساويك)، أو لتتاجر في سوق الدولار و (البيع بالكِسر)..!! :: ونقل المدينة إلى الريف هو العدل في توزيع الخدمات، بحيث لاتتوافد شهرياً إلى الخرطوم و المدن الأخرى الملايين الباحثة عن العلاج والتعليم والعمل..ونقل المدينة إلى الريف هو إعلاء روح السلام والإنتاج في كل ربوع البلاد بحيث تستوعب كل عقول وسواعد أهلها.. تلك هي بعض معالم وملامح شعار نقل المدينة إلى الريف، أي توفير مناخ السلام والإنتاج في كل أرجاء السودان ثم توفير العدل والمساواة عند توزيع الخدمات، بحيث يأتي انسان الريف إلى العاصمة (زائراً) وليس ( مقيماً) .. وتلك هي الحلول الجذرية، و ليس ذرف دموع التماسيح أو دعم إقتراح ( البصيرة أم حمد )..!!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة