وكيل وزارة العدل: لم يكن هناك إهمال والصرف تم وفقاً للإجراءات المالية الشاكي: قرار الوكيل حوى الكثير من الفقرات التي تناقض قرار الوزير أسدل وكيل وزارة العدل، أحمد عباس الرزم، الستار على قضية أموال إزالة المسكيت بمشروع القاش الزراعي بولاية كسلا التي ظل ملفها على سطح الأحداث منذ ستة أعوام، وذلك حينما قرر شطب البلاغ رقم 2736 المقدم من الشاكي طه محمد موسى، بدعوى عدم توفر بينة أولية كافية لمواد الاتهام في مواجهة المتهمين، ورغم القرار الوزاري إلا أن ثمة متناقضات تحيط بهذا الملف منذ تفجره وحتى إغلاقه الأخير، ليظل السؤال قائماً، هل أوفت الشركات موضع الاتهام بشروط العطاء وإزالة المسكيت نظير ثمانية وستين مليون جنيه “مليار”، وهل جاء قرار الوكيل الأخير مناقضاً لقرار وزير العدل في مارس الماضي؟ تناقضات واضحة ملخص القضية أن بلاغًا تقدم به المزارع طه محمد موسى في العام 2010 ضد إدارة مشروع القاش وشركتين من الشركات، حيث اتهم هذه الجهات بإهدار المبلغ الذي تم تخصيصه لإزالة المسكيت بمشروع القاش، حيث دونت نيابة المال العام بكسلا بلاغات ضد أكثر من عشرة متهمين تم إيداعهم السجن، ثم أطلق سراحهم لاحقاً بقرار من المدعي العام الذي أكد عدم وجود أسباب كافية تبرر السير في القضية، وقرر شطب البلاغ، إلا أن تطورات لافتة حدثت في النصف الأول من هذا العام عززت من البلاغ الذي تقدم به الشاكي طه محمد موسى.
وزير العدل يتدخل التطورات المفاجئة جاءت من خلال ثنايا قرار وزير العدل رقم (86) الصادر في الثاني من شهر مارس من هذا العام بخصوص الدعوى الجنائية رقم 2736 المقدمة من الشاكي طه محمد موسى ضد الحاج عطوة تاج السر وآخرين، حيث أشار الوزير إلى أن الطيب أحمد محمد العباس المحامي تقدم إنابة عن الشاكي بطلب ضد قرار العام المدعي العام والذي قضي بشطب الدعوى لعدم وجود أسباب كافية تبرر السير فيها، وجاء في قرار وزير العدل: وهو طلب قبلناه من حيث الشكل لتقديمه في المواعيد المقررة، وبعد الاطلاع على المحضر نجد أن به عددا من الصفحات مفقودة، وهو أمر سنعود له في آخر القرار ، ويشير الوزير في قراره الى أنه وبعد الاطلاع على الأوراق والمستندات المرفقة فإن الوقائع تتمثل في أن الشاكي قدم بلاغاً لوزير العدل تمت إحالته للنيابة المختصة لإجراء التحري، حيث تم اتخاذ إجراءات تحرٍّ أولي أفاد فيها الشاكي طه محمد موسى أن إدارة مشروع القاش أعلنت في عام (2005) عن عطاء لإزالة أشجار المسكيت بالمشروع، وأن من ضمن الشروط أن يتم ذلك بالآلات الحديثة ورسى العطاء على شركة سويتش بمساحة خمسين ألف فدان بقيمة إجمالية بلغت أربعين مليوناً من الجنيهات وأضيفت لها خمسة وعشرون ألف فدان أخرى.
ومضى وزير العدل في تفسير قراره مضيفاً: وزير المالية بالولاية قرر إضافة شركة أخرى تسمى الرويان بدون إجراءات عطاء، ومنحها حق نظافة خمسة وثلاثين ألف فدان ولشركة سويتش نظافة أربعين ألفاً ولم تفِ الشركتان بما تم الاتفاق عليه، حيث لم تتم الإزالة بالآلات الحديثة وقد تعاقدت شركة الرويان مع مقاولين محليين للإزالة يدوياً مع وجود مساحات مُنحت بصورة صورية للنظافة. هذه هي الوقائع كما وردت على لسان الشاكي، وقد تم سماع إفادة ثلاثة وعشرين شاهداً أيدت إفاداتهم ما ذهب إليه، وأحيلت المستندات لممثل المراجع العام الذي أيد الكثير مما ورد في الأقوال، وبناء على ذلك وجه وكيل النيابة التهمة لأحد عشر متهماً، وأيد القرار رئيس النيابة العامة. طعن وإخلاء سبيل ويمضي وزير العدل في قراره مشيراً إلى أنه وإثر طعن قُدم للمدعي العام أصدر أمر بإخلاء سبيل كافة المتهمين بكفالة لحين إصدار القرار النهائي في الطلب كما أمر بتشكيل لجنة من خبراء لدراسة الأمر، وانتهت اللجنة إلى أن الشركتين لم تقوما بالعمل المطلوب في 80% من المساحة التي كان يفترض أن تتم إزالة أشجار المسكيت منها، وبعد ذلك أصدر المدعي العام قراره الذي قضى بشطب الدعوى بحسبان أن إجراءات العطاء كانت صحيحة، حيث بُنيت على عقود وثّقتها الإدارة القانونية بولاية كسلا، وبالتالي فإن النزاع بشأنها تختص به المحكمة المدنية.
اتفاق ولكن! ويمضي وزير العدل في فقرات قراره ويضيف: نتفق مع المدعي العام حول أن هنالك عطاء تم بالإجراءات السلمية، غير أننا نختلف معه حول أن النزاع تحكمه المحاكم المدنية، حيث اتضح من خلال التحريات وجود مخالفة لنصوص المود /177/181/89/97 من القانون الجنائي لسنة 1991 والمادة 29/2 من قانون الإجراءات المالية والمحاسبية فضلاً عن مواد قانون الشراء والتعاقد والتخلص من الفائض لسنة 2012 فيما يتعلق بالتعاقد مع شركة الرويان دون عطاء، إن هذه المخالفات المشار إليها تطال مدير المشروع ومفتشي المساقي، حيث أنهم كانوا يقومون بالتصديق بشهادات إنجاز المناطق لم تتم نظافتها أصلاً وضم مناطق لا تحتاج للنظافة أصلاً، وهذا عين الإهدار للمال العام حيث إن المشروع محل الدعوى مشروع حكومي تعد أمواله عامة، كما أن انتقال الأموال نتيجة للمادة 177 من القانون الجنائي يجعل من استلمها مسؤولاً بموجب المادة 181 من القانون الجنائي لسنة 1991، كما أن المادة 29/2 من قانون الإجراءات المالية والمحاسبية لسنة 2007 نصت على أن يعاقب بذات العقوبة المنصوص عليها في الفقرة (1) منها كل شخص يبدد المال العام بصرفه على غير الأوجه المحددة بالصرف أو بإهمال في الصرف، ويضيف الوزير في قراره: خلاصة ما توصلنا إليه أننا نتفق تماماً مع قرار رئيس النيابة العامة المؤيد لقرار وكيل نيابة الأموال العامة بمدينة كسلا، وهنا لابد لنا من الإشادة بالجهد الذي بذله وكيل نيابة المال العام المستشار الحسين يوسف على الأداء الممتاز الذي صاحب التحريات والتسبب للقرار بصورة مفصلة وواضحة.
توصيات واضحة وخلص الوزير في قراره الى قبول طلب الفحص وإلغاء قرار المدعي العام بشطب الدعوى واستعادة قرار رئيس النيابة العامة المؤيد لقرار وكيل النيابة، بالإضافة إلى إعادة أوراق للنيابة المختصة للتحقيق حول فقدان جزء من المحضر، وإفادة الوزيرة بالنتيجة، وأخيراً إكمال التحريات حول كل من تطاله المسؤولية بشأن الوقائع وإحالة الدعوى للمحكمة.
قرار غير متوقع قرار الوزير الذي أشرنا إلى أنه قوبل بارتياح كبير وسعادة غامرة وسط قطاع كبير توقع الكثيرون أن يمضي إلى نهايته الحتمية وهي مثول المتهمين أمام المحكمة، ولكن بعد أسبوعين من القرار صدرت توجيهات من وزارة العدل بإحالة الملف إلى الوزارة بالخرطوم، وهو الأمر الذي اعتبره البعض دليلاً على تدخلات نافذين بالحكومة المركزية لتعطيل سير إجراءات العدالة وللحيلولة دون استرداد أموال عامة أوضح تقرير وزير العدل أنها اهدرت وصرفت بغير وجه حق، ويومها أشار مقدم البلاغ رقم 2736 طه محمد موسى في حديث لـ(الصيحة) إلى أن وزارة العدل وجهت النيابة العامة بولاية كسلا بإيقاف الإجراءات وإحالة المحضر إلى الوزارة.
وأبدى موسى تعجبه من تراجع الوزير عن قراره الذي أصدره أخيرًا والقاضي بتحريك إجراءات البلاغ، وقال إن المتأثرين من إهدار 68 مليار جنيه يتساءلون عن دواعي وأسباب الإيقاف المفاجئ للإجراءات وسحب الملف من سلطات النيابة بكسلا، وطالبوا وزارة العدل بتفسيرات واضحة وشفافة، وأضاف: “لا نستبق الأحداث، ولكن نشير إلى أن القانون الذي يطبق على الضعيف ويتجاوز القوي فإنه ليس قانوناً عادلاً”. وبدا طه مثل غيره ناقماً على خطوة وزارة العدل الأخيرة، وربما يعود سخطه إلى عدم معرفته للدواعي التي ارتكزت عليها الوزارة في إيقاف الإجراءات وسحب الملف. مزيد من الدراسة وأيضًا ولإزالة علامات الاستفهام التي ارتسمت على وجوه مواطنين ومهتمين بكسلا ولمعرفة أسباب سحب الملف وإيقاف الإجراءات، سألت “الصيحة” في مارس الماضي وكيل وزارة العدل أحمد عباس الرزم الذي أشار إلى أن إجراءات الملف مكتملة وأن الوزير أصدر في الثاني من مارس قرارا في القضية، وقال إن الوزارة سحبته لأنها بصدد اتخاذ إجراءات، وكذلك لإخضاع الملف للدراسة ، وأكد أنه بعد الاطلاع على الملف ودراسته من كل الجوانب سيتم إعداد مذكرات حول القضية، وقال إن وزير العدل أصدر توجيهات واضحة بإطلاع الرأي العام على تفاصيل كل القضايا، وأردف: “توجه الوزارة واضح ويرتكز على ضرورة أن يتعرف الرأي العام على تفاصيل كل القضايا”، ونفى يومها وجود تدخلات سياسية تقف وراء سحب الملف ، وقطع بعدم وجود ضغوط تمارس على الوزارة بشأن الملف.
من ناحيته نفى المكتب الصحفى لوزير العدل إيقاف الإجراءات في قضية المسكيت بالقاش، موضحاً أن الذي حدث أن وزارة العدل وجهت النيابة العامة بولاية كسلا بإحالة المحضر إليها لمباشرة التحقيق. وأكد المكتب الصحفى لوزارة العدل فى تصريح لـ(الصيحة) أن القرارات التي تصدر من الوزير لا تملك أي جهة أخرى إيقافها إلا الوزير نفسه، مشيراً إلى أن إحالة الملفات للوزارة يتيح لها الإشراف المباشر على القضية ومتابعة الإجراءات عبر المساعدين من وكلاء النيابات. تناقض بين الوزير والوكيل كان ذلك في مارس من العام الماضي، ولكن في شهر أكتوبر تبدلت المعطيات تماماً حينما أصدر وكيل وزارة العدل قراره القاضي بشطب الدعوى لعدم وجود بينة أولية كافية لمواد الاتهام في مواجهة المتهمين، والغريب في الأمر أن مذكرة قرار وكيل وزارة العدل التي حصلت “الصيحة” على نسخة منها جاءت مناقضة في الكثير من فقراتها لقرار وزير العدل الذي صدر في مارس، وعلى سبيل المثال، فإن وزير العدل أشار في إحدى الفقرات ” حيث أنهم كانوا يقومون بالتصديق بشهادات إنجاز لمساحات لم تتم نظافتها أصلاً وضم مناطق لا تحتاج للنظافة أصلاً، وهذا عين الإهدار للمال العام، حيث أن المشروع محل الدعوى مشروع حكومي تعد أمواله عامة”، فيما أشار وكيل الوزارة حول ذات قضية شهادات الإنجاز إلى “الثابت من خلال المستندات وأقوال المختصين “المراجع العام، اللجنة العليا للإشراف” أن النظافة تمت إلا أن هناك إنبات في بعض التفاتيش، وهذا لا يرقى للقول بعدم وجود نظافة”، وفي فقرة أخرى فإن وزير العدل اشار ” هذه هي الوقائع كما وردت على لسان الشاكي، وقد تم سماع إفادة ثلاثة وعشرين شاهداً أيدت إفاداتهم ما ذهب إليه وأحيلت المستندات لممثل المراجع العام الذي أيد الكثير مما ورد في الأقوال وبناء على ذلك توجيه وكيل النيابة التهمة لأحد عشر متهماً، وأيد القرار رئيس النيابة العامة”، بالمقابل أشار وكيل وزارة العدل في قراره حول الشهود”لم أجد بينة أدحض بها تلك المستندات الرسمية سوى أقوال الشهود المرسلة والتي لا يمكن الاعتماد عليها في مسألة فنية بحتة قامت بها لجنة مختصة”. وأيضًا من أمثلة التناقض بين قراري الوزير والوكيل، فإن الرجل الأول في الوزارة أشار موضحاً في إحدى الفقرات” وهذا عين الإهدار للمال العام، حيث أن المشروع محل الدعوى مشروع حكومي تعد أمواله عامة”، غير أن الرجل الثاني في الوزارة قال في فقرة مشابهة “لم يكن هناك إهمال في الصرف، بل تم وفقًا للإجراءات المالية والمحاسبية وهذا ثابت في المستندات. هذه مجرد نماذج يسيره توضح وجود تناقض وتباين في الرأي القانوني بين الوزير والوكيل. ارتباك واضح هذا التناقض في القرارين الصادرين من جهة واحدة يعتبره الشاكي، طه محمد موسى، ارتباكاً غير خافٍ، مشيراً في حديثه لـ(الصيحة) الى أن الوكيل أشار في قراره إلى وجود عدم توفر بينة أولية كافية لمواد الاتهام في مواجهة المتهمين، ويعتبر طه هذا رأياً قانونياً غير صحيح، وذلك لعدم وجود الكثير من البينات التي تؤكد حدوث إهدار للمال العام، وقال إن أبرزها يتمثل في الشهود وتقرير المراجع العام ونيابة المال العام، تقرير خبراء الغابات، مبدياً تعجبه من تشكيك الوكيل في تقرير الخبراء وأضاف: كيف أصدر الوكيل رأيه في تقرير خبراء المسكيت، وهذا الملف أساساً غير موجود في يومية التحري، بعد أن اختفى في ظروف غامضة، وقد أشار الوزير إلى فقدان بعض المستندات من الملف، فهل شكّل الوكيل لجنة للتقصي عن هذا الفقدان المريب، مؤكدًا على أن قرار الوكيل حوى الكثير من الفقرات التي تناقض قرار الوزير، وأكد استئنافه قرار وكيل وزارة العدل.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة