قبل سنوات قليلة زار السودان خبير في زراعة النخيل..جمعية فلاحة البساتين نظّمت برنامجاً للزائر شمل زيارة مواقع مختلفة..ثم توقّف الخبير عند باب مسؤول سيادي رفيع..من وراء الأبواب المغلقة دار حوار ممتع عن النخل وأنواعه ..حينما انتهت المقابلة كان الزائر منبهراً من مستوى المعرفة والمعلومات عند ذاك المسؤول ..ثم أجمل الضيف انطباعاته في تعبير يبدو أنكم تحبون النخيل كثيراً. في شهر ديسمبر المنصرم أعلنت شركة جنان الإماراتية عن نيّتها زراعة ٢٢١ مليون نخلة في شمال السودان ..المشروع الطموح يشمل إقامة مصنع لإنتاج السكر من التمور ..مصنع تمرنا يجعل بلدنا تنتج ١٥٪ من السكر العالمي .. الخبر المفرح يحمل بشريات مفرحة .. المشروع في مرحلته الأولى ينتج البلح بالتزامن مع إنتاج ١١٦ ألف طن من القمح بجانب محاصيل أخرى . مازال أهل السودان في انتظار المشروع الحلم.. لكن صحيفة التيار البارحة حملت لنا أخباراً في غاية الإزعاج..إحدى الشركات الأجنبية حسب الصحيفة أدخلت عينات ملوثة بإحدى الفطريات ..الشركة جاءت ببضاعتها المزجاة عبر مطار الخرطوم وعلى عينك يا تاجر..بعد الفحص كانت الأخبار التي تحمل وجه الكارثة..إدارة الحجر الزراعي بعد الفحص اكتشفت الأمر ..هذا الفطر ينتقل إلى النخل السليم..بل أن هذا الفطر وحسب مصادر علمية كان قد أهلك نحو اثنى عشر مليون نخلة في المغرب وربع ذاك العدد في الجزائر. كان من المفترض إعدام الدفعة الجرباء أو إعادة تصديرها.. لكن مراكز قوى مارست ضغطاً على إدارة الحجر الزراعي فخرجت العينات المريضة بباب المطار..التزمت الشركة الموردة بعدم التصرف في البضاعة إلى حين إشعار آخر..لكن البضاعة التي من المفترض أن تكون محبوسة سافرت إلى أقصى شمال السودان .. بل أن محاولة الالتفاف على المرجعية العلمية اقتضت إعادة فحص النخيل الوارد عبر لجنة أخرى فيما يفيد بالتشكيك في المعايير المعتمدة. في تقديري أن التعامل مع هذه القضية بهذه المرونة يفيد أِن أبواب التحكم في الجودة صارت مفتوحة..لا أحد في الدنيا يتعامل بمثل هذا التراخي..كان من الأفضل ممارسة أقصى درجات الانضباط حتى لو أدى ذلك لغضب الشركة الموردة.. بل كان من الأفيد أن تنتقل فرقنا المتخصصة إلى حيث بقية البضاعة ..كان المطلوب أن يكون التعامل حاسماً كما في قضية الفواكه المستوردة من مصر..الأمن الغذائي من الأمن القومي. بصراحة.. هذا التساهل في المواصفات يجعل المستثمرون الأجانب يهربون من بلدنا..كلما كانت معايير الجودة في غاية الانضباط هذا يجعلنا سوقاً جاذبة ..الشك في جودة أي منتج يجب أن يرفع درجة الحذر..أخشى أن يتم تسييس مثل هذه الملفات بدلاً من التعامل معها على أساس مهني. assayha
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة