إن قرارات دونالد ترامب هي بمثابة وصفة الدواء المُر!! الذي سوف يتجرعه جميع المسلمين، داخل حدود امريكا وفِي جميع أنحاء العالم، بلا فرق بين عربي واعجمي، او بين ابيض و أسود، او بين الأبرياء منهم والمذنبين ! وبغض النظر عن دولهم الاسلامية او سياساتها. ومن عدم التوفيق، ان الذي سوف يسفر عن تلك القرارات الفطيرة المتعجلة، من الخطورة بمكان!! اذ انها سوف تفتح شهية الارهاب والتطرف الديني ! والذي ينشط ويستعلي ، ويجد دعاته ضالتهم في مثل هذه البيئة، التي مهد لها ترامب ومؤيديه بجهالة لايحسدون عليها!! والايام حبلي بالشواهد!! وعلي خلفية تلك المستجدات، اتسعت دهشة المسلمين! ما الذي يسعي اليه الرئيس ترامب من تلك القرارات ! هل ياتري انه يريد ان ينشر المسيحية ! ويدفع بالمسلمين الي الآلحاد، ويشتت جمعهم، ويضرب بينهم الفرقة، والشتات، والفساد! ثم القضاء عليهم حتي لاتكون لهم العزة والغلبة؟؟؟ ام انها حرب ( صليبية) ضد الأسلام !! كما هو شائع في اذهان رجال الدين، والمتطرفين، والمهووسين في مجابهة تلك الأزمات السياسية؟؟ ام هي بخلاف ذلك؟؟ وبالطبع تتمدد الأسئلة لماذا سوريا، العراق، إيران، اليمن، ليبيا، الصومال، و السودان؟! دون السعودية وافغانستان؟؟ وغيرها من مسميات الدول التي نفذ رعاياها عمليات ارهابية دامية في امريكا، و لم تمضي عليها شهور او سنوات طوال؟؟؟ والشاهد ان لدي الاختصاصيين، وحتي رجل الشارع العادي المتابع، الكثير ليقال! لكن السؤال المفصلي، ماذا عن المسلمين أنفسهم! هل هم أصيلين في محاربة التطرف والارهاب الديني؟!! وهل يملكون من الدين الفهم الذي يحل التعارض البادي في معضلة الجهاد الاسلامي !! وحكمة مشروعيته في عهد الاسلام الاول، واستحالة ممارسته في حاضر اليوم! وتجدر الإشارة الي ان تحت مفهوم الجهاد، تمت معظم العمليات الإرهابية المتطرفة في امريكا، واودت بحياة الآلاف من الأبرياء ، وأشاعت عدم الأمان !! ولذلك نجح ترامب في اتخاذها واجهة وسبب مباشر لإعلان حزمة هذه القرارات المحزنة !! وفي متابعة لتفاعل المسلمين المناهض لتلك القرارات، هل من المتوقع ان تدفعهم تلك القرارات لاستشعار حاجتهم لانظمة حكومية ذات مؤسسات ديموقراطية، في بلدانهم الأصل، تمكن مواطنيها من العيش تحت ظلها بكرامة !! كما تتيح بدورها حرية الفكر الديني، والوعي بحقيقة ان الجهاد ليس اصلاً في الاسلام! بالمستوي الذي يحمل الجماعات التي تؤمن بالجهاد كعقيدة دينية مؤكدة، علي فهم مرحلية الجهاد! حتي لا تتكرر التجارب!! ومن تلك الجماعات علي سبيل المثال داعش ، القاعدة، بوكو حرام ، طالبان، حركات الشباب ،الحوثيين ، جيش النصرة، والمجاهدين، حركة ابو سياف، حركة المجاهدين ، حماس، البلاغ والدعوة، والجماعة الاسلامية في مصر، والقائمة تطول. حتي تدرك الاخوان المسلمين في السودان تحديداً، والذين عندما دانت لهم السلطة، كان الجهاد وعداوة امريكا وروسيا من ابرز ملامح حكمهم، لاقناع البسطاء من المسلمين بمشروع الدولة الدينية، في بلد متسامح اهله مثل السودان، وبالفعل في بداية التسعينات، فقد نالت تجربة حكومة الاخوان المسلمين، من دول الجوار المسلم الاعجاب الشديد، فلقد شهدت دول الخليج العربي ، المتابعة الإعلامية اللصيقة لبرامج ساحات الفداء! وتباهي الاخوان المسلمين بتلك التجربة التي احيت فيهم حلم إقامة الخلافة الاسلامية!! ( المشروع الحضاري الاسلامي) حتي قبل ظهور داعش في الخارطة السياسية !! وهل ياتري سوف تحمل قوانين ترامب المسلمين بامريكا، الي احترام الديموقراطية حقاً!! وليس استغلالها؟ كما هو حادث في إنشاء المؤسسات والمراكز الدينية التي تنشر الفكر السلفي الجهادي! والتي تؤكد علي قصر قامة هؤلاء الدعاة الإسلاميين القائمين علي امرها، في التصالح مع معيشتهم في بلدان الغرب! وحقيقة كونهم دعاة للفكر السلفي من الاسلام !! وهل سوف تدفع تلك القرارات بالمسلمين الي ان يعيشوا مرحلة ( الجهاد الأكبر )!! حيث الدعوة الي الاسلام باعتباره دين سلام، وأحترام جميع الديانات والعقائد ، وان يعلموا ان إنسانية اليوم لاتحتمل التناقض في المواقف و ( الكيل بمكيالين) !! في ان تكون ضد الارهاب، وان تصمت عن الارهاب في آن واحد. لابد ان يعي المسلمين ان حالة الخوف، والرعب ، وعدم الأمان، الذي اعتراهم من قوانين ترامب، هو شئ لايذكر بالرعب الذي احدثته ممارسات ( دولة الخلافة الاسلامية) الجهادية ! بسوريا والعراق ( داعش) بما أسمته تطبيق للشريعة الاسلامية وقوانينها، في سبي النساء الايزيديات في العراق، وبيعهن وشرائهن ( بما ملكت إيمانهم) !! وفيهن الفتيات المراهقات ، القصر والأطفال، وأقاموا أسواق النخاسة والسبايا، والذي ادي الي انتحار العشرات منهن، رعباً وخوفاً من تلك القوانين!! وكان ذلك باجمعه باسم الاسلام، وتحت أنظار الأمة الاسلامية! ولقد اكملت جماعة ( بوكو حرام )مسرحية الارهاب باسم الدين عندما اختطفت 280 من الفتيات الطالبات المسلمات، بنيجيريا واعتبرتهن سبايا وقامت ببيعهن وتزويجهن!! وبعد سنتين أطلقت فقط سراح حوالي عشرين طفلة! ولكننا لم نشهد في جميع ذلك، خروج مظاهرات مدوية في شوراع العواصم الاسلامية! ، فكأنما هم يقولون ان الارهاب الذي ياتيتنا من جهة الغرب ، لهو أكبر خطرا من ارهاب المسلمين وتكفيرهم لبعضهم البعض!! وهو للأسف صمت قد ادانه النبي صلي الله عليه وسلم، فعن عبد الله بن عمر «أنّ امرأة وجدت في بعض مغازي النبي صلّى الله عليه وسلّم مقتولة فأنكر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قتل النساء والصبيان» .. وهل ياتري من المرجو ان تيغظ هجمة ( ترامب) العدائية علي المسلمين!! ندم صمت العرب! المسلمين تحديداً! وتغافلهم عن مايدور في السودان من العبث باسم الدين من ( شرائع مدغمسة) !! واعتراف بارتكاب المجازر ، وبالاخص في دارفور التي كانت تاريخياً فيها مصنعاً لكسوة الكعبة المشرفة!! ولم نشهد للمملكة العربية السعودية!! دوراً فاعلاً في نصرة المظلوم ورداً لفضل مستحق ، يشجب او يدين استخدام الحكومة ( المسلمة ) لسلاح الاغتصابات الجماعية للنساء ( المسلمات) لكسب معاركها العسكرية في المنطقة! او حتي تسليط الضؤ علي استخدام الأسلحة الكيمائية التي يتعرض لها العزل والأطفال من الشعب المسكين، في جبال النوبة ومناطق جبل مرة. كما لم نشهد تعاطف تلك الدول مع المسيحين السودانيين، ولو بحق الإخوة في الأديان! بالإدانة لما تقوم به حكومة الاخوان المسلمين من هدم وازالة لكنائسهم، واعتقال للآباء القساوسة الذين يتم ايداعهم في السجون بلا مجير!! كما لم تشهد تلك الدول العربية المسلمة ، مظاهرات حاشدة تنتظم جميع البلدان، فتحدث ثورة فيالاعلام العربي والعالمي، ينتج عنها إيقاف الموت اليومي، والدمار الشامل، والفجيعة الانسانية في سوريا. ولعل قوانين ترامب! قد تصحي الضمير المسلم ، في ان لايكتفي فقط بالأسي العاطفي ، عندما يشهد حادثة شبيهة بحادث كنيسة الكاتدرائية المرقسية بالعباسية وسط القاهرة، والذي نتج عنها مقتل 28 شخصا وأصابة 70 شخص بجروح بالغة. واعلنت داعش مسئوليتها!! ولعلها قد تحفز المجتمع المسلم! في ان يرفع صوته بإزاء مواقف (الأزهر الشريف ) والمعاهد الدينية ، ومن يسمون أنفسهم بعلماء المسلمين، ورجال الدين!! في الكف عن محاباة السلطان عبر الازمان، وان تنتقل تلك المؤسسات الدينية من دور إصدار فتاوي التكفير والزندقة!! الي إيجابية حماية الدين من تطرف المهووسين، والعمل علي أرساء قواعد التعايش السلمي بين الطوائف الدينية المختلفة . والشئ الذي يمكن ان يحسب من (حسنات)!! قرارات ترامب! ان جازت العبارة، انها اكدت علي حقيقتين لايمكن لأي مسلم تجاوزهما، الحقيقة الاولي، انها أكدت للعالم اجمع عظمة الشعب الامريكي، الواعي بحقوقه الدستورية ، وأحترامه لفضيلة الديموقراطية، ومناهضة ( الارهاب) السياسي، قولاً وفعلاً، فلقد تراص جميع المواطنين الأمريكان باختلاف اجناسهم، بجميع معتقداتهم وعلي اختلاف أديانهم ، مع المسلمين جنباً الي جنب للدفاع عن الحقوق والحريات، وذلك تاكيداً لإيمانهم بمبادئ المساواة التامة بين الجميع في حقوق المواطنة وواجباتها. والحقيقة الثانية الاخطر، هي ان جميع المسلمين الذين يعيشون بامريكا، سوا كانوا من ضمن الدول السبعة المغضوب عليها، او من عامة الدول المسلمة، قد أعلنوا لدولهم وللعالم اجمع انهم يفضلون العيش بامريكا وسط ( النصاري واليهود) ، وغيرهم من اللادينيين، وبقية الاثنيات العرقية، ومع المثليين، والأقليات، وجميع أصحاب العقائد والملل علي اختلافها، علي الرجوع الي بلدانهم الاسلامية!! وان لديهم العديد من الأسباب التي تجعلهم يناهضون تلك القرارات، علي رأسها ان القوانين الدستورية بامريكا ترعي مصالح شعوبها، ثم حرصاً منهم علي الحياة الآمنة، التي لم يجدوها في بلدانهم الأصل، وحفاظاً علي تعليم اولادهم، ثم الاحتفاظ بنعمة العيش الكريم والفرص الحياتية التي ينعمون بها. فلقد كانت امريكا والغرب باجمعه، أكثر كرماً بالنسبة الي اللاجئين من العراق، وسوريا، وليبيا، والسودان، وإيران والصومال وغيرهم ، من بقية الدول الاسلامية!! فحين عظم استضعاف المسلمين للمسلمين في بلدانهم ، وجدوا ان أوربا، وأمريكا هي ارض الله الواسعة فهاجروا اليه . ومن طبائع الأشياء ان تناصر الدول الاسلامية مواطنيها بعد تلك القرارات العشوائية!! فتصدر قرارات حاسمة في الرفض والاستنكار ، وتثأر لهم بمقاطعة امريكا اقتصادياً ودبلوماسياً!! و ان تفتح ابوابها لجميع اللاجئين الذين رفضتهم امريكا، ولحفظ كرامة المسلمين وتاريخهم الطويل!! قد تجد الدول ( الغنية) منها، انه من الاجدر ان ترسل الطائرات والسفن لإرجاع جميع المسلمين صوب ديار الأسلام ! حتي تكون كلمتهم هي الاعلي، ويكونوا هم الأعزاء وما دونهم هم الأذلاء !!!!! والا !! فأن في ديموقراطية امريكا ودستورها، سعة تحمي جميع المسلمين ولو بعد حين!!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة