صحيفة الجريدة سفينة بَـــوْح – راقت لي جملة في خطبة الإمام الصادق المهدي التي ألقاها يوم الجمعة الماضي بمسجد الهجرة بودنوباوي مفادها أن محاولة الوصول للسلطة عبر القوة والعنف وإن نجحت ، سيتطلب الإبقاء عليها ( أي السلطة ) مزيداً من القوة والتقييد في الحريات .. وفي إعتقادي أن المقولة المذكورة آنفاً هي أنسب رد يمكن أن يُوَّجه للذين يتهمون الإمام باللين والتهاون و( ضعف الحماس ) للإنخراط في كافة المخططات التي تبنتها تنظيمات معارضة مختلفة تعتقد أن الحل في موضوع النزاع حول الحكم في السودان لن يُحسم إلا بالعمل العسكري أو العنف الشعبي ، الإمام الصادق المهدي أصبح من أطول السياسيين عمراً في مجال العمل السياسي وعاصر عهوداً سياسية وإقليمية ودولية عديدة ، أضفت على رؤاه نحو مستقبل السودان الكثير من الحكمة و التعقُل ، و في ذات الأوان كانت توجهاته وتصريحاته في السنوات الأخيرة دائما تُعمل معيار الموازنة بين المصالح والمخاطر التي يمكن أن تنتج عن أعمال تغيير نظام الحكم في السودان ، ورغم أن الحقيقة التي لا يمكن تجاهلها أن موضوع رفع الحظر الإقتصادي عن السودان سيُشكل قاعدة صلبة لنظام المؤتمرالوطني للمزيد من التواجد على سُدة الحكم بإعتبار خروجة من عنق الزجاجة والمتمثلة في الأزمة الإقتصادية الكبرى التي كادت أن تودي به أو فلنقل أضعفت كثيراً من موقفه التفاوضي مع المعارضة ، إلا أن الآمال ما زالت مفتوحة في أن يستقرئ قادة نظام الإنقاذ الشمولي ما تم إنجازه على مدى ستة وعشرون عاماً من الحكم من مآسي وخسائر فادحة دفع ثمنها الوطن والمواطن ، فالإنفراد بالحكم في بلد مثل السودان لا يمكن أن تكون له نتائج سوى الحروب الإقليمية والإثنية كما يحدث حالياً في دارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق وما تبع ذلك من تشريد و قتل وجوع و خسائر مادية و معنوية ، كما أن شمولية الحكم لا يمكن بأيي حال من الأحوال أن تستمر وينالها الإستقرار ( المؤقت ) كما قال الإمام دون إزهاق روح الحريات والصرف البذخي والمُهلك على الترتيبات والأنظمة الأمنية والبوليسية والمخابراتية وفي ذلك طبعاً إهدار جسيم لموجودات دعم التنمية في مجالات شتى أهمها التعليم والصحة والبناء الإجتماعي هذا بالنظر إلى ما يعانيه السودان من قلة في الموارد وضعف في الإنتاج العام ، من هذا المنطلق يمكن طرح تساؤل إستراتيجي نوجهه لحكومة المؤتمر الوطني ، هل المُستهدف الحقيقي من البقاء في الحكم في ظل كل تلك الجراح الوطنية النازفة هو مصلحة الأمة والوطن ؟؟ إن كان ردكم إيجاباً أنظروا ماذا أنتم فاعلين تجاه الإقرارالحقيقي والموثوق لقضايا السلام و التداول العادل و السلمي للسلطة مهما كانت التضحيات والآلام ( الشخصية ) والحزبية ، وإن كانت الإجابة سلبية عودوا إلى ما كنتم عليه من غي وجسارة على الحق وبيِّنوا ( مستهدفكم ) من الإصرار على البقاء رغم علمكم أن السيل قد بلغ الزُبى عند المعارضين والكثيرين من الذين دعموكم في البدايات إستجابةً لشعارات إسلامية مقدسة .. أنتم اليوم ولإعتبارات كثيرة غير قادرين على حمل رايتها والجهر بها لتعارضها مع مسارات المصالح الدولية والإقليمية والداخلية .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة