الإنطباعيون هم الذين يستعجلون الحكم على الأمور والناس ، دون أن يستبينوا المضامين ، يكتفون فقط بالنظر للظواهر ولا يدفعون ثمن البحث أوحتى الإنتظار لسبر أغوار ما وراء القشرة والتحقق من (نواة) الأمر ، المؤسف أن بعض هؤلاء الإنطباعيون يمتلكون أدوات أعتبرها إستراتيجية في التأثير على من حولهم بل وأحياناً في توجيه حركة الرأي العام بمجمله ، من أمثلة هذه الأدوات أن يكون الإنطباعي موهوباً أومبدعاً أوإعلامياً أومعلماً أومحاضراً في جامعة أوإمام مسجد يخطب في الناس ، كثيرون من المفكرين والسياسيين والمبدعيين والمستحقين لعلامات راقية وعُليا في مضمار ما يمارسونه من أنشطة ، ظُلموا بالحكم الإنطباعي الجارف فلم يستطيعوا في أغلب الأحيان المقاومة أوالدفاع أوالإنفلات من قبضة الصفات السالبة التي أُطلقت عليهم دون وجه حق وتحديداً بالباطل و البهتان ، على سبيل المثال الإنطباعيون يعتقدون أن كل من إتصل نسبه ببيت طائفي معلوم بالضرورة أن يكون جانحاً تجاه الحصول على قداسة (السيادة) و(القيادة) مع أن بعض من خرجوا من تلك البيوت أثبتوا بالدليل العملي والواقع الملموس أنهم أكثر الناس إنحيازاً للعصامية والإعتماد على إنتاج الذات في بناء ما إنجزوه في حياتهم على كافة المستويات ، يتهمهم البعض بأنهم وُلدوا وفي أفواهم ملاعق من ذهب مع أن سرد تاريخ حياتهم يبيِّن أنهم الأكثر إعتماداً على أنفسهم وقدراتهم في صناعة أنفسهم ومنجزاتهم ، ومن ناحية أخرى هناك مبدعين حقيقيين تم قتل مواهبهم وتطلعاتهم للبريق الإبداعي المتدفق في وجدانهم لا لشيء سوى لأنهم أبناء مبدعين ، ليسارع الإنطباعيين وعلى نفس مساق المنهج (الإستعجالي) الذي لا يعتد بالمضماين ليلاحقتهم بجملة (أن الفن و الإبداع لا يُورَّث) .. من قال هذا و من جزم به ؟! ، يبخسون الناس أشياءهم قبل أن يروها بعين الإستبصار فتضيع (فرص) على الأمة في الإستفادة من كوادر ربما كان لها قدحاً مُعلى في إعلاء شأن الوطن وتحريك عجلة الإستفادة من ثرواته وموجوداته الثرة ، الإنطباعيون يحطمون الإنجازات وصانعيها في آن واحد بقناعات هم أنفسهم لا يؤمنون بها ولا يرضون أن يُحكم عليهم وعلى أعمالهم بمبادئها ، لكن ما كان من أمرهم أصبح عادة و(منهج) فطري جُبلوا على تبنيه حتى صار جزءاً من حياتهم وسِمةً يُعرفون بها بين الناس ، يقولون أن (كل) الأثرياء لا يستطيعون مهما تجمَّلوا وفعلو وقدموا أن يشعروا شعوراً حقيقياً بآلام الفقراء والضعفاء ، ويتناسون أن قدراً كبيراً من الأثرياء وُلدوا أصلاً من صلب الفقر والعوز والحاجة لذلك أحياناً تجدهم أصدق في إحساسهم تجاه الفقراء من بعض الفقراء أنفسهم ، ليس من (مُطلق) في هذه الحياة بلا إستثناء إلا وجودية الرحمن جلّ وعلا في عرشه المجيد ، من مقولاتهم التي تتساير مع منهجهم أن الفاعلين و المتفوقين على المستوى العملي والميداني (دائماً) غير بليغين ولا يجيدون فن الخطابة والبلاغة والبراعة في التعبير عن أفكارهم ، مع أن الواقع يقبل وربما وُجدت الأمثلة أن يكون الرجل بليغاً و خطيباً وقادراً على التعبير عن أفكاره بإجاده وفي نفس الوقت ناجح ومتفوِّق على المستوى العملي والميداني ، الإنطباعية باب من أبواب التعبير الذاتي والشخصي للإتجاهات و(الأهواء) .. و هي لا تصلح أبداً أن تكون منهجاً يعتمد عليه في إفادة العلم و التجارب والبحوث ما لم تعتد بالمضامين وعموميات ما قضت به الفطرة الكونية والتجارب السابقه والعلوم المثبتة .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة