خرج الصحافي المثابر مجاهد عبد الله من بيت الدكتور علي الحاج وابتسامة عريضة تملأ وجهه.. لكن رنين الهاتف يقطع عليه بهجة الاحتفاء بالحوار الخبطة الذي أجراه مع الدكتور علي الحاج الذي أعلن من خلاله ملامح برنامجه الانتخابي.. أحد قادة الحرس القديم بالحزب الشعبي يأمر المجاهد ألا ينشر الحوار حتى لا يسبب فتنة بين الشعبيين.. ثم تتواصل الاتصالات ويغيب الحوار عدة أيام عن صفحات الزميلة "الأهرام اليوم".. بعدها ينشر.. لا شيء غير أن علي الحاج أكد من حق المؤتمر العام أن يرفض المشاركة في الحكومة القادمة. تبدأ اليوم أولى جولات التنافس في المؤتمر الشعبي.. هيئة القيادة تنتخب ستة أفراد لمنصب الأمين العام.. في جولة لاحقة تمارس هيئة الشورى الجرح والتعديل لتبعد ثلاثة.. يوم السبت القادم يلتئم المؤتمر العام لاختيار واحد من ثلاثة لمنصب الأمين العام.. الحقيقة أن هذه التجربة تستحق الإشادة لكونها من التجارب النادرة.. لا أحد على وجه اليقين يدرك حتى هذه اللحظة من يكون الأمين العام الجديد.. في أحزاب أخرى يمكن التنبؤ بشاغل المنصب الأول قبل خمس سنوات من انعقاد المؤتمر العام إن كان هنالك مؤتمر على هذه الشاكلة أصلاً . حتى الآن ينحصر التنافس بين الشيخ الوقور إبراهيم السنوسي والدكتور المصادم علي الحاج.. لا فرق كبير بين حاج علي وحاج إبراهيم في الأطروحات السياسية.. السنوسي يبدو كامتداد عاطفي للشيخ حسن الترابي.. يحرص على إكمال المشاركة السياسية باعتبارها باباً لإنفاذ مخرجات الحوار الوطني.. كما يرى أن السلطة تمثل نافذة لاستنشاق الهواء بالنسبة لحزبه وله في تجربة المصالحة الوطنية مع نميري دليل.. فيما علي الحاج يركِّز على إرساء الحريات التي تجعل حزبه ينطلق.. المشاركة السياسية في السلطة يعتبرها الرجل بمثابة ثمن لا حافز باعتبارها تنتقص من شعبية الحزب الشعبي. رغم ذلك الهامش الضيق من الاختلافات تحاشى الشيخان الإعلان صراحة عن نيتهما خوض المنافسة.. الزهد الكاذب، إن جاز التعبير، ممارسة باتت ثابتة في أدبيات الإسلاميين.. يتقاتلون من أجل السلطة ولكن لا أحد يصرِّح علانية برغبته في السلطان.. أغلب الظن أن هذه الممارسة السالبة تتكئ على الحديث الشريف: "هذا الأمر لا نولّيه من طلبه". ومقاصد الحديث لا تعني في تقديري مجرد التصريح بالطلب بل تمضي لألا تمنح السلطة لمن يريدها غاية في حد ذاتها وملكاً عضوضاً يتوارثه الأبناء عن الآباء.. هذه الضبابية لم تمكن الإسلاميين من إدارة خلافاتهم سلماً بل من يقطف الثمرة يظل محتفظاً بها لعدة عقود إلى أن يتوفاه الله أو ينزع من السلطان عنوة. في تقديري المطلوب من المؤتمر الشعبي وغيره من التنظيمات إعلاء راية العمل السياسي الشفاف.. من أراد تحمُّل الأمانة يخرج للهواء الطلق ويعلن برنامجه للناس كافة.. ومن بعد ذلك يلتزم بقرار الجماعة ويلزم الصف.. الممارسة الشفافة هي ما تفتقده تجربتنا السياسية في السودان . بصراحة.. علينا الاستفادة من الممارسة الغربية التي أنتجت توطين الديمقراطية في تلك المجتمعات.. لم يكن أحد منا يتوقع أن يختار باراك أوباما منافسته هيلاري كلنتون في منصب وزير الخارجية بسبب المنافسة الحادة خلال الانتخابات التمهيدية في الحزب الديمقراطي.. بانتهاء المنافسة التمهيدية عادت المرشحة الخاسرة لتدعم أوباما حتى حقق النصر مرة أخرى في سباق الرئاسة. assayha
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة