يُحكى أن خريجاً من عامة الناس تقدم لشغل وظيفة شاغرة بوحدة حكومية ..وهناك استقبله أعضاء لجنة المعاينة، وسألوه عن التاريخ والجغرافيا والتكنولوجيا ولغات دول العالم ولهجات " />
> يُحكى أن خريجاً من عامة الناس تقدم لشغل وظيفة شاغرة بوحدة حكومية ..وهناك استقبله أعضاء لجنة المعاينة، وسألوه عن التاريخ والجغرافيا والتكنولوجيا ولغات دول العالم ولهجات قبائلها،
فأجاب على جميع الأسئلة.. وعندما أيقنوا بأن الشاب مؤهل لشغل الوظيفة بالكفاءة، سألوه عن الشيء الذي يجب أن يكون في جيوب الشباب الباحث عن الوظيفة، فأجاب: (كروت الواسطة)، فسألوه: (شايل معاك كرت ؟)، فأجاب بالنفي، فصاحوا بصوت واحد : (ياخ دا كان أهم سؤال، كدا فقدت الفرصة، ربنا يعوضك)..!! > وبتاريخ يناير 2015م، تم رفع سن المعاش إلى (65 عاماً).. ولم يتم هذا الرفع إلا ليصمت اتحاد العمال، وكان مزعجاً.. والكل يعلم بأن سن المعاش ــ (60) عاماً كان أو (90) عاماً ــ لا يقرره اتحاد العمال ولا مجلس الوزراء (حسب هواه).. وأن هناك معايير ــ علمية واقتصادية، وليست سياسية ــ هي التي تحدد( سن المعاش).. فالتعداد السكاني ونسبة الشباب فيه (معيار)، ومعدل النمو الاقتصادي وفرص التوظيف فيه (معيار)، والثقافة الغذائية وتأثيراتها الصحية (معيار).. وهكذا..!! > وللأسف، غضوا الطرف عن كل هذه المعايير العلمية والمهنية، ورفع سن المعاش بمعيار (المزاج السياسي).. ولقد أشار التعداد السكاني الأخير إلى أن السودان (دولة شابة)، أي نسبة الشباب هي الأعلى، أكثر من (40%).. والطاقات الشبابية من الكنوز التي تفتقدها الدول ذات معدل النمو السكاني الضعيف والتي تعاني من ضعف نسبة الشباب في كثافتها السكانية.. ولكن في بلادنا، رغم أنف النمو المتواصل لنسبة الشباب، مارس اتحاد العمال ضغطاً على الحكومة لرفع سن المعاش إلى (65 سنة)..!! > وعلى سبيل معيار آخر، تعرض اقتصاد البلد ــ ومازال - إلى آثار انفصال الجنوب وخروج النفط من المعادلة الاقتصادية.. وترتب على هذا، ارتفاع نسبة التضخم وتقزم نسبة النمو الاقتصادي.. وهذا الوضع الاقتصادي المتردي يعني أن مساحة توظيف آلاف الشباب الذين يتخرجون سنوياً في الجامعات والمعاهد بحجم دائرة نصف قطرها (خرم الإبرة).. ومع ذلك، أي ضارباً بهذا المعيار الاقتصادي العالمي عرض الحائط، استغل اتحاد العمال مناخ الانتخابات ورفع سن المعاش ..!! > أي هناك معايير، وليس محض قرار فحواه (يلا نرفع)، استجابة لابتزاز نقابة أو قيادة.. ونفهم أن يتم استثناء بعض الأطباء وأساتذة الجامعات وفئات أخرى ــ ذات الكفاءة النادرة ــ بقوانين ولوائح تستبقيهم بعد سن التقاعد حسب حاجة الناس والبلاد إلى كفاءاتهم وخبراتهم، ولكن كيف يستوعب العقل ترفيع كل الخدمة العامة ــ وما فيها من ترهل ــ إلى (درجة خبير)، بمثل هذا القرار الهادم لآمال الشباب والهاضم لحقوقهم؟ > والمدهش، بالتزامن مع قرار رفع سن المعاش، أعلنت مفوضية الاختيار للخدمة المدنية عن سعيها إلى زيادة الوظائف الحكومية خلال هذا العام إلى أكثر من (40.000 وظيفة).. وتناقض غريب أن يأتي رفع سن المعاش بالتزامن مع استيعاب كل هذه الفيالق.. ولكن هكذا الخدمة المدنية، إذ هي ترهل بلا إنتاج، وكأن الغاية من توظيف الموظف والعامل في الوحدات الحكومية هي تحقيق (الكفالة والرعاية) وليس الإنتاج والخدمة ..!! > هكذا انتقدت قرار رفع سن المعاش ــ بلا دراسة ــ قبل عام، وطالبت بإخضاع الأمر للجهات العلمية والمهنية.. ومع ذلك، بعد مضي عامين من عمره، يبدو أن السلطات الحكومية تطبق هذا القرار بنهج تلك اللجنة و(سؤالها المهم)، والوارد في مقدمة الزاوية حول (كرت الواسطة).. أي عمال السودان ليسوا سواسية أمام القرار .. وعلى سبيل المثال، شركة مطابع السودان للعملة لم تلتزم بقرار سن المعاش إلى (65 عاماً).. ومنذ تاريخ تنفيذ القرار ــ يناير 2015 ــ وحتى يناير هذا العام، أحالت مطابع السودان (24 عاملاً) إلى المعاش.. !! > ثم الأدهى والأمر، أن ترفض هذه الشركة الحكومية تنفيذ فتوى قانونية صادرة عن وزارة العدل حول هؤلاء العمال المحالين إلى المعاش (ظُلماً)، أي قبل بلوغ سن الـ (65 سنة) .. وعليه نطالب رئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء بالتدخل بحيث يتساوى كل عمال السودان أمام قرار رفع سن المعاش إلى (65 سنة).. وليس عدلاً ألا يتساوى عمال السودان في كل قرارات الدولة، الصائبة منها والخاطئة..!!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة