الإعلام المصري لا يتجرأ أبداً على السودانيين، إلا في ظل نظام كهذا النظام الذي يهزأ بشعبه، إن قيادت حزبنا الحاكم تشتمنا أكثر منهم، في كافة المحافل، مما لا يستحسن إعادته هُنا.. مع ذلك يطالبنا أولاد الجبهة، بالغضب على صحائف القاهرة التي تخطيء عن عمد، في كتابة أسماء مشاهير من بلاد السودان.. منذ عهود قديمة، نحن نقدِّم لمصر زعماءها وماءها.. ونحن كذلك، أكبر سوق لمصر.. منذ عهد الباشا، ونحن نستهلك بضائعهم. منتجاتهم تغزو أسواقنا وعقولنا، بيدَ أن أسوأ ما صدّرته مصر للسودان، ليس البسكويت، ولا الفراولة أو الكاتشب المروي بفضلات الآدميين.. كلّا.. إن أسوأ ما أنتجته مصر، هو فكر الإخوان المسلمين. نحن أول دولة تتقبل هذا المنتوج، حتى حاق بنا ما كانوا يفعلون. فقد حكمنا الإخوان دون بقية خلق الله، لمدة 28 سنة أو يزيد.. وكفاية كِدا! العلاقات بين البلدين، كالعلاقة بين توم آند جيري، والمواطن البسيط هو من يدفع الثمن، بين حين وآخر يخرج قائد من حكومتي البلدين، ليهيّج الغبار، متناسياً أن القابضين هنا وهناك، يخفون تفاهماتهم المشتركة. لدى حكّام الوادي رغبة عارمة، في حشد هذا ضد ذاك، وذاك ضد هذا، مع استدعاء التاريخ والجغرافيا، وحواديت من الحواري مأ أنزل الله بها من سلطان.. كلما ساءت العلائق يتذكر الأخوان في السودان الشقيق، خديوية مصر التي فُرضت قديماً، ويعلنون تأذيهم من الفراعين إذا حلّقوا مع تصاوير الوهم، بأن السودان أرض يباب.. وفجأة يطفو على السطح اسم حلايب، ليُعاد تدوير عملية الابتزاز.. أولاد الجبهة لا يطيقون الحديث عن أن حلايب أُحتلت عام 1994 بعد محاولة الاغتيال الفاشلة، والأخوة في مصر الشقيقة، يغضون الطرف عن العطيات الباذخات التي دفعتها العُصبة من أولي البأس، كتسوية في مقابل إغلاق ذاك الملف! في النهاية، التسوية حصلت حصلت.. (كيف كيف، ما تعرِف)!! التفاهمات سَرَت بين حكومتين صديقتين، لكن المزايدة لم تتوقف.. وإلا فما معنى هذا الاهتمام المبالغ فيه، بحضارة أرض السودان خلال زيارة الأميرة، من قِبل نظام يُنصِّب للسياحة، وزيراً سلفياً، له عقيدة راسخة في تكسير الاصنام... والأصنام، يا رعاك الله، هي آثارنا التاريخية!؟ عندما نشبت المعركة الأولى حول حلايب، قال الأميرلاي عبد الله خليل، بلهجته المصرية للزعيم عبد الناصر: (سيبك مع الجيوش، وسيبك من البنادق.. أنا وإنت نتلاقى في حلايب)..! إن رجرجة الفضائيات المصرية الخاصة، لن يلغي حقيقة أن النوبيين هم أصحاب أقدم الحضارات على وجه الارض..إن وصفهم لاهراماتنا الناتئة في العراء، بأنها مثل مكعبات الجبنة، لا يلغي ابداً، قيمتها التاريخية. الخطر على تراثنا يأتي من أدعياء البعث الحضاري الذين نصّبتهم الانقاذ قادة للرأي. أولئك الذين لا يقرأون التاريخ ويشكرون الشيخة موزة، أنها عرّفتهم بحضارة السودان! الاستثمار القطري لا يثير القلق. ما يثير القلق حقيقة، أن بلادنا لم تُحاسب ممثل الجبهة في داخل حزب الامة. إن شئتم الإصحاح، فأبدأوا بمحاسبة الوزير الجهلول، عبد الله محمد أحمد، الذي تحفز في عهد الديمقراطية لتجريف آثار مملكة سوبا،( باعتبارها معالم كُفرية)! العلاقات المضطربة بين مصر والسودان، تبدو مثل هرم مقلوب. إن شئتم محاسبة مصر الرسمية، على عمايلها في بلادنا، فلتبدأ المحاسبة، من سقطة تأييدهم للانقلاب العسكري في الثلاثين من يونيو 1989. إن جاء يوم حسابهم، فسيُسألون عن صمتهم المريب، عن تقديم المتورطين في مقتل رئيسهم للعدالة. إن كان لأولاد الجبهة غيرة على تاريخنا، فليتفضلوا باستعادة الآثار التي نُهبت في عهدهم من متحف السودان القومي!! صحيح واللّا أنا غلطان، يا جِدعان؟ akhirlahza
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة