أصاب الإجهاد الكثير من المتداخلين عبر وسائط النشر الإلكتروني ومنادمات النخبة في مجالس المدينة جراء السجال الإعلامي الدائر الآن على مستوى مآثر ومفاخر إرثنا التاريخي وحضاراتنا القديمة ، وربما كان (لصعاليك) الإعلام المصري الدور الأساسي في إشعال جذوة بحث بعض السودانيين عن ما يدعوهم للإفتخار بأنهم أصحاب حضارة تليدة وسابقة وقائدة على مستوى التطور الإنساني في الثقافة والعلوم و التدرج الفكري في إثبات الوجودية التعبدية إلى أن وصلوا إلى التوحيد ، أما فيما يختص بتلك الهجمة الشرسة من الإعلام المصري للتهكم على حضارة وتاريخ هذه البلاد فيعجبني فيها أنها تتطابق مع المثل العامي (الجمل ماشي والكلاب تنبح) وذلك لأنه لم يكن هناك من المبررات ولا الأحداث على الساحة السياسية ولا الإعلامية ما يدعو الإعلام المصري إلى الخوض في ذلك (الإرتجاف) المذري ، إلا من باب أن السودان وحضارته وإرثه التاريخي فيه ما يُخيفهم على مستقبل بلادهم إن وجد الإلتفات والإهتمام والتطوير ، ولكن ما يدفعني للتعرض للموضوع هو إحداث اليقين في قلوب الوطنيين الغيورين من أبناء هذه البلاد عبر تذكيرهم بالقاعدة التي تفرضها نواميس الكون وقوانين الطبيعة أن (التاريخ والأثر لا ينمحي ولا يُباد ) بمجرد هرطقات الألسن النتنة وإهتزازات الأجساد الآثمة ، لذا دعونا من الحديث عن ما مضى من أمجاد شعبنا الباسل الذي سطَّر بأحرف من نور مكانته في تاريخ الحضارة الإنسانية منذ عهود ما قبل الميلاد ، ودعونا ننظر بروية إلى واقعنا المعاصر وتداعيات سياسات حكومتنا الحالية وأداءها الإعلامي والعلائقي على مستوى إستراتيجية الحفاظ على ماء وجه البلاد وكرامة الأمة ، في هذ التوقيت بالذات تدفع الأمة السودانية وتاريخها وحضارتها وقداسة موروثاتها ثمن مخرجات بنتها حكومة الإنقاذ منذ ولوجها الحكم في مجال تقديم صورة دولية مُشرَّفة للبلاد وشعبها ، وذلك عبر أدوات أهمها إحكام علاقاتها الإستراتيجية مع دول الجوار والإقليم في دائرة المصالح المشتركة ، ذلك فضلاً عن حماية حدود البلاد من ما يوحي للغاصبين والطامعين بأن هذه البلاد لا تبالي بأرضها ووحدتها وكرامة إنسانها ، أساس ما نُعاني منه من مشكلات بما فيها مكانة وقداسة حضاراتنا وثقافتنا التاريخية تكمن في سوء التخطيط الرسمي الذي تخازل عن تقديم ما يكفل دوام إحترام العالم لهذه الأمة وهذا الوطن ، وأقول (للمحزونين) على ما أصاب السودان من مهانات بهذا الخصوص لا عليكم ولتركِّزوا جهودكم لدعم التفوق الحضاري المعاصر الذي تستحقه هذه البلاد وشعبها العظيم فأجدادنا قد أدوا دورهم وبنوا تاريخهم ، فهل نحن جديرين ببناء حضارة معاصرة صالحة لأن تفتخر بها أجيالاً قادمة ، هلموا إلى البناء والعمل والعلم والفن والأدب ، هلموا إلى ثورة التغيير والتصحيح للحاضر وإستشرفوا المستقبل وأعلموا أن الماضي إنقضى أمره و لن لا يعود.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة