“Trying to make Sudan part of the EU’s fight against refugees from eastern Africa is neo-colonial madness.” Coordinator for the Civil Liberties Committee, Cornelia Ernst
حتى وقت قريب ، لم تكن أوربا ، معنية بشكل كبير ، بما يجري في السودان ، ومشكلاته ، ليس لمجرد إعتبار منطقة نفوذ أمريكي ، يقتصر دور الأوربيين على توفير السند السياسي والدبلوماسي لسياسات واشنطن تجاهه ، كمايبدو ، وإنما لأن مصالح أوروبا ، في السودان ، كانت مؤمنة ، حتى في ظل العزلة العالمية، التى فرضتها أمريكا على السودان، أيضاً . وقد بدت أوروبا- ظاهراً- أكثر تشدداً ، في ضرورة احكام تلك العزلة ، وأكثر ملكية من واشنطن ،بإشتراطها ، التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية، لإنهاء نلك العزلة الامريكية المفروضة على السودان. ومع ذلك فقد كانت اوروبا ،الرائدة ، إلى جانب الصين وروسيا ، في فتح ثغرةفي جدار تلك العزلة . وقد أدي فرض عقوبات جسيمة من قبل واشنطن، مطلع العام الماضي، على البنوك الأوربية ، التى انتهكت العقوبات الأمريكية ،وتعاملت- سراً- مع السودان ، عامي 2012 و2014،وعلى رأسها بي إن بي باريبا، BNP Paribas أكبر البنوك الفرنسية ، والذي فرضت عليه غرامة جسيمة قاربت التسعة بليون يورو، إلى جانب كوميرزبانك Commerzbank الألماني ، لأن تسعي أوروبا لحماية ماتبقي من مصالحها مع السودان، بشكل علني ، تحت غطاء المساعدة في البحث عن حلول تمكِّن السودان من الخروج من العزلة الدولية . وهو ماتبلور ، في مساع أوربية لتوحيد المعارضة، في برلين وباريس ، للزج بها في مسعي جديد لتحقيق تسوية سياسية مع النظام، بوساطة الإتحاد الإفريقي. غير أن تدفق الهجرة غير الشرعية لأوربا من قبل مواطني بلدان القرن الأفريقي ، عبر السودان وليبيا،إلي جانب السودانيين أنفسهم ، قد أوجد حاجة ملحة، لأوروبا ، لمزيد من التقارب بين أوروبا والسودان ، للتعاون لوقف تلك الهجرة .وقد حرصت أوروبا على أن يكون ذلك التعاون سراً،أيضاً ،بحيث تحافظ في العلن ، على المواقف الرسمية ، التى تتشاركها مع المجتمع الدولي تجاه السودان . فيما أوجد لحكومة السودان ، بالمقابل ، فرصة جديدة ،للإستثمار في الموقع الجيوسياسي للبلاد. وقد تعهدت أوروبا بتقديم دعم مقداره بليوني يورو، للعديد من البلدان ، ذات الصلة، بمافي ذلك تلك التي تحكمها أنظمة ذات سجل سيء في ميدان حقوق الإنسان ، لترقية بناء قدراتها الأمنية للسيطرة على الهجرة، لتنوب عنها في تحمل العبء اللاأخلاقي في الإنتهاك المنهجي للحق في اللجوء، كواحد من حقوق الإنسان ، وهو ما كان محل انتقادات واسعة،داخل أوربا وخارجها . فقد " حذر أكثر من تقرير أعدته مجموعة من البرلمانيين ، من أن جهود الإتحاد الأوروبي لإحتواء الهجرة من السودان ، والتي تلعب فيها بريطانيا، دوراً مفتاحياً ،تهدد سمعة الإتحاد كنصير لحقوق الإنسان ، وتضعها موضع الخطر". ومع استمرارها في اتجاه التقارب والتعاون مع السودان، خاصة ،تسعى أوروبا، في الوقت نفسه، لإتِّقاء تلك الانتقادات ، بتمويه مبادرتها في التعامل مع نظام شمولي ، تحت أغطية من الإهتمام اللفظي بحقوق الإنسان ، ومشروعات التنمية ، للتعمية ، على الحل الأمني الذي يعول عليه الأوروبيون، وشركاؤهم في القرن الأفريقي،أساساً ، لمحاصرة الملايين من المضطهدين البؤساء داخل قرن القمع والحروب والمجاعات، والحيلولة دون التماسهم طريقاً للخلاص يقودهم إلى أوروبا أو الغرق في المتوسط. وحسب القارديان، الصادرة بتاريخ 28 فبراير الماضي ، فإن الإتحاد الأوروبي يواجه بمطالبات متصاعدة بإعادة النظر في تعامله مع السودان بشأن الهجرة ،خاصة بعد واقعة جلد وتغريم وسجن، واعادة ترحيل لاجئين أثيوبيين وأريتريين ، قاموا، في يناير الماضي ، باحتجاج سلمي أمام السفارة الأثيوبية بالخرطوم ،على زيادة رسوم الفيزا. ودعت بربارا لوشبيهلر ، Barbara Lochbihler نائبة رئيس لجنة حقوق الإنسان بالبرلمان الأوروبي ، إلى التحقيق في تلك الواقعة . وقالت أنه " إذا كان مشروع الإدارة الجيدة للهجرة، Better Migration Management يتواطأ مع حقوق الانسان، واعتقد بأنه كذلك ، فان علينا أن نوقفه فورا ." ولاحظ التقرير، الذي أعدته لجنة برلمانية أوروبية ، وفق ماورد في جيرناليست نيو يوروب ، Journalist, New Europe ، مايمكن وصفه بخلفية الإنتهازية المتبادلة ، التى تتأسس عليها العلاقة النفعية بين طرفي الصفقة ، حيث أشار إلى "أن السلطات السودانية على وعيٍ تامٍ بالفرص التي وفرتها لها أزمة اللاجئين، من أجل الضغط على الإتحاد الأوروبي ." وأوضح النائب البرتغالي جواو بيمنتا لوبيز، João Pimenta Lopes ، من جهته ، طبيعة هذا التعاون الثنائي ، بقوله "أن السودان يحاول لوضع يده على تمويل الإتحاد الأوروبي ، في محاولة للتغلب وتخطي العقوبات الدولية ، بينما يحاول الإتحاد الأوروبي ،من جهته ، استغلال نوايا الحكومة السودانية ، لتنفيذ سياسته الإجرامية المناهضة للهجرة في المنطقة ". ولخصت كورنيليا إرنست ، Cornelia Ernst، منسقة لجنة الحريات المدنية ، مسعى "جعل السودان جزءً من جهود الإتحاد الأوروبي لمكافحة الهجرة غير المشروعة ـ من شرقي أفريقيا ، بأنه جنون كولونيالي جديد" .. وحسب ذا قارديان ، فإن لجنة برلمانية بريطانية لتقصي الحقائق، سبقت اللجنة الأوروبية ، إلى الإستنتاج بأن "سمعة الإتحاد الأوروبي الطويلة، كنموذج يجسد قيم حقوق الأنسان ، تواجه خطر أن يتم التضحية بها في محرقة الهجرة ". ومع أن المملكة المتحدة تتذرع بضرورة ، التعاطي مع السودان، من أجل معالجة مسائل من قبيل النزاعات الداخلية ، وحقوق الانسان ، وخفض عدد المهاجرين لأسباب اقتصادية ، إلا أن اللجنة البرلمانية ، حذرت من أن ذلك " سيضفي شرعية على حكومة السودان ". وأن العملية، Khartoum Process ، برمتها، بحسب تقرير اللجنة البريطانية ، والتى تعتمد على تعزيز دور وفعالية الجهات المختصة بالحدود ، بدت غير فعالة ، فضلاً عن رجحان احتمال تدميرها لسمعة الإتحاد الأوروبي كمثال لتجسيد حقوق الانسان . ولاحظ مارك ديركان ، Mark Durkan، رئيس اللجنة ، فيما يشبه السخرية ، أن العملية تستعين بمصدر خارجي لمعالجة مشكلة الهجرة ، في حين أن السودان نفسه ، هو مصدر بارز للهجرة ، مشيراً إلى تجاهل مسؤولية حكومة السودان عن سوء الإدارة الإقتصادية ، والإضطهاد السياسي ، بجانب سنوات من النزاعات الداخلية، التي أجبرت الكثيرين على الهرب. وعلى خلفية التقريرين ،اللذين نشرا في الثلث الاخير، من فبراير الماضي ، جاء وصول وفد أوروبي، يتكون من 18 سفيراً، في زيارة ، نصف معتمة إعلامياً ، للخرطوم ، منتصف مارس الجاري ، بحث خلالها مع المسؤولين - ضمن أمور أخري - قضية الهجرة السرية ، وفق ما ورد بصحيفة المجهر السياسي. وحسب تصريحات جان ميشيل ، سفير الاتحاد الأوروبي، ،فإن الوفد الأوروبي زار- أيضاً- كلاً من كسلا والقضارف، وبعض معسكرات المهاجرين والحدود ، وقال (استطيع ان اقول اننا اطمأننا الى ان مشروعاتنا في السودان ،يجري تنفيذها بصورة جيدة، وستتواصل جهودنا مع الخرطوم من أجل قضية الحدود، ومكافحة الهجرة غير الشرعية) من جانبه ،أبان مدير ادارة العلاقات الدولية بوزارة الخارجية ،محمود حسن الأمين ، ان لقاء قيادات الخارجية مع الوفد الزائر ، الذي وصفه" بالتنويري لتبادل الآراء مع مجموعة العمل الأوروبي "، قد ناقش إتفاقية مالطا الموقعة مع الإتحاد الأوربي بخصوص الهجرة غير الشرعية، والدعم الأوربي في هذا المجال ،مشيراً إلي أن العديد من القرارات في هذا الشأن ستوضع في موضع التنفيذ ،خلال الأشهر القادمة." ووصف السفير، حسب المجهر ، المبلغ الذي دعم به الإتحاد الإوربي السودان في مجال الهجرة غير الشرعية بالقليل ." وحسب ذا قارديان ، فقد "تلقى السودان 100 مليون يورو ، من الأموال في العام الماضي ،لتحسين أمن الحدود، ومعالجة أسباب التهجير القسري." " ويستفيد السودان ،أيضا، من مبلغ 40 مليون يورو (34 مليون جنيه استرليني) تم تخصيصه ،في إطار خطة الإدارة الجيدة للهجرة ، لعملية الخرطوم ، للمساعدة في الحد من تدفقات اللاجئين في وسط وشرق أفريقيا." وحسب القارديان فإنه "يمكن استخدام هذه الإيرادات لدفع تكاليف مراكز إدارة الحدود العسكرية والشرطية، ونظم المراقبة، ومركبات النقل، والإتصالات، ومعدات الشرطة الوقائية، ونظم تكنولوجيا المعلومات، والهياكل الأساسية، وإمدادات الطاقة
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة