قضيت معظم نهار أمس الأول في مدينة الدويم وكان حديث جميع من ضمني معهم مجلس عزاء أحد أصهاري وهم يتناولون قضية الوباء الذي ضرب عدداً من المناطق في ولاية النيل الأبيض عن أنه كوليرا (عديل كده) بالرغم من أن الإعلان الرسمي الصادر من السلطات الصحية يصر على أنها إسهالات مائية ولا علاقة للأمر بالكوليرا. معظم الحديث انصب على انتقال الكوليرا من الجنوب .. أحدهم ذو فصاحة و(حلقوم كبير) تحدث بإصرار شديد عن أن جثث قتلى الكوليرا في دولة جنوب السودان يلقى بها في النيل الأبيض الأمر الذي نقل العدوى من خلال النهر المتدفق شمالاً. في الخرطوم يصر المسؤولون جميعاً أنها إسهالات مائية وربما يكون ذلك صحيحاً، لكني أحذر من أن تكون الحقيقة غير ذلك فالصدق أقصر الطرق لمواجهة الوباء، ذلك أنه ما من وسيلة للمكافحة أفضل وأنجع من المواطن عندما يستنفر لحماية صحته والمحافظة على حياته. ما أقلقني أن منشوراً تم تداوله عبر الواتساب بتواقيع صادرة من وزارة الصحة بسلطنة عمان يخاطب السلطات في كل أنحاء السلطنة طالباً منها اتخاذ التدابير والتراتيب اللازمة لمنع تسرب الكوليرا إلى البلاد من خلال القادمين من (الدول الموبوءة بالكوليرا مثل تنزانيا والسودان والصومال) على حد قول المنشور . لا يخفى العلاقة التاريخية بين سلطنة عمان وتنزانيا التي ورد اسمها في تقرير الكوليرا والتي كانت تابعة للسلطنة قبل تكوين تلك الدولة بذلك الاسم الذي أخذ الحرفين الأولين من تنجانيقا وزنجبار بعد توحيدهما. أما ورود اسم السودان في ذلك التقرير فقد نتج عن ارتباطه بالجنوب الموبوء بالكوليرا. للأسف فإن الجنوب يصر على أن يلحق بنا الأذى ويلطخ من سمعتنا حتى بعد أن (فرز مواطنوه عيشتهم) منّا باستفتاء قرروا فيه بالاجماع الخروج من خريطة السودان فبدلاً من أن يختاروا اسما آخر لدولتهم الجديدة يتجنبوا فيه اسم السودان الذي أبغضوه أبوا إلا أن يكيدوا لنا كما اعتادوا منذ أكثر من قرن من الزمان وأن يسموا بلادهم (جنوب السودان) ولذلك فإن كل المجاعات والأمراض والحروب الأهلية وغيرها من (البلاوي) مما تنقله فضائيات الدنيا عن تلك الدولة الموبوءة بكل مصائب الدنيا تنسب ألينا فوا حر قلباه. المهم فإنه بدلاً من أن يذكر منشور السلطات الصحية بسلطنة عمان (دولة جنوب السودان) يصر على أن يدمغ السودان بذلك الداء الخطير وإلى أن تتمكن وزارة خارجيتنا من إقناع العالم بأن جنوب السودان دولة أخرى غير السودان فإن الجنوب سيظل يدمر من سمعتنا كما ظل طول عمره هكذا (سيك سيك معلق فيك)! فها هو بعد أن انفصل عنّا برغبة ابنائه يرزؤنا بالهجرة العكسية محملاً السودان الأعباء الاقتصادية والاجتماعية والأمنية والصحية بالرغم من أنه (ما ناقص)! نرجع لموضوع المرض الذي لا يزال يفتك بمواطنينا في ولاية النيل الأبيض وعدد من الولايات لنطلب مجدداً من السلطات التعامل بجدية أكبر مع النازحين من جنوب السودان ذلك أني أجزم بأنه لا توجد دولة في العالم تتعامل مع قضية اللجوء بالطريقة التي يتعامل بها السودان فقد رأينا كيف تتعامل أوروبا مع الفارين من جحيم سوريا وكيف تقيم لهم معسكرات منفصلة بعيداً عن مواطنيها محروسة بالليل والنهار بحيث لا يسمح بخروج نملة من تلك المخيمات بالرغم من أن السوريين لا يعانون من الأمراض والأوبئة التي تفتك بالجنوب. أما نحن فبالرغم من انتشار الأمراض المعدية في دولة جنوب السودان من كوليرا وأيدز وكبد وبائي وسل فإننا نسمح لهم بالتسرب إلى الخرطوم وإلى كل المدن الأخرى بالرغم من أن غاية ما كان ينبغي أن نفعل أن نقيم لهم معسكرات في حدود ولاية النيل الأبيض مع الجنوب لا يغادرونها حتى إلى داخل ولاية النيل الأبيض الحدودية ناهيك عن تسربها إلى داخل السودان. بح صوتي وأنا أطالب بأن تقام مفوضية أو سلطة مركزية للهجرة الأجنبية بعد أن تكاثرت أعداد اللاجئين وبلغوا الملايين بعد أن أصبح السودان قبلة لهم من الشرق والغرب والجنوب. وبأن تخرج قضية النزوح واللجوء من السلطات الولائية ذلك أن تفاعل الولايات مع قضية الهجرة واللجوء تتفاوت من ولاية إلى أخرى وفقاً لامكانات كل ولاية ودرجة اهتمامها بها من حيث الأهمية ومن حيث ضغطها سياسياً على صانع القرار .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة