كتبت في مثل هذه الأيام من العام 2013م تحت عنوان "يا راعي الغنم!" وقلت (إن غالبية تربية الماشية في السودان كانت وما زالت من أجل المظهر الاجتماعي لا الاقتصادي، كما أن الحكومات لا تُعطي منتجيها الرعاية والاهتمام، بحيث تعدهم من المجتمعات المهمة في البلاد التي تساهم في عمليات الإنتاج الحقيقي وفي الناتج المحلي الإجمالي. فعندما تطلق عبارة (راعي غنم) أو (راعي بقر) على شخص تكون لها دلالة ومعانٍ غير مشجعة للدخول في هذه المهن "سخرية"، وبالتالي ضروري جداً تغيير هذا الفهم إن أردنا التقدم الاقتصادي والتنموي). نعم نملك من الثروة الحيوانية ما لا تملكه غيرنا من الدول بما فيها هولندا، واستراليا، وأمريكا التي نستورد منها، والميزة التي نتمتع بها دون غيرنا أنها تربى في مراعٍ طبيعية، فمن الماشية لدينا الإبل، والبقر، والضأن، والماعز، ومن الطيور، الدجاج، والحمام، والسمان، والحبارى، والقمري، والبلوم، والدباس، والقائمة تطول، ومن الأسماك، النيلي والبحري، والبوطي (من بوطة: منخفضات تحجز مياه الخريف)، وفي كلٍ أشكال وأنواع من الأسماك والحيوانات المائية الأخرى، ومن الدواب الخيل والحمير، ومن الصيد الأرنب، والغزلان، والخنزير، ومن المفترسات، النمور والأسود، والذئاب، ومن الزواحف الثعابين، والقنفذ والتماسيح، وغيرها من أنواع الحيوانات المهملة. كل هذه الثروة والنعم يمكن تحويلها إلى مكاسب اقتصادية، بإدخالها دائرة المستهدف من الاستثمارات، وبدراسات جدوى مستوفاة وميزات تفضيلية للنادر منها، تشجع الراغبين... وذلك بدوره يسهم في توفير فرص للعمالة، وزيادة دخل العاملين في المجال والبلد، وترتفع قيمة العملة الوطنية، والتي لن ترتفع إلا بإنتاج حقيقي، ولو رفعت العقوبات الاقتصادية. فما زلت على رأي أننا لا يمكن أن نستفيد من ثرواتنا الحيوانية المهولة تلك إلا بالتفكير الإبداعي وبالاعتناء بمربيها في المقام الأول وإعطائهم حقهم الأدبي والمادي، وعدم السخرية منهم. فالمنتج هو الأولى بالاستفادة من إنتاجه وبأسعار جيدة، وليس الوسطاء والسماسرة والتجار الذين يحصلون على خمسة أضعاف ما يجده ذاك الراعي الذي يلاحق الليل بالنهار من أجل تربية مواشيه، ولا يمكن أن يستقيم الحال إلّا بسياسات دولة راشدة تقدر مواطنها، وإنتاجها، فوق أنشطتها الطفيلية. [email protected]
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة