هذه ليست تعديلات دستورية، لأن الدستور يتضمن قضايا كليّة، تسميها الانقاذ بـ «الثوابت»، لتغض عنها الطرف، أو تبيع وتشتري فيها.. الدستور لا يحتوي على تفاصيل رسوم الحِناء على كواحِل النساء، ولا كيف يتم تزويجهن، أو ترويحهن... الدستور يتناول قضايا الحرية، المواطنة ، العدالة، حرية الاعتقاد، حقوق الإنسان.. إلخ. هؤلاء الشعبيون، ولفيف الأخوان المنضوون تحت لواء النظام، إلى جانبهم أنصار سنة، وهيئة علماء، ومجمع فقه، ووزير سياحة وفنادق.... هؤلاء جميعاً، وصفهم المهدي ــ وقد صدق في هذه ــ وصفهم بعلماء السوء، وأسماهم النميري ــ و قد صدق في هذه أيضا ــ أسماهم بفلول الرجعية، وكذا إخوان الشيطان. هؤلاء جميعاً يعودون إلى الواجهة في معركة من غير معترك، هي زواج التراضي، الذي ما هو بتعديلات دستورية، وإنما هي تخريجات فقهاء تتعلق بفهمهم لشريعة الأحوال الشخصية، وهو فهم فيه أخذ و رد، وليس فتوى نهائية، بل آراء ضمن باب الاجتهاد المفتوح إلى يوم القيامة.. فأبو حنيفة النعمان، أقدم فقهاء المذاهب، قد جوّز تزويج الفتاة لنفسها، وفقاً لأحكام الكتاب والسنة. أما من حيث المضمون، فإن ذهول «الكِبار»، عن قضايا الفساد المستشري، و المعيشة والصحة، وانهيار البنى التحتية للمدارس، وغرق معلمِّة في بئر «الحياة» الآسِنة.. استغراق « الكِبار» في أمور مثل الفوارق الابستيمية بين العزباء والبكر، وغيرها،، يُعد استغراقاً في أمور انصرافية وكهنوتية، بل هو في الحقيقة انغلاق للعقول في خزعبلات، تنبع من وجدانيات الدواعش المخضرمين. هذه الخزعبلات، فضلاً عن أنها تثير علينا العالم المتحضِّر، فهي تعطي هؤلاء العلماء بزعمهم، سانحة ليضيّعوا على بلادنا فرصة رفع العقوبات.. إن لم تتحرك مؤسسة الرئاسة وتوقف هؤلاء عند حدهم، فلننتظر عواقب ذلك، أذىً ماثل، قريباً وقريباً جدا، إذ لم يتبق على مدى رفع العقوبات، سوى خمس شهور. هؤلاء العلماء بزعمهم، عليهم أن يكفوا أذاهم عن السودان في هذه المرحلة الدقيقة، إذ لا يعقل أن يفتحوا علينا باباً من الدعاية المضادة كتلك التي حدثت بسبب بنطلون لُبنى. أما الأمر بالغ الأهمية، فهو، أن قضية مقدسة مثل قضية الحريات، لا يمكن أن توكل للسنوسي والسجاد، وأبوبكر عبد الرازق، ورهط المُدّاح الذين يلهجون بالثناء على مذكرة الشيخ! جهاد بهذه الرّفاعة أولي به صفوة السودانيين، أصحاب العقول الذكية، والقلوب المفعمة بحب الحياة والناس.. أمر كهذا، لا يمكن أن يترك لعصابة حزب الجبهة ، الذي رفض التوقيع على (ميثاق الدفاع عن الديمقراطية) ليكون أول من قوّض الحريات، واستمرأ الانقلابات، وتورط في قتل ابناء شعبنا وتهجيرهم، وتشريدهم في الآفاق. أخيراً وليس آخراً.. هذه الضجة التي تُثار حول ما يسمى بالتعديلات الدستورية، نرجو أن تكون هي آخر فرفرة لمنظومة قوانين سبتمبر، التي كان يجب ان تُلغى منذ عهدِ بعيد.. ولأن هذا الإلغاء يعتبر واجباً وطنياً ودينياً جليلاً ولا حياد فيه، فقد كان عسيراً على الصادق المهدي، وغيره من المترددين، أن يقوموا بهذه المهمة، رغم ما يقولونه، عن أن تلك القوانين، لا تساوي الحبر الذي كتبت به. akhirlahza.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة