د. النور محمد حمد الفكر ومعايير القيم (6-8) تشريح العقل الرعوي بقلم خالد الحاج عبد المحمود

دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 12-13-2024, 11:42 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
02-22-2017, 09:15 PM

خالد الحاج عبدالمحمود
<aخالد الحاج عبدالمحمود
تاريخ التسجيل: 10-26-2013
مجموع المشاركات: 164

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
د. النور محمد حمد الفكر ومعايير القيم (6-8) تشريح العقل الرعوي بقلم خالد الحاج عبد المحمود

    09:15 PM February, 22 2017

    سودانيز اون لاين
    خالد الحاج عبدالمحمود-
    مكتبتى
    رابط مختصر

    بسم الله الرحمن الرحيم
    "وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ"



    في إطار التعبير عن عبقريته وتفرده، توصل د. النور هذه المرة، إلى ما اسماه (تشريح العقل الرعوي).. وهو اختراع جديد تماماً، لم يسبقه عليه أحد، ولن يلحق به فيه أحد، فهو مجال تفرد حقيقي!!
    وقد جعل د. النور، هذا العقل الرعوي، الآفة الأساسية عند البشر، وخصوصاً الشعب السوداني المنكوب.. فهو _العقل الرعوي_ السبب في مقاومة الحداثة، والعدوان، والحروب، وغياب حكم القانون، والنظام!! وهذا العقل، إلى اليوم، هو الآفة الأساسية، عند العديد من الشعوب.. وهذا أمر لم يتفطن له سوى د. النور.. وهو عندما يكتب، يريدنا أن نرجع إلى تاريخنا، لنصحح حاضرنا، ونزيل المعوقات، التي تقف في سبيل نهضتنا.. وفي الحقيقة، حسب د. النور، هو معوق واحد _العقل الرعوي.
    نشر الموضوع في سلسلة مقالات بصحيفة التيار السودانية، في سبتمبر 2016م.. كما نشرت بموقع (Sudan for all)، وأنا هنا لست بصدد مناقشة كتابة د. النور هذه، وإنما بصدد بيان ما تكشف عنه، بالنسبة لتفكير د. النور.. ولذلك لن أقف إلا مع تعريف د. النور للعقل الرعوي، وبعض ما ورد في الكتابة، من إساءات للشعب السوداني، وقضيتين أخريتين.


    ما هو العقل الرعوي!؟ :
    تعريف أي شيء، هو عبارة عن ابراز الخصائص، التي يُعرف بها، وتميزه عن غيره.. والتعريف لا بد أن يكون دقيقاً ومحكماً، وله ارتباط واضح بالمعرف.. فعندما نقول عقل رعوي، فنحن بالضرورة، نتحدث عن نمط تفكير، يتعلق بالرعاة، ويتميزون به عن غيرهم، بصورة واضحة.
    والسؤال الأولي، هل يوجد شيء اسمه العقل الرعوي!؟ بصورة أوسع: هل مهنتنا هي التي تشكل عقولنا؟ ولماذا؟ وكيف؟ هل في وقتنا الحاضر، يوجد مجتمع رعوي، بصورة صرفة، أو حتى بصورة تكون فيها مهنة الرعي هي المهنة السائدة والغالبة على أهله!؟
    لا أحد يستطيع أن يقول مهنتنا هي التي تشكل عقولنا.. من المؤكد ان بيئتنا لها دور هام في تشكيل عقولنا، لكن من المؤكد أن البيئة وحدها، لا تشكل العقول.. والمهنة طرف صغير من البيئة.. عندما تم اكتشاف الخريطة الجينية للإنسان (الجينوم)، دار لغط بين العلماء، مفاده أن جيناتنا هي التي تصنعنا، ولكن سرعان ما انحسر هذا اللغط، وأصبح الحديث يدور حول الوراثة والبيئة معاً.. فالقول بأن كل شيء يتعلق بنا، مخزن في جيناتنا قول خاطيء.. كما ان القول بأن كل شيء يتعلق بنا نكتسبه من البيئة، دون أي حاجة لشفرتنا الوراثية، قول خطأ أيضاً.
    فزعم د. النور، بأن هنالك عقل رعوي، له كل الأهمية التي نسبها له، قول خطأ تماماً، ولا يستحق أن ينظر فيه.. فمهننا لا تصنع عقولنا، خلي عنك مهنة واحدة، هي الرعي.
    هل يوجد مجتمع، يمكن أن يقال عنه أنه مجتمع رعوي؟ في التاريخ نعم.. لقد مر على الإنسان، في تاريخه القديم، وقت كان فيه جامع ثمار، ووقت كان صانع للأسلحة من الحجارة، ووقت كان فيه راعياً، ومزارعاً ... إلخ.. وفي هذه الأوقات التاريخية القديمة، كانت المهنة التي يمارسها الإنسان تكاد تكون مهنته الوحيدة، فهو لا يعرف غيرها.. فعندما كان جامع ثمار مثلاً، لم يكن قد الّف الحيوان، ولا مارس الرعي، وبالطبع لم يعرف الزراعة.. في تلك الحقب السوالف، كان يمكن أن يسمى الإنسان بما يقوم به من عمل، أو مهنة.. فهنالك العصر الحجري، والعصر الرعوي، والعصر الزراعي.. وحتى في ذلك التاريخ، لا يصح أن يقال إن مهنة الإنسان، هي التي تشكل عقله.. لا يصح أن يقال، في الوقت الذي سادت فيه مهنة الرعي، ان عقل الإنسان وقتها كان رعوياً.. فالمؤثرات البيئية، التي تساهم في تشكيل التفكير عديدة، والرعي من ضمنها، ويمكن أن تكون له في وقته أهمية خاصة، ولكن ليس للدرجة التي يقال انها تشكل عقله.
    ود. النور، في حديثه عن العقل الرعوي، لا يقف فقط عند مهنة الرعي، وإنما يضيف النظام القبلي، والطابع البدوي.. ود. النور يشير إلى ارتباط الظاهرة بالتاريخ، فيقول عن البنية العقلية الرعوية: (انها بنية صنعتها غريزة البقاء في ظل مرحلة تاريخية بعينها..).. هكذا: صنعتها في مرحلة تاريخية بعينها!! ولكن د. النور، لا يتحدث عن هذه المرحلة التاريخية المحددة، وإنما يتحدث عن الواقع اليوم، وفي عدد من فترات التاريخ، الأمر الذي يجعل الظاهرة عنده متجاوزة لإطارها التاريخي!! ولكن كيف يحدث هذا!؟ وما السبب فيه!؟
    ود. النور، يسمي "الرعوية" بالقبلية، فيقول مثلاً: (لقد ظهرت "الرعوية"، وسمها "القبلية" إن شئت كأشرس وأعنف ما تكون، عندما تفككت يوغسلافيا..).. والسؤال الآن، هل عقول المجتمعات القبلية الرعوية، في وقتها التاريخي، تشكلها القبلية ومهنة الرعي؟ هذا ما يقوله د. النور، فهل هو صحيح؟ من المؤكد أن الحياة القبلية الرعوية، لها خصائص اجتماعية، ومهنية خاصة.. وهي إلى حد كبير تختلف عن خصائص الحياة في المدينة.. ومن هذه الخصائص الصراع والحرب حول الماء والكلأ.. وبالطبع الرعاة، لا يحبون حياة الاستقرار في المدن، لأنهم تعودوا على غيرها.. تعودوا على حياة الترحال مع بهائمهم.
    لا يمكن أن يقال عن عقلية البدو الرعاة، انها عقلية رعوية أو قبلية.. هي عقلية، مثل جميع البشر، تتأثر ببيئتها.. والبيئة ليست فقط اجتماعية، تشكلها القبائل والرعي، وإنما هنالك، مجال آخر هام جداً، هو البيئة الطبيعية، وهي تؤثر على عقلية البشر تأثيراً كبيراً.. والبيئة في كل تفاصيلها، في مجال الطبيعة والاجتماع، وحدها، لا تشكل العقول.. فهنالك الوراثة، وهي هامة جداً.
    لقد كان المجتمع في الجزيرة العربية، قبل البعثة النبوية، مجتمعاً قبلياً رعوياً، تقوم قيمه، في جملة حالها على البداوة.. ونفس هذا المجتمع، بعث فيه محمد صلى الله عليه وسلم، كخاتم للأنبياء.. ومعظم المجتمعات التي بعث فيها الأنبياء، إن لم أقل كلها، كانت مجتمعات قبلية رعوية.. وهذه فضيلة لهذه المجتمعات لم تتوفر لغيرها!! والبعثات الدينية، اعادت تشكيل المجتمعات الرعوية، التي تمت فيها.. وقد أشار د. النور في هذا الصدد إلى الإسلام.. فتدخل السماء، عن طريق الوحي، عامل أساسي جداً في تشكيل العقول..
    وللصحراء الممتدة، والسماء الصافية في الليل، أهمية كبيرة جداً، في خلق العقلية التأملية، وربما يكون هذا من أهم أسباب ظهور النبوات في هذه المناطق.
    حركة التطور الحضاري قائمة على التواصل بين البشر، وتناقل الأفكار والتجارب.. وكان التواصل، في التاريخ يتم عن طريق الهجرات، والتجارة، والحروب.. وكانت الحروب هي العامل الأهم.. فالحرب ليست كلها شر.. فهي في التاريخ لها دورها الهام جداً في التفاعل والتطور الحضاري.. وإلى اليوم، الحرب، هي صاحبة الكلمة، ولم يجيء وقت السلام.. ولكن ظهر بديل الحرب، في التفاعل الحضاري، وهو التطور العلمي والتكنولوجي، وما أدى إليه من تطور هائل جداً في وسائل المواصلات، ووسائل الاتصال.. وهو تطور، أكفأ من الحرب بما لا يقاس، في خلق التفاعل البشري، وهو يحتم الانتقال من البداوة إلى حياة المدينة.. ونتيجة لهذا التطور أصبح المجتمع البشري، مجتمعاً كوكبياً، تجاوز القبيلة والأمة، بالطبع لا يزال هنالك باقي ضعيف من القبلية، ومن القومية، وكلاهما في تناقص مستمر.. والعالمية في انتصار دائم، وما هو دونها في حالة تقهقر دائم.. مع تطور وسائل الاتصال، أصبح الانعزال شبه مستحيل.. لم تعد هنالك قبائل بالمفهوم التاريخي، إلا في مناطق قليلة جداً، في أفريقيا، وأستراليا.. وهذه الحياة القبلية، حتى في هذه المناطق المتبقية، كل يوم تخرج من عزلتها، فتزحف عليها الحضارة، بمثراتها العديدة جداً، والفعالة جداً.. فهذه المجتمعات المنعزلة، في حكم المنقرضة.
    لا يمكن أن يقال، عن السودان، أنه مجتمع قبلي رعوي، بالمعنى التاريخي.. فوجود القبيلة، خصوصاً في وسط السودان، وجود اسمي فقط، ليس له أثر على حياة الناس.. ولا يوجد مجتمع، يمكن أن يوصف بأنه رعوي!! أنا أعيش في منطقة البطانة، وهي منطقة رعي وثروة حيوانية.. سكان المنطقة، ليسوا رحلاً، كما هو شأن المجتمعات القبلية.. كلهم يعيشون في مدن وقرى، ويعيشون في مساكن ثابتة.. وقد دخلهم التعليم منذ وقت طويل.. ويستخدمون التلفاز والمحمول، ويطلعون على الصحف، بصورة لا تختلف عن بقية شعوب العالم.. الرعاة في هذه البيئة، يعيشون نفس معيشة الآخرين، وهم عدد قليل جداً، ولا يكونوا مع الحيوانات التي يرعونها إلا في موسم الخريف.. وحتى في هذا الموسم يتعاملون مع أصحاب البهائم بالمحمول، وحاجاتهم تصلهم في أماكنهم عن طريق العربات.. وهم يتعاملون مع الراديو، وعلى اتصال دائم بالعالم.. وقد أصبح الراعي، ليس هو مالك البهائم، وإنما عامل فقط، وقد يكون صاحب البهائم في الخرطوم، أو أي مدينة أخرى.. والرعي، لم يعد مهنة ثابتة، وإنما هو عمل يتم التحول عنه، كلما وجد ما هو أفضل.. من أجل ذلك، من المستحيل أن يوجد مجتمع قبلي رعوي، بالصورة التاريخية، يمكن أن يكون بعيداً، عن المؤثرات الحضارية.. فالحضارة الغربية هي من القوة والشمول، بحيث لا يخرج عن تأثيرها أي مجتمع في الأرض.. فحتى أصحاب الأديان السماوية الكبرى، تخلوا عن أساليب تفكيرهم الدينية، وحياتهم الدينية، وأصبحوا تبع للحضارة الغربية في نمط التفكير والحياة، حتى أن التدين أصبح عندهم مجرد شكل ـ قشرة خارجية .
    ما هي خصائص المجتمع الرعوي، التي تميزه عن غيره، عند د. النور؟ يقول د. النور، عن ظاهرة الرعوية، حسب زعمه: (والظاهرة المعنية، وهي القضية الجوهرية في ما طرحته في المقالة السابقة، وفي ما سوف ألمسه في هذه المقالات، تمثل في جملتها، وفي تفاصيلها، المسلك المناهض، أو المعاكس، للحداثة ولقيمها، ولاحترام القوانين والنظام. وأبدأ فأقول إن منشأ هذا المسلك هو حالة البداوة وبنية المجتمعات التي تشكلت حول نشاط الرعي..).. نلخصها في نقاط: 1/ المسلك المناهض للحداثة وقيمها.. 2/ عدم احترام القوانين والنظام.. 3/ حالة البداوة التي تشكلت حول نظام رعوي 4/ الحرب والعدوان.
    يقول د. النور في موضع آخر: (انشغالي بالظاهرة يتجه إلى تجليات ما يمكن أن أطلق عليه ثنائية "الإنسية" و"الوحشية"، أو النظام واللانظام، أو صراع "الجلافة" مع "الصقل والتهذيب والنبل وعالي القيم". أو في تجليات أخرى تشمل مختلف جوانب صراع الكيانات قبل الحداثية مع مؤسسات الدولة الحديثة..).. فالمجتمع الرعوي عند د. النور هو ما تنطبق عليه كلمات د. النور أعلاه: الوحشية، اللانظام، الجلافة وهي مقابل "للصقل والتهذيب والنبل وعالي القيم".
    وفي موضع آخر، يجعل من أهم سمات العقل الرعوي الانصياع "لسلطة العقل الجمعي"!! والعصبية والعاطفة، وعدم الموضوعية، والأنانية.. فهو يقول: (هذا “الإيقو”، وهذه الأنا المتضخمة، لم تهبط علينا من السماء، وإنما هي متجذرة في بنية هذا العقل الرعوي، التي نحن بصددها. فالعقل الرعوي لا يستطيع أن ينظر إلى الأمور، ولا يستطيع معالجتها، من زاوية موضوعية..).. ومن صفات العقل الرعوي "الاحساس بالعظمة".. يقول د. النور: (يعود الإحساس بالعظمة، لدى أكثريتنا، إلى قيم القبيلة التي سبق أن تربَّى عليها أسلافنا، حين كانوا رعاة. فالبيئة الرعوية تشحن أبناءها بالشعور بالعظمة وبالأهمية، وبالاستحقاق المطلق، والأفضلية على الغير..)..
    لا يوجد نقص أو عيب بشري، إلا وعند د. النور يرجع إلى العقلية الرعوية.. فهي "منظومة قيم" ضمت كل ما هو سلبي عند البشر.. فهي المسئولة عن العنف والعدوان والحرب، ووجود الرشوة والمحسوبية، والنرجسية، وتضخم الذات، والخضوع للعقل الجمعي، والتعالي، والتقليل من شأن الآخرين ...إلخ.. ولكن أهم هذه، الرعوية العدوانية، التي فيها لا يفكر الرعوي، أكثر من مرتين، حتى يشهر سلاحه في وجه الآخر.. والعنف والحرب بالذات.. وعلى الرغم من أن هذه القيم الرعوية، شكلتها ظروف تاريخية، لا تسمح بغيرها، فحسب عبارات د. النور، إن المصطلح: (إنما يشير إلى منظومةٍ قيميةٍ شكلتها ظروف تاريخية. وهذه الظروف التاريخية، لم تكن لتسمح لها بأن تتشكل على غير تلك الصورة. فمنظومة القيم الرعوية تشكَّلت، وفق الظرف التاريخي، والمعطيات، والسياق الذي أحاط بها..).. رغم هذا، الظاهرة متجاوزة للتاريخ ولكل الظروف، وانطباقها على المجتمعات المعاصرة، هو الأهم عند د. النور.. فالرعوية، ليست مرتبطة بمهنة الرعي، وهي تشمل جميع المهن.. وكذلك القبلية، ليست مرتبطة بالقبيلة، وإنما هي تشمل جميع التجمعات البشرية، مثل: القومية، والحزبية، والمذهبية، والأتيام الرياضية، والأحزاب، والجماعات الدينية، والمذهبيات.. فمثلاً: داعش، والمانيا النازية، وتنظيم الأخوان المسلمين، والحزب الشيوعي، والجمهوريين ...إلخ.. كل تجمع بشري هو قبيلة.. فالتعريف عند د. النور، يجب أن يكون شاملاً، بحيث لا يخرج عنه شيء.. فالقيم الرعوية، هي القيم البشرية السلبية، دون استثناء.. والرعوية، تشمل جميع المهن، ما عدا مهنة الرعي، أو لنقل تشمل الرعي بصورة أقل من غيره، وذلك بحكم أن الرعي، لم يصبح موجوداً، إلا في أقل نطاق.. وكل هذا بسبب أن الدكتور يتحدث عن (المصطلح في سياقين مختلفين: أحدهما قبل حداثي، والآخر حداثي..)!! فقبل الحداثة القيم البشرية السلبية، ترجع إلى العقل الرعوي، وبعد الحداثة أيضاً هذه القيم ترجع إلى العقلية الرعوية!! ولكن لماذا تسمية رعوية، أو قبلية؟ لأن جلالة السلطان يريد ذلك!! تعريف د. النور للرعوية هذا، يذكرني بالتعريف العسكري للقيام راقداً، وهو يقول: القيام راقداً، هو القيام الذي يستخدم في جميع الحالات، ما عدا الحالات التي لا يستخدم فيها!!
    نماذج للجهات صاحبة العقل الرعوي:
    نشير هنا، بإيجاز شديد للجهات التي وصفها د. النور بالعقل الرعوي
    1/ العرب والسودانيون هم المعنيون في المكان الأول.
    2/ الفاشية والنازية!! يقول الدكتور: (يمكن القول إن الفاشية والنازية، رغم أنهما حدثتا في إطار الحداثة الغربية، تظلان، هبتين رعويتين..)..
    3/ ومن الدول، إلى جانب السودان، هنالك يوغسلافيا.. فهو يقول: (لقد ظهرت "الرعوية"، وسمها "القبلية" إن شئت كأشرس وأعنف ما تكون، عندما تفككت يوغسلافيا الشيوعية إلى دويلات..).. والدولة السعودية، ودول الخليج.. فهو يقول: (يمكن أن ينطبق هذا الوصف على الدولة السعودية، وغيرها من الدول الخليجية..)..
    4/ نفرد لأمريكا والشعب الأمريكي رقم خاص، فهو الآخر شعب رعوي.. يقول د. النور: (أيضًا، من ظواهر الرعوية التي يمكن أن تخرج من تلافيف الحداثة، ظاهرة المرشح الرئاسي الأمريكي دونالد ترمب، الذي أيقظ بخطابه العنصري البسيط، المباشر، والصادم، بقايا بنية العقل الرعوي في الحياة الأمريكية التي لا تزال مختبئة تحت قشرة الحداثة الأمريكية. لقد ظل العقل الرعوي، أو "عقلية الكاوبوي"، مختبئةً منذ قرون تحت هذه البنية الحداثية الأضخم في العالم. فبسبب التطبيق الأعرج للديمقراطية، وانفصال النخب في أبراجها العاجية عن قواعدها، فشلت الحداثة الأمريكية في أن تخلق شعبًا مؤمنًا حقًا بقيم الديمقراطية والعدالة. واتضح مع هبة ترمب أن الشعب لا يزال يستجيب للخطب النارية، ولفرد العضلات، وللتبسيط، وكل ما تعرضه عقلية رعاة البقر من صور "العنترية"، وهي تعود لتقتحم مسرح السياسة على حين غرة. اكتسح دونالد ترمب بخطابه البسيط، وبرعونته، وبقدرته على قول ما يتجنب الآخرون قوله، كل الحواجز التي ظنت الانتلجنسيا الأمريكية أنها قد حصنت بها حضارتها من الارتداد. فخطاب ترمب المعادي للأقليات وللمهاجرين، والذي لا يرى في الدولة سوى شركة تجارية..)..
    5/ نعطي السودان رقماً خاصاً، لأنه هو المقصود بالأصالة: (فالسودان ظل يجلس على بنية "عقل رعوي"، يكره الحداثة، ويسخر منها ومن أهلها، ويعرِّض بها، كلما وجد إلى ذلك سبيلا. هذه البنية المستهزئة بالقانون وبالنظم وبالتمدن، قمعتها الحداثة قمعًا، فاختبأت تحت السطح، تتحين الفرص..).. من أين أتى د. النور بهذه الأوصاف؟ إنه يأتي بكل ما يأتى به، من مزاجه الخاص!! وهو لا يحتاج أن يورد دليلاً على أقواله.. فهو الدليل!!
    6/ ومن التنظيمات والجماعات، جماعة الأخوان المسلمين، وداعش، وبالطبع كل جماعة مشابهة، وكل حزب.. يقول د. النور: (ولقد سبق أن أشرت إلى "رعوية"، ظاهرة مرشح الرئاسة الأمريكية، دونالد ترمب. كما يمكن أن أشير إلى منظمة كوكولاس كلان الأمريكية العنصرية، وجماعات الشباب النازي في ألمانيا، وإلى تنظيم داعش. كما يمكن أن تتمثل القبيلة، في السياقات الحديثة، في الحزب..).. كما يمكن أن تكون متمثلة في فريق كرة القدم الذي تشجعه، أو في الاكتفاء في الفنون، بمغني بعينه، وتشكيل رابطة معجبين تحت اسمه، أو في طريقة صوفية بعينها، وغير ذلك من التجمعات التي تقف وراءها العصبية أو العاطفة!! وبالطبع أي تجمع بشري تربط بين أعضائه عاطفة!!
    7/ وعن دمغ الشيوعيين والجمهوريين، بالعقل الرعوي يقول: (وأرجو أن نلاحظ وجود هذه العقلية الرعوية في تنظيماتنا، حتى الحديثة منها؛ كالحزب الشيوعي، ومجموعتنا نحن الجمهوريين. فمن يخرج على قبضة العقل الجمعي، تنهال عليه السهام من كل حدبٍ وصوب. الشاهد، أننا أين ما نظرنا، وجدنا أن "العقل الرعوي" ممسكٌ بخناق عقولنا وحياتنا..)!! إذن أين نجد الحداثة، التي عدها الدكتور أساساً للقيم الرفيعة؟ في الواقع، وحسب سيطرة العقل الرعوي، الحداثة لا توجد في أي مكان سوى عقل صاحب "العقل الرعوي"!!
    إن الأمر كله، لا يعدو أن يكون عبثاً لا يستقيم مع التفكير المستقيم.. ولا وجود للظاهرة التي يتحدث عنها د. النور باسم (العقل الرعوي)، إلا في عقله هو.. وحتى هذه أمر مشكوك فيه، فهو كعادته الدائمة في التناقض، لا يُستبعد مع كل ما قاله عن الموضوع، أن يقول بخلافه!!.
    د. النور في كل ما يكتب، لا يقول شيئاً أكثر من: أنا هنا.. فهو مركز كل ما يصدر عنه!! فلا أهمية لما يقول، وإنما الأهمية، كل الأهمية، للقائل.
    هجاء الشعب السوداني:
    لقد إتخذ د. النور من اختراعه للعقل الرعوي وسيلة لهجاء الشعب السوداني، فأسرف في ذلك اسرافاً عظيماً!! ونحن هنا سنورد بعض أقواله في هذا الهجاء:
    1/ يقول: (كمنت القبيلة طيلة فترة الحكم الثنائي (1898-1956)، وظهرت مع هبوب نسائم الاستقلال. فالسودان لا يزال في مرحلة القبلية تتحكم في مجريات أموره بنية العقل الرعوي. فالدولة الحديثة في السودان، لم تقم بعد. وهي لن تقوم إلا بعد أن ننجح في تفكيك وإزالة بنية العقل الرعوي التي لا تزال ممسكة لدينا بخناق كل شيء..)..
    2/ (لقد كمنت القيم البدوية والرعوية طيلة فترة التحديث الاستعمارية، التي فُرضت علينا، من علٍ، فرضا. وما أن خرج المستعمر انسربت تلك القيم البدوية والرعوية التي كانت كامنة تحت السطح، إلى مركز إرث التحديث القليل الذي ورثناه من الحقبة الاستعمارية، وفجرته من الداخل..)..
    أولاً: لماذا الاستعمار الإنجليزي ليس صاحب عقلية رعوية، وهو تنطبق عليه أهم صفات الرعوية، الغزو والحرب _ وهذا ما ذكره صاحب الاختراع نفسه!؟ لماذا، غزو العرب لغيرهم يجعلهم أصحاب عقلية رعوية، وغزو الإنجليز لغيرهم، يجعلهم أصحاب حداثة، ينقلونها للجهة التي يستعمروها؟ أليس هذا هو نفس المبرر الذي يسوقه الاستعمار، لغزوه الغير؟
    ثانياً: من الناحية التاريخية الموضوعية، القبلية في عهد الاستعمار للسودان، كانت أكبر بكثير جداً منها بعد خروج الإنجليز.. وقد كان الإنجليز يعتمدون اعتماداً كبيراً على زعماء القبائل.. وكان هؤلاء الزعماء حريصون بصورة كبيرة، على عدم تعليم من تحت ادارتهم، حتى لا يخرجوا عليهم.
    ولكن، صاحب الاختراع، هو صاحب حق ملكية يضع اختراعه أينما شاء، يهبه لمن يشاء ويحرم منه من يشاء!!
    3/ يقرر د. النور (تتعلق تلك الملاحظة المركزية بحالتيْ السودان والصومال، بوصفهما أكثر الدول تعثرًا في إفريقيا، بل وفي العالم بأسره، في ما يتعلق بالأخذ بأسباب الحداثة. فالأحوال الداخلية المتردية في هذين القطرين، تدعم زعمي هذا، بما لا مزيد عليه. كما تعضده أكثر، كل التقارير الصادرة عن المنظمات الدولية، في العقود الأخيرة..).. واضح أنه يتخذ من فشل الحكام ذريعة لهجاء الشعب.
    4/ ويقول: (كل المكابرات، التي تزخر بها حياتنا، مما نراه لدى المسؤولين الحكوميين، وقادة الأحزاب السياسية، وصفوة المثقفين، وعامة الناس، وغيرها من الخلال السيئة، يقف وراءها ما يمكن أن نطلق عليه "رهاب فقدان الشرف"، الذي ليس هو بشرفٍ، أصلا. بل، على العكس من ذلك تمامًا، فكثير مما تواضعنا عليه بوصفه شرفًا، هو، في حقيقة الأمر، وحشيةٌ، وغرورٌ لا يعرف الحدود، بل وأحيانًا وضاعةٌ ونذالةٌ، ومفارقة للقيم النبيلة، لا تنفك تلتحف بأغطية الشرف والكرامة. فالشرف والكرامة هما التزام الأمانة، والصدق والموضوعية، وقولة الحق ولو على نفسك، والامساك بلجام النفس الجامحة، الميالة إلى الاستعلاء والزهو، والانتباه الشديد إلى تلفتاتها المنبثقة أصلا من الغرور ومن "الإيقو" المنتفخ..).. والله هذا أمر يحير!! ذكر الدكتور نماذج صحيحة، مما يمكن أن يعتبر شرفاً.. ولكن لم يذكر لنا ولا نموذجاً واحداً، لما يعتبره السودانيون شرفاً، وهو في حقيقته عدم شرف، مع أن هذه قضيته!!
    أنا هنا سأذكر نموذجاً واحداً، لما يعتبره السودانيون، بالإجماع، شرفاً، ويخافون أن يفقدوا شرفهم في مجاله، هذا النموذج هو الشرف المتعلق بالسلوك الجنسي عند الرجل والمرأة.. فالرجل الشريف، لا يزني ولا يتحرش بالنساء، ويحافظ على عرض أهله وغير أهله.. وكذلك الحال بالنسبة للمرأة، فالمرأة الشريفة، هي المرأة التي تصون نفسها، وتحافظ على عرضها.. من المؤكد هذه قيمة من أكبر القيم وأهمها عند الشعب السوداني.. وهي من أهم القيم السودانية بصورة عامة، وهي من أكثر ما يحتاجه البشر اليوم.. هذه القيمة العظيمة، عند د. النور، وحسب عباراته، "رهاب فقدان الشرف"، الذي هو ليس شرفاً أصلاً، بل على العكس من ذلك تماماً.. أطالب بشدة د. النور أن يبين لنا كيف أن هذا الشرف، تنطبق عليه عبارته!؟ كيف يكون هذا الشرف في حقيقة الأمر "وحشيةٌ، وغرورٌ لا يعرف الحدود، بل وأحيانًا وضاعةٌ ونذالةٌ، ومفارقة للقيم النبيلة.."!! يجب أن يلاحق د. النور حتى يرد، ولا يلوذ بالصمت.
    إن أوصاف د. النور، هذه القاسية، في حق الشعب السوداني، أقوال باطلة شديدة البطلان، ولا تعلق بالشعب السوداني، بل الحقيقة عكسها تماماً.. لا يمكن لأي إنسان موضوعي أن يصف الشعب السوداني، وبالتعميم، بالاستعلاء، والزهو، والغرور، و "الإيقو" المنتفخ.. إن من أوضح صفات الشعب السوداني، التي يعرفها له حتى اعداؤه، البساطة الشديدة، والتواضع، وانكار الذات.. وهي صفات مترسخة في الشعب.
    إن موازين القيم عند د. النور، مختلة، شديدة الخلل.. وقوله هذا عن الشعب السوداني، دليل على هذا الخلل.. فحكمه جائر ومعكوس.. ومن الأدلة القاطعة على خلل الموازين عند د. النور، إشادته بقول ولادة بنت المستكفي، الذي فيه تقول شعراً:
    أنا والله أصلح للمعالي
    وأمشي مِشيتي وأتيه تيها
    وأُمْكن عاشقي من صحن خدِّي
    وأعطي قبلتي من يشتهيها
    قول ولادة هذا، في معايير الشعب السوداني، وكل إنسان صاحب قيم، يلحق بعدم الشرف.. فالمرأة الشريفة لا تقول علانية مثل هذا القول الساقط.. ولكن في موازين د. النور، قولها يستحق التمجيد!! وقد مجده بقوله: (فولَّادة لم تعد ترى في تلك اللحظة، من الإشراق الوعيوي، أن في أنوثتها ما يحول بينها وبين طلب المعالي..)..
    من الواضح جداً، ان قيمك ليست هي قيم الشعب السوداني.. بل هي في بعض الحالات نقيض قيم الشعب السوداني الأصيلة.
    قال د. النور ان الشرف والكرامة هما التزام الأمانة، وهذا حق، ولكن هل كان هو أميناً في سبابه هذا للشعب السوداني!؟ من المؤكد، إن قوله يفتقر إلى الأمانة، والموضوعية التي يتحدث عنها.. هل كان د. النور أميناً، في كل ما نقلناه عنه!؟ هل كان أميناً عند وصف البراغماتية بأنها فلسفة عقلانية!؟ قال د. النور أن الشرف هو الصدق، والموضوعية وقول الحق ...إلخ، فأين هو من كل هذا.. لقد نقلنا عنه، عدد من صور الكذب المخجل جداً، والغير مبرر، وسننقل أكثر.. وهو على درجة من عدم الموضوعية، بحيث ينسب للآخرين خلاف ما يقولون به، بل عكس ما يقولون به، وقد أوردنا العديد من النماذج، وسنورد أكثر.. إن عبارات د. النور هذه، كلها ليست أكثر من اسقاط.
    5/ أقوال د. النور أعلاه، في هجاء الشعب السوداني كررها، بصور مختلفة في عدة مواقع.. منها مثلاً قوله: (لربما تكون نزعة الانكار، ومقت التفكير النقدي، والانصراف عن الملاحظة، وعدم القدرة على استنطاقها، إضافة إلى تضخم الذات والرضا عن النفس بلا انجاز، هو ما يجعلنا، نحن السودانيين، لا نبدي اهتمامًا جديّاً بصعود اثيوبيا..)..
    ويقول: (من يرى أحوال السودان الآن، بعينٍ مبصرة، لابد أن يحتار في الكيفية التي يمكن أن تعاد بها الأمور فيه، إلى نصابها، بعد كل هذا الخراب المروِّع، الذي طال كل شيء. فهذه الفوضى، وهذه الجلافة المتزايدة، وهذا القبح، والكلاح، الذي يكسو وجه مدننا وقرانا، وهذه الغوغائية التي تطالعنا، أنّى اتجهنا، وهذا الاتساخ المتزايد، ليست كلها من صنع الحكومات..).. ويقول: (هذا “الإيقو”، وهذه الأنا المتضخمة، لم تهبط علينا من السماء، وإنما هي متجذرة في بنية هذا العقل الرعوي، التي نحن بصددها..).. ويقول: (يعود الإحساس بالعظمة، لدى أكثريتنا، إلى قيم القبيلة التي سبق أن تربَّى عليها أسلافنا..).. ويقول: (ولا شك عندي أن ما حدث، ولا يزال يحدث في السودان، من تنصل من قيم الحداثة أمر لا شبيه له في أي مكان آخر في عالم اليوم..)..
    وينتقد د. النور انشغال الشعب السوداني، بقيم التواصل الإنساني في الأفراح والأتراح، مثل حضور الدافنة.
    ما أوردناه يكفي، فلا ضرورة للاستزادة.. بصورة عامة، عند د. النور، كل قيم الشعب السوداني، قيم فاسدة.. وعنده الشعب السوداني هو أكثر شعوب العالم تخلفاً.. ود. النور حتى فضائل الشعب السوداني يحولها إلى رذائل!! نضرب مثلا بالكرم، فهو عنده (تَّفضُّل)!! اسمعه يقول: (فسمات البداوة هي القبيلة – الغزو – التَّفضُّل، (الذي يشمل الكرم والسخاء والنخوة وغيرها).
    ما هو السر في شتم د. النور للشعب السوداني؟ وما هو دافعه لهذا الأمر؟
    أولاً: من الواضح بالنسبة لي، أنه يريد أن يعارض الأستاذ محمود، والجمهوريين، في ولائهم للشعب السوداني، وحديثهم عن أصائل الطباع التي حفظها الله عليه.. جاء في منشور "هذا أو الطوفان": (غايتان شريفتان وقفنا ، نحن الجمهوريين ، حياتنا ، حرصا عليهما ، وصونا لهما ، وهما الإسلام والسودان .. فقدمنا الإسلام في المستوى العلمي الذي يظفر بحل مشكلات الحياة المعاصرة ، وسعينا لنرعى ما حفظ الله تعالى على هذا الشعب ، من كرايم الأخلاق ، وأصايل الطباع ، ما يجعله وعاء صالحا يحمل الإسلام إلي كافة البشرية المعاصرة ، التي لا مفازة لها ، ولا عزة ، إلا في هذا الدين العظيم..).. ومن ما جاء من أقوال الأستاذ محمود: (ولا يهولن أحدا هذا القول، لكون السودان جاهلا، خاملا، صغيرا، فإن عناية الله قد حفظت على أهله من أصايل الطبائع ما سيجعلهم نقطة التقاء أسباب الأرض، بأسباب السماء..).. ويقول الأستاذ: الشعب السوداني شعب عملاق يتقدمه أقزام!! فد. النور يريد أن يقول ان هذا قول باطل، وموقف خاطيء، فالشعب السوداني، لا يستحق هذه الإشادة، ولا يستحق أن توقف من أجله الحياة، كما جاء التعبير في بيان هذا أو الطوفان: (غايتان شريفتان وقفنا، نحن الجمهوريين، حياتنا، حرصاً عليهما، وصونا لهما، وهما الإسلام والسودان..).
    ثانياً: د. النور يعاقب الشعب السوداني، على موقفه من عدم الاهتمام بعبقرية د. النور وتفرده العظيم.. قد يكون هذا، عن وعي من د. النور، أو عن عدم وعي.
    أمر النقد، والإساءة للجميع، الذي تقوم عليه كتابة د. النور يحتاج إلى وقفة.. كما رأينا هو ينقد الجمهوريين بالذات نقداً مريراً، وكأنه صاحب غبينة، وكذلك الحال بالنسبة للشعب السوداني، ثم كل شعوب العالم.. وقد إتخذ من اختراعه للعقل الرعوي وسيلة لهذا النقد والسباب.. فما هو السر في هذه الظاهرة!؟
    موضوع العقل الرعوي، ليس له مقابل في الواقع الفعلي، فهو يقوم على مجرد تصور ذاتي، تلوى له أعناق الأشياء حتى تستقيم معه.. وهو مضلل أشد التضليل، بما يصرف الناس عن حقيقة الأمر، فمثلاً عندما ننسب عنف داعش وحروبها للعقل الرعوي، فإن ذلك يصرف الناس عن حقيقة الأمر والتصور الصحيح.. فالسبب الأساسي لوجود داعش وما تقوم به، هو الخطأ في الفهم الديني، ولا يمكن أن يتم تصحيح دعاوى الداعشيين وأمثالهم إلا بتصحيح هذا الخطأ.. ومن العبث أن نقول أن سبب هذا الخطأ هو العقل الرعوي!! فالخطأ يقوم على أسس موضوعية، هي نصوص الشريعة التي قام عليها الجهاد بالسيف، وما لحق به من عدم المساواة بين المسلمين وغير المسلمين.. والعقل الرعوي ليست له أي علاقة بنصوص الشريعة كما وردت في القرآن، وقام عليها التطبيق في القرن السابع الميلادي.. أهم من ذلك، التاريخ لا يفسر بمثل هذه السذاجة والجهالة، التي ترد كل شيء فيه إلى أمر واحد.. فكل حدث في التاريخ له ظروفه وملابساته الخاصة به، ولا معنى لفصله عن تلك الظروف والملابسات.. وهي ظروف وملابسات دائماً مربوطة بحكم الوقت.. فمن العبث الشديد، وضحالة التفكير، وعقمه، أن ننسب الحرب العالمية الثانية، إلى سبب واحد هو العقل الرعوي كما فعل د. النور.. فقد جاء في هذا الصدد قوله: (يمكن القول إن الفاشية والنازية، رغم أنهما حدثتا في إطار الحداثة الغربية، تظلان، هبتين رعويتين. فما أنجزته النازية في ألمانيا، من انجازات مبهرة في مجالات التصنيع، وبناء دولة حديثة مقتدرة، لم يمنعها من أن تقيم كل دعاويها واحتلالها لديار الغير، على نزعة عنصرية بالغة التطرف. فقد أشعلت النازية حربًا مجنونة كان بها خراب ألمانيا وكثيرًا من أجزاء أوروبا، إضافةً إلى إزهاق خمسة وأربعين مليونًا من البشر. والعنصرية النازية ليست سوى حالة قبلية، عنصرية..).
    فالنازية تقوم على فلسفة قومية متطرفة، أساسها تفوق العنصر الآري.. ولكن ما بنى عليه هتلر في تحريك الشعب الألماني بصورة أكبر هو معاهدة بيرسيه التي فرضها الحلفاء بعد هزيمة ألمانيا في الحرب الأولى، وما لحق بالألمان من ظلم وإذلال في هذه المعاهدة.. وحتى هذه لا يمكن أن يقال أنها السبب في قيام الحرب العالمية الثانية فهنالك عوامل عديدة وهامة تسببت في هذا الحدث الخطير.. يمكن أن يقال عن هتلر أنه السبب المباشر، ولكن دون إغفال الأسباب الأخرى.. أما رد الأمر كله إلى رعوية هتلر والنازية، فلا علاقة له بالتاريخ، ولم يقل به أحد من المؤرخين، ولا يمكن أن يقول به أحد.. لم يقل أي مؤرخ أن رعوية هتلر هي سبب قيام الحرب العالمية الثانية.. ولا حتى ذكرت هذه الرعوية ضمن أسباب قيام الحرب الثانية عند أي من المؤرخين الذين أرخوا لها!!
    لقد تحدث د. النور عن العديد من أحداث التاريخ بمثل هذه الفجاجة، وهذا الابتسار.. وكل حديثه لا قيمة له، ولا يستحق أن ينظر فيه لمخالفته للحد الأدنى من الموضوعية، ومن الفكر المستقيم.. ولولا ضرورة تصحيح ما الحقه د. النور من تشويه للفكرة الجمهورية، لما كتبت في الرد عليه، ولا كلمة واحدة!! فليس فيما يكتب أي أمر يستحق أن يرد عليه.
    والعجيب أن د. النور جعل من الحداثة المرجع لكل الفضائل، المقابلة لرذائل الرعوية.. والحداثة، كما هي في العرب، أمر تجاوزه التاريخ!! فنحن الآن نعيش فترة ما بعد الحداثة.. ولد. النور قول آخر، يناقض فيه قوله هذا عن الحداثة، ويحكم فيه على الحضارة الغربية، بأنها تغز السير نحو طريق مسدود، اسمعه يقول من خطابه لطه: "والمرحلة القادمة، هي مرحلة التحول في الرؤية الغربية للكون وللحياة، من علمانية، إلى روحانية. هذا التحول يسير الآن. وقد رأيته في كثير مما اطلعت عليه، أثناء دراستي بالجامعات الأمريكية، متجسدا في بعض كتابات مفكري ما بعد الحداثة، وكتاب لاهوت التحرر، ومنهم غارودي، ودعاة عودة الروحانية، وحتى ناشطي حماية البيئة، وغيرها ممن أيقنوا أن الحضارة الغربية الراهنة تغذ السير نحو طريق مسدود. حقبة الحداثة العلمانية القائمة على فيزياء نيوتن، وعقلانية إيمانويل كانط، تلفظ أنفاسها الأخيرة"
    خالد الحاج عبد المحمود
    رفاعة
    22/2/2017م





    أبرز عناوين سودانيز اون لاين صباح اليوم الموافق 22 فبراير 2017

    اخبار و بيانات

  • اول زراعة قلب صناعي ناجحة لطفل بمشاركة جراح سوداني
  • مؤتمر رؤساء وممثلي الجاليات السودانية بالخارج يختتم أعماله ويصدر بيانه الختامي و توصياته
  • نتاليا يعقوب تقول:لماذا ناس تعيش في القصور وناس تعيش في الكوش؟
  • كاركاتير اليوم الموافق 22 فبراير 2017 للفنان عمر دفع الله بعنوان البشير يبع السودانيين فى سوق النخا
  • السلطات السودانية تضبط قائد شبكة تخابر تعمل لصالح منظمات أجنبية
  • الممثل المصري محمد رياض لــ(المجهر): تزوجت رانيا محمود يس عن حب والشعب السوداني مثقف
  • وفد أوربي يستفسر البرلمان عن المعتقلين السياسيين وسيداو وداعش
  • ضبط شبكة تخابر تعمل لصالح منظمات أجنبية
  • حوار استثنائي مع الرئيس البشـير من أبـو ظبي:موعدي 2020م .. قدمت ما عندي وحان التنحي
  • الجيش يصد هجوماً لمتمردي (الشعبية) بجنوب كردفان
  • تنسيقٌ رفيعٌ بين جوبا والخرطوم لمكافحة تهريب الذهب والصمغ العربي
  • الخرطوم تتجه لإلغاء عطلة السبت في العام الدراسي الجديد
  • البرلمان يعد مسؤولين أوروبيين بتقليص فترة الاعتقال
  • برلمانيون يطالبون بزي موحد للمعلمين بمرحلتي الأساس والثانوي
  • المؤتمر الشعبي: مجمع الفقه وهيئة علماء السودان مؤسسات كهنوتية
  • الهند تعتزم توسيع نطاق التعاون مع السودان
  • ضبط (137) جوال مخدرات بالخرطوم
  • لجنة التحقيق في وفاة المعلمة تحمل الدفاع المدني وإدارة المدرسة المسؤولية
  • استثناء المغتربين من قرار إيقاف التمويل العقاري
  • الأمن السودانى يحرِّر 29 رهينة من تجار البشر في كسلا
  • بدء فعاليات مؤتمر الخبراء والعلماء السودانيين بالخارج بعد غدٍ الجمعة
  • إبراهيم محمود: لن نسمح بتحقيق مكاسب سياسية عبر السلاح
  • الاتحاد الأوروبي يقدم مساعدات طارئة لجنوب السودان تقدر ب 82 مليون يورو
  • برلماني ينتقد تربية الخرطوم بسبب مدرسة تضم مشردين


اراء و مقالات

  • الحركة الشعبية بين الطوفان وإنتهاكات حقوق الإنسان بقلم آدم جمال أحمد - سيدنى – استراليا
  • معرض القاهرة الدولي للكتاب القمر العربي المضيء بقلم بدرالدين حسن علي
  • نطالب لجنة التعديلات الدستورية تعديل لفظ غير المسلمين الي المسيحيين بقلم ايليا أرومي كوكو
  • الوسطية في مواجهة التطرف والعنف بقلم نورالدين مدني
  • رسالة وداعية كتبها لاجئ سوداني من دارفور خالد أحمد شطة‏ إلى راكوبة دار حمر بقلم نجم الدين نهار
  • قدرُ السودان أنَّ المُوْكلَ إليهم حلّ مُشكِلته، هم أنفُسهم المُشكِلة! بقلم عبد العزيز عثمان سام
  • الفونج: نهضة نوبية أم كارثة رعوية؟ (العقل الرعوي 18) بقلم عبد الله علي إبراهيم
  • الأمين العام المكلف والإنحراف عن أهداف الحركة الشعبية.. بقلم عبدالغني بريش فيوف
  • عبيد ابراهيم ونصف قرن من التحكيم بقلم عبد المنعم هلال
  • ترامب ونتنياهو يتبنّيان الأوهام ويتجاهلان الواقع بقلم أ.د. ألون بن مئيــــر
  • لاتبكوا مرة واحدة بقلم حسن العاصي كاتب وصحفي فلسطيني مقيم في الدانمرك
  • قضايا ليست كذلك كاثوليك أكثر من البابا بقلم بروفيسور محمد زين العابدين عثمان
  • الإرهاب والفتنة سياسة حزب الحركة الإسلامية السلفية التي تبقيه مسيطر على مقاليد السلطة في السودان
  • وأعرض عن الجاهلين بقلم عمرالشريف
  • قصة الحركة الاسلامية في السودان بقلم عبدالعليم شداد
  • فاطمة أم الكاردينال نفسه!! (2من2) بقلم كمال الهِدي
  • عقول الهدم ..!! بقلم الطاهر ساتي
  • ولماذا النخيل؟؟ بقلم عثمان ميرغني
  • مُنازلة ودّ التُرابي بقلم عبد الله الشيخ
  • بلداً متين بقي للسفر والدردرة بقلم إسحق فضل الله
  • حكم الردة في الإسلام من الثوابت في دين الإسلام بقلم د. عارف الركابي
  • آن لهذا الفريق أن يترجل..!! بقلم عبدالباقي الظافر
  • خلينا نتسلى !! بقلم صلاح الدين عووضة
  • التعديلات الدستورية واعتراضات بعض الجماعات والهيئات بقلم الطيب مصطفى
  • تهديد الصحفين في السودان بين الامس واليوم بقلم محمد فضل علي ... كندا
  • الحملة الوطنية لإنقاذ أهلنا في جنوب السودان هل من مشارك ؟ بقلم : السر جميل
  • إحتلال العاصمه الخرطوم ــ والولايات الوجود الأجنبى العشوائى فى السودان ـــ السودان فى خطر (1
  • جلب الحبيب بقلم ماهر طلبه
  • القُدوة و المثلُ الأعلى .. !! بقلم هيثم الفضل
  • جذور ظاهرة توحش الجيش الإسرائيلي بقلم د. غازي حسين
  • الجهل والتضليل : صولات وجولات حراثة العقل العربي!! بقلم د.شكري الهزَيل
  • أساطير ابن تيمية وَضعت إستراتيجية التكفير والإرهاب لتشويه الفكر الإسلامي..!! بقلم: معتضد الزاملي
  • عندما تشيخ اللعنات بقلم اسعد عبدالله عبدعلي
  • ايديولوجية التوحيد بين اهل النفي و اهل الاثبات بقلم احمد الخالدي

    المنبر العام

  • هل صحيح بأن عدد أعضاء هيئة علماء المسلمين بالسودان 606 عضو
  • تجار عملة: زيارة البشير للإمارات تُعزِّز موقف النقد الأجنبي
  • البشير: المحكمة الجنائية ماتت سريرياً، (الحمد لله.. هبشونا نحنا.. وكتلناها ليهم)
  • حالة فصام آخري ! الكوز فرانكلي يتمسك بتربية ابنائه في دولة علمانية !!!!
  • زول
  • جاءت الترقية لمجهوداتها في الطب النفسي..نور الهدى السودانية أول إمراةعربية تحصل على رتبة الفريق أول
  • التحالف الصهيوني السوداني الخليجي ضد ايران ! صور فيديو .
  • شوفوا قلة العقل ! فرحانيين عشان الصين الشيوعية دايرة تعمل ليهم مسلخ !
  • حالة فصام: الشيوعي والعلماني في الغرب : راجع السودان نهائي عشان بنتي كبرت
  • الرئيس البشير: الأمريكيون تاكدوا ان السودان لا يهدِّد مصالحهم، ومخابراتهم انقذت السودان...؟!
  • حملة قذرة من الكيزان لمنع دعم الجنوب في محنته : امثلة ( صور )
  • شوفو كمية المخدرات التي دخلت السودان لصالح نافذين ( صور )
  • موافقة الصين علي انشاء مسلخ متكامل لتصدير اللحوم للخارج
  • جدل زواج التراضي: هو راضي وانا راضي.. اقصاء ولي الامر .. هل توافق؟ (فيديو)
  • من الذي قدم التعديلات المتعلقة بزواج المراة/الفتاة دون ولي؟ و لماذا هذا التوقيت؟
  • اصابة العشرات بالعمى بمستشفى مكة للعيون بعد تلقيهم حقنة من عقار "الأفاستنين"
  • ﺃﻏﺮﺏ ﻗﺼﺔ ﺯﻭﺍﺝ
  • د. مضوى ابراهيم سلم عدد (١٩١) تقريراً مفبركاً لمنظمات أجنبية وجهات خارجية
  • اطفال الشوارع ... ابطال الشوارع
  • عضو جديد
  • أنا معجبة بأبي له الرحمة و المغفرة( قٌصاصاتُ أبي التي ورثت)
  • الفتر زاتو انواع ،،،،
  • أزمِنةُ الرِّيبةُ، اِحتِماءُ الظِلُّ بِالظِلِّ
  • المؤتمر الشعبي يدين اعدام محمود محمد طه
  • من نتائج الإنفصال مجاعة في جنوبنا الحبيب دولة جنوب السودان- الوحدة قـــوة
  • هل من المعقول 200 مليون نخلة .. يمكن بالجديد .. ( ممكن أشجار الهشاب)
  • جـــــــــــــاك ســـــــــــــبارو
  • كارثة الوجود الأجنبي في السودان
  • غناء البنات
  • شعار اذاعة كسلا ...
  • المخرج الامريكى ( بنتلى براون ) الذى احب السودان واتقن لهجته ..
  • الخرطوم.. مقتل شخص وإصابة آخرين بانفجا(جسم غريب)
  • المطلوب من جميع السودانيين والحكومة السودانية الإستنفار لإغاثة إخواننا في الجنوب من المجاعة ..
  • شرح كريكاتير عمر دفع الله أعلى المنبر .. بتاع PVV
  • الوهابي محمد الزبير محمود ، تعال بي جاي
  • الحملة الوطنية لإنقاذ أهلنا في جنوب السودان هل من مشارك ؟
  • يا حبيبي و أملي و مناي .. شرحبيل أحمد
  • اخرجوا من أميركا 11 مليون مهاجرسيُطرَدون من الولايات المتحدة.. إليك تفاصيل إحدى أكبر عمليات
  • اهداف.. مانشسترسيتى وموناكو..مباراة للتاريخ.
  • عملية المسيح -أضخم نقل جوي فى تاريخ السودان لنقل قوات الدعم السريع لمدن السعوديةالحدودية واليمن
  • هل بلع الشعبي الطعم؟-مقال شمائل النور
  • دينفر تكرم وفد ادارة السجل المدني الزائر للولاية























  •                   


    [رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

    تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
    at FaceBook




    احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
    اراء حرة و مقالات
    Latest Posts in English Forum
    Articles and Views
    اخر المواضيع فى المنبر العام
    News and Press Releases
    اخبار و بيانات



    فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
    الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
    لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
    About Us
    Contact Us
    About Sudanese Online
    اخبار و بيانات
    اراء حرة و مقالات
    صور سودانيزاونلاين
    فيديوهات سودانيزاونلاين
    ويكيبيديا سودانيز اون لاين
    منتديات سودانيزاونلاين
    News and Press Releases
    Articles and Views
    SudaneseOnline Images
    Sudanese Online Videos
    Sudanese Online Wikipedia
    Sudanese Online Forums
    If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

    © 2014 SudaneseOnline.com

    Software Version 1.3.0 © 2N-com.de