حينما تولى الخليفة الراشد عمر بن الخطاب الولاية الكبرى بدأ في إصدار مراسيم رئاسية..من أشهر تلك المراسيم عزله خالد بن الوليد من منصب القائد العام لجيوش المسلمين ..اختار الخليفة أبوعبيدة الجراح قائداً جديداً للجيش.. القائد الجديد يختلف بشكل كبير عن سلفه، فلم يكن الجراح يميل إلى الشدة..جاءت الإقالة وخالد بن الوليد في أوج عهده المترع بالانتصارات ..اختلف كثير من المؤرخين في تفسير الواقعة..إلا أن الثابت أن الخليفة خشي أن يفتن الناس بالفارس الذي لا يهزم.. هنا ترد كل الإنجازات إلى رجل واحد وتغيب مجهودات الجماعة ..في ذلك التفكير تأسيس للمؤسسية. انفردت الزميلة التيار بـ(مانشيت) يثير الاهتمام..كان خبر التيار يفيد باستقالة وزير الداخلية الفريق أول عصمت عبدالرحمن..يستحق الخبر الاهتمام في وقت عزّت فيه استقالة المسؤولين وصارت ضرب من الاستحالة..الوجه الأهم أن الصحيفة ردت الاستقالة إلى خلافات داخل الوزارة أدت إلى اعتكاف الفريق عصمت في منزله لبضعة أيام قبل أن يدفع باستقالته. منذ العام ٢٠٠٩ يشغل الفريق أول هاشم عثمان الحسين منصب مدير عام الشرطة.. قبلها قضى الفريق هاشم نحو تسع سنوات أخرى مديراً لمكتب رئيس الجمهورية ..لا ينكر إلا مكابر الجهود العظيمة التي بذلها الرجل في بناء مؤسسة الشرطة ..مرافق الشرطة الخدمية والسكنية باتت إحدى معالم ولاية الخرطوم..في عمق الصحراء أنشأ الفريق مجمعات ومراكز تدريب..حتى الخدمات الشرطية تطورت وبات فك لغز الجرائم لا يشكل هاجساً عند (الجلاوزة). صحيح كانت هنالك هنّات خفيفة سترتها إنجازات الرجل الضخمة ..من بين تلك السلبيات انعدام التنسيق بين شرطة الجمارك وأختها مكافحة تهريب المخدرات ..سوء التنسيق لم يعد سراً بعد أن وصل إلى واجهات الصحف..كما أن هنالك شعوراً بات راسخاً يشير إلى أن هاشم أصبح أحد مراكز القوى..ما اصطرع مع أحد إلا رماه بالضربة المفضية إلى الطرد من المنصب العام..من بين تلك القصص واقعة النزاع على أرض بين الشرطة وجامعة النيلين..في واقعة أخرى اشتبك الجنرال مع أحد صغار الضباط فأحاله إلى محاكمة..النقيب أبوزيد عبدالله بعد أن قضى عاماً في السجن بات لاجئاً في فرنسا..بل في عهده تمّت محاكمة مدير شرطة الجمارك وإدانته بالغرامة ومع ذلك سمح للمدير المدان بالاستمرار في المنصب. في تقديري.. إن الوقت مناسب لتصعيد الفريق إلى منصب سياسي آخر حتى لو كان منصب وزير الداخلية ..وربما يكون من الأفيد الدفع به إلى منصب الوالي في الخرطوم أو أي من الولايات الكبرى ..طول المكوث على كرسي واحد يؤدي إلى الزهو والإحساس بالعظمة..من المهم أن نستلهم التفكير الراشد للخليفة بن الخطاب في تحديد دورة السلطة..إذا ما غادر الفريق المنصب ستكسب المؤسسية في إدارة الشرطة..إحلال دماء جديدة مطلوب في ذاته. بصراحة ..فكرة البطل الخارق في السياسة انتهت إلى غير رجعة ..أن يمكث رجل واحد في منصب معين فيه تكريس للفشل المؤسسي . assayha
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة