للمهمومين والمُحبطين من ما آل إليه الحال في السودان (كأس عالمهم) الخاص ، وفيه من أنواع الركض والإجهاد والضنا من أجل الحصول على فتات الضروريات ، ما يؤهِّلهم جميعاً للفوز بهذا الكأس الذي تنبني المنافسة في مبارياته على المٌتأهلين له من عامة شعوب العالم بالصفات التي يتطلبها هذا المنشط (الحياتي) المُضني ، ومن ضمن هذه الصفات ، الوقوع في شرك الفقر المُدقع ، والعجز عن تحقيق الأمنيات البسيطة كالحصول على مسكن مناسب أو تعليم أبناء أو حتى سد الرمق اليومي بأقل ما يمكن تحصيله من طعام ، وكذلك العجز عن الإستشفاء والحصول على الدواء ، على أن يكون كل ذلك مشروطاً بالتواجد في بلدٍ حكومته لا تأبه ولا تلتفت إلى ما يعانيه شعبها (المتأهل) لمباريات اللهث وراء كأس العالم الشعبي في الإحباط ، وبعد أن أصبحت الحياة عندنا في حد ذاتها (ورطة) يقع فيها الإنسان دون أن يكون له يدٌ في ذلك ولا حيلة ، كان لابد من السماح لأبناء هذا الشعب من الكادحين غير المُتمَّرغين في جاه السلطة وزخرفها حلالاً وحراماً على حدٍ سواء ، بأن يُطلقوا من حناجرهم بعض الأنين بعد أن عز الهُتاف والصراخ بالشكوى في عهدٍ يُكمَّم فيه صوت الحق ويُطلق فيه العنان لنعيق الباطل ، آخر الأحزان أن تنتمي هذه الأمة الباذخة في تاريخها السياسي والإقتصادي والثقافي إلى قائمة الشعوب الأكثر فقراً في العالم ، وبين جوانح أبناءها توقٌ دائم للشموخ والإنتماء للعوالي ، نشتهي أن نكون من المتميزين والمبدعين والمنتجين والقادرين على العطاء وتحقيق التحديات والسير قُدماً للأمام ، لكن تُكبِّلُ خطواتنا مؤسساتنا التي يمتطي ظهرها من لا يؤمنون بجماعية الفكرة وسُنة الله في الكون المُتعلِّقة بإعتبار التغيير والتجريب والتبديل واحدة من أساسيات التطوُّر والنماء والخطو نحو الإتجاهات الصحيحة في شتى المجالات ، فإذا أجرم أو أخطأ فينا (المسنود) بالقوة والسلطة والولاء الأعمى ، لم ننشد حسابه ولا سؤاله عن ما أقترف في حق البلاد والعباد ، بل لا نسعى ولا ننشُد تغييره وإبعاده من حظيرة الفساد المُثمره إلا بالإضطرار ، لأنه أي الفساد قد أصبح منظومةً تغذي وتحمي بعضها بعضاً ، فإنفراط السلسلة يبدأ بسقوط حبة واحدة ، ومَنْ من القطط السِمان مُستعدٌ لتقبُّل سقوطها إذا كان في ذلك تهديدٌ له ، حكومة المؤتمر الوطني تمشي بأقدامٍ دامية على حافة السكين ، فالإنهيار إن لم يقع بآلة الإحباط والعجز والمعاناة المتنامية التي أحاطت بالناس ، فهو لا محالة واقعٌ بآلةٍ تُمليها طبيعة الأشياء وما جبل الله عليه الكون مضمونها (أن ما بني على باطل فهو باطل) ، وأن النُصرة في الخواتيم للحق ولا شيء غير الحق ، (كأس عالمكم) أيها الكادحون الذين إنشغلوا بكأس العالم لكرة القدم في الأسابيع الماضية ، أوشك على الدخول إلى دوري (النهائيات) ، فهل أنتم جاهزون للتحدي ؟ !.
07-22-2018, 03:16 AM
بكرى ابوبكر
بكرى ابوبكر
تاريخ التسجيل: 02-04-2002
مجموع المشاركات: 18755
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة