فى السنوات الطويلة من عمر الإنقاذ الملىء بإنتهاكات حقوق الإنسان، ضد كافة قطاعات المجتمع السودانى، يتحمل الطلاب والطالبات العبء الأكبر فى الإستهداف الأمنى المباشر، بدءاً بالإعتقال، مروراً بالتعذيب وانتهاءاً بالقتل خارج القانون، مُضافاً إلى ذلك، سياسات الدولة " الإنقاذية " المعادية للطلاب، ولحقوقهم المشروعة، وفى مقدمتها الحق فى التعليم، والحق فى السكن، والحق فى التعبير، والحق فى التنظيم، و- من قبل ومن بعد - الحق فى الحياة. فعلى مدى طيلة هذه السنوات العجاف، لم يمر عام أو عامين، إلّا وشهدنا، بل، وفُجعنا، فى مقتل طالب/ ة. نقول هذا وفى الذاكرة أرتال من الضحايا، يصعُب حصرهم فى مقالٍ واحد، منذ الأشهر الستة الأولى لإنقلاب 30 يونيو 1989، وحتّى العام المنصرم 2016، دعونا نذكر منهم/ن - على سبيل المثال، وليس الحصر- مقتل الطالب / محمد الصادق ويو، الطالب بكلية الآداب " قسم اللغة الإنجليزية "- المستوى الثالث، بجامعة أمدرمان الأهلية، وهو عضو اتحاد طلاب جبال النوبة بالجامعات، ومن أبناء جنوب كردفان، والذى أُغتيل يوم 27 أبريل 2016، والطالبة / التاية محمد أبوعاقلة، الطالبة فى السنة الثانية بكلية التربية بجامعة الخرطوم، وهى من منطقة الدندر، والتى أُغتيلت فى 6 ديسمبر 1989، لتلحق بزميلها بشير الطيب البشير، الطالب بكلية الآداب بجامعة الخرطوم، وهو من محلية لقاوة بجنوب كردفان، والذى كان مقتله يوم 5 ديسمبر 1989، ولحق بالتاية زميلها االطالب سليم محمد أبوبكر،الطالب بكلية الآداب والسكرتير العام لرابطة طلاب الآداب، وهو من منطقة كوستى، وهناك مقتل الطالب محمد عبدالسلام بابكر، الطالب بكلية القانون بجامعة الخرطوم، وهو من أبناء مدينة مدنى، والذى قُتل تحت وطأة التعذيب، فى أغسطس 1998، عقب مسيرة للطلاب طالبت بتحسين الأوضاع المعيشية بالداخليات. وبين الأعوام 1989 و 2016، هناك أحداث طلابية كثيرة راح ضحيتها طلاب وطالبات، من كل الأطراف السياسية، ونستطيع أن نقول أنّ الغالبية العظمى من الضحايا هم من معسكر التنظيمات المعارضة، دون أن نُسقط من الذاكرة، أنّ هناك - أيضاً- طلاب ينتمون لمعسكر الحكومة. والحصيلة مقتل طلاب من كل أقاليم السودان، ومن جامعات مختلفة، فى العاصمة والأقاليم، يتوجب حصرهم/ ن، والتوثيق لهم / ن . فى السنوات الاخيرة، تنامت موجات الإستهداف الأمنى للطلاب على الهوية الإثنية والجغرافية " طلاب دارفور – نموذجاً " فأصبح طلاب وطالبات دارفور، هدفاً أساسياً للأجهزة الأمنية، مُطاردةً واعتقالاً وتشريداً، وتعذيباً، وقتلاً خارج القانون، وهناك مؤشرات للمزيد من الإستهداف الأمنى لطلاب مناطق السدود، وطلاب الأزمة المنسية فى شرق السودان، والطلاب فى الخرطوم، إلى جانب مواصلة استهداف طلاب مناطق النزاع المسلح، فى النيل الأزرق، وجنوب كردفان، ودارفور. فى مقتل كل طالب وطالبة قصص وخفايا جديرة بالتوثيق والدراسة والإعتبار، كما أنّ هناك أسئلة هامة - مازالت - تنتظر الإجابة حول " آيديولوجية العنف " والمناخ السياسى والإجتماعى والإقتصادى الذى أفرزه عنف الدولة ضد الطلاب، فأفرز العنف الطلابى " عنف الطلاب ضد الطلاب "، وهناك القضايا المرتبطة بالتحقيقات فى مقتل الطلاب، والمسائل المتعلقة بمسائلة الجناة، وضمان عدم الإفلات من العقوبة، والحماية، وقضايا سلامة التقاضى، وتحقيق العدالة، والإنصاف، وجميعها أسئلة مشروعة، يتوجب مواصلة طرحها، دون كلل أو ملل، ويتوجب أن تتصدّر الأجندة فى أىّ " حوار" أو " تفاوض" أو بحث عن الحلول لأزمات السودان، لكونها من أهم ملفات حقوق الإنسان، التى يتوجب طرقها، فى طريق البحث عن التعافى. مازالت هناك مئات الأسماء من " ضحايا " الحركة الطلابية تنتظر التوثيق العلمى الدقيق، ونعنى هنا التوثيق من منظور حقوق الإنسان، باعتباره جزءاً هاماً فى عملية مراقبة ورصد وتوثيق الإنتهاكات، كواجب حقوقى وأخلاقى وإنسانى، ولهذا، فإنّ هذا المقال يأتى بمثابة دعوة للجميع، وبخاصة الحركة الطلابية ومنظمات حقوق الإنسان، لمواصة الرصد العلمى، ومواصلة واستكمال التوثيق، واضعين فى الإعتبار أهمية الرصد والتوثيق من منظور حقوق الإنسان، والإنتباه لعدم تصنيف الضحايا على أساس سياسى " شهداء " و " قتلى"، أو على أساس عقائدهم وقومياتهم وانتماءاتهم السياسية والفكرية. ومن هنا نبدأ التجذير لمعركة الحقوق. فيصل الباقر [email protected]
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة