:: قبل ست سنوات، عندما كان الدكتور جلال الدقير وزيراً للتجارة الخارجية، سأله البرلمان عن موقف السودان من الانضمام لمنظمة التجارة العالمية والموانع ..وبدلا عن توضيح أسباب رفض المنظمة لعضوية السودان، قال الدقير للنواب متنطعاً : (لن نسمح بإدخال المشروبات الروحية - خاصة البيرة والويسكي - حال انضمامنا لمنظمة التجارة العالمية)، فصفقوا و هللوا وكبروا ..ويومها، تستوقفني خصوصية تلك الكحول غير المسموح إدخالها بتشدد (خاصة البيرة والويسكي)، أي ربما تسمح الحكومة باستيراد الكحول الآخرى ..!! :: تلك الخصوصية – البيرة والويسكي - لم تكن ذات قيمة أمام قضية رفض عضوية السودان بالتجارة الخارجية، ولا تهليل النواب وتكبيرهم .. ولذلك قلت أن منطق الدقير - بهذا التنطع المراد به تغطية الفشل - كمن يشتري الوتد قبل الحمار .. أي كان يجب إدخال السودان في منظومة دول التجارة الخارجية (أولاً)، ثم لاحقا يصدار قراراً بمنع إستيراد كل الكحول أو (خاصة البيرة والويسكي) ..ولكن هكذا السادة دائماً ما يغطون فشلهم بمثل هذا الخطاب ..!! :: واليوم - منذ الثلاثاء الفائت وحتى الجمعة القادمة - يدفع الشعب السوداني فواتير رحلة جيش من المسؤولين برئاسة وزير التعاون الدولي المكلف عثمان أحمد فضل.. لقد قد ذهبوا إلى جنيف لضم السودان إلى منظمة التجارة العالمية، ومن هناك يقولون (35 دولة تدعم انضمام السودان).. وهكذا يخدرون عقولنا منذ عقود، وحتى هذه الرحلة.. ولا تزال خزينة الشعب تصرف على تكاليف رحلات المسؤولين الى جنيف (بلا جدوى).. نعم سنوياً، وأحياناً كل نصف عام، يذهب وفدا ثم يعود بخفي حنين و (النثريات).. وهم يعلمون، وكذلك الحكومة التي ترسلهم، بأن للانضمام الى هذه المنظمة العالمية (شروط)، وأن هناك أسباب - غير سياسية - تعيق انضمام السودان.. !! :: تقديم جدول يحتوي على تعرفات جمركية ملزمة ولا يمكن رفعها إلا في حالات خاصة، من شروط الانضمام، فهل قدمت التجارة الخارجية - أوالمفوضية التي تم تأسيسها لهذا الأمر - هذا الجدول؟..نعم، كانت هناك مفوضية ذات ميزانية، وكانت مهمتها التفاوض مع المنظمة العالمية حول انضمام السودان، و أن وفودها أرهقوا عمال فنادق جنيف، وقبلهم أرهقوا خزينة الشعب السوداني، ومع ذلك لم تثمر جولاتهم ومفاوضاتهم إلا المزيد من إهدار المال العام والمزيد من التخدير والتضليل : (لن نسمح بإدخال الكحول)، ثم المزيد من الرحلات ذات ( النثريات )..!! :: ثم تقديم قائمة تحدد فيها الدولة الحواجز التي تعترض القطاعات الخدمية والمهنية، مع وضع جدول زمني لإزالة الحواجز، من شروط الانضمام للمنظمة، فهل قدمت الحكومة هذه القائمة بجدولها الزمني ؟.. وهكذا .. فالمعيقات الحقيقية في النهج الاقتصادي، فليس هناك من داع لإهدار المال العام في الرحلات .. ( لقد هرمنا).. منذ نوفمبر 1994، لا شئ غير الرحلات.. ليست هناك مؤامرة إسرائيلية أو أمريكية تمنع السودان الإستفادة من مزايا التجارة العالمية ، أو كما كان يبرر البعض الفاشل.. وكل ما في الأمر أن المسماة هنا – مجازاً - بالسياسة الإقتصادية هي ( العقبة)..وهي سياسة لو دخلت إلى المنظمة بحالها هذا، لفرت منها دول الأعضاء بجلودها ..!!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة