الفريق أمن حنفي عبد الله أجرت معه الصحفية النابهة لينا يعقوب حواراً نشرته الزميلة "السوداني" أمس الأول.. فيه إفادات غاية في الأهمية لمن ألقى السمع وهو شهيد. قال الخبير الإستراتيجي الأمني أن وكالة المخابرات المركزية الأمريكية أحست بقلق استخباري عندما أوقف جهاز الأمن والمخابرات الوطني في السودان تعاونه معها لبضع أشهر.. على سبيل الإنذار وإشهار البطاقة الصفراء أمام أميركا؛ احتجاجا على ضعف العائد من حصيلة صادر تعاون استخباري امتد منذ بداية الألفية. ورسم الفريق أمن حنفي صورة واضحة لمعالم (القلق المخابراتي) الأمريكي.. لكون السودان شريك أساسي في مكافحة الإرهاب والاتجار بالبشر وتجارة السلاح.. وهي كلها– لحسن حظ السودان– سلع عابرة لحدودنا.. قد لا تستهدف السودان مباشرة. حسناً.. إذا كان مجرد حجب التعاون المخابراتي عن أمريكا لبضعة أشهر أتى بكل هذه النتائج المذهلة، وجعل المخابرات المركزية الأمريكية تتحول إلى (ضاغط) بشدة لرفع الحظر الاقتصادي عن السودان.. ألا يعني ذلك أننا في حاجة ماسة إلى إعادة قراءة وهندسة كثير من معطيات الأوضاع السياسية في السودان؟. الفرضية الأساسية- هنا- أن (المعلومات) لم تعد بالنسبة للسودان مجرد (تعاون) مع أي استخبارات خارجية.. بل أصحبت (موردا) اقتصاديا وسياسيا، وبطاقة حاسمة قابلة للصرف بأي عملة وفوراً. لا أتوقع– عزيزي القارئ- أن تتعجل التقاط هذه النقطة، وتظن أنني أقصد بالقيمة المادية للمعلومات هو ثمنها المباشر.. المدفوع اقتصادياً أو سياسياً بأية صفة.. لا.. الأمر أكبر كثيراً.. عندما نطرح السؤال المنطقي.. لماذا تتمتع (المعلومات المخابراتية) السودانية بكل هذه القيمة الدولية التي تجعل مخابرات في مقام الأمريكية لا تحتمل الفطام مهما كان قصيراً؟. الأمر- هنا- لا يتعلق بالجهاز الأمني، ولا الوسائل الأمنية التي تجمع بها المعلومات في السودان.. فبكل يقين كثير من أجهزة المخابرات الغربية وغيرها تمتلك خبرة وأجهزة رصد وموارد أكبر من مخابرات السودان.. وتستطيع أن تجمع المعلومات بكفاءة أفضل.. لو كان الأمر مجرد خبرة وإمكانيات. يجب أن نفهم أن الأمر- هنا- يتعلق بقيمة أخرى غالية الثمن.. هي بالتحديد (الموقع الجيوبولتيكي) للسودان.. هنا اللؤلؤة التي تختفي في محارة السودان. الإرهاب، وتجارة البشر، والسلاح، والمخدرات العابرة للسودان كلها (استثمارات) أجنبية في الموقع الجيوبوليتكي للسودان.. فإذا حصرنا أنفسنا في حصيلة الصادر من مكافحة هذه الجرائم السالف ذكرها.. فنحن- هنا- مثل من يبيع القطن بدولار، ويستورده قميصاً بدولارين. أقصى فائدة متاحة من صادر (المعلومات الخام) هو جبر كسر علاقات مقطوعة.. وربما بضع مساعدات لوجستية أو مالية مقصورة في حدود (وظيفة) المكافحة المباشرة لهذه الجرائم على الأرض. يصبح السؤال المنطقي الآن.. لماذا لا نستثمر القيمة المضافة لـ (المعلومات).. ونصمم الإستراتيجية التي تعمل على تصنيع هذه المعلومات في الاتجاه الذي يستفيد من القيمة (الجيوبولتيكية) المرتبطة بها؟، لماذا لا نصنع القميص (أبو دولارين) بنفس القطن (أبو دولار) الذي نصدره إلى الغرب؟. سأشرح لكم. altayar
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة