كان مثيراً للضحك أن سائق البص تاه عن العنوان داخل مطار الخرطوم..كنت بالأمس ضمن رحلة شركة (تاركو) لمدينة جدة.. كل الأمور كانت تمضي بانضباط غير ملاحظات صغيرة تتعلق بضعف التكييف في إحدى صالات الانتظار.. لكن الحلو ما (يكملش)..سائق البص توقف عند الطائرة الخطأ، فنبهه أحد العاملين في المطار.. الغريب جداً أن ذات الخطأ تكرر للمرة الثانية، مما أثار حفيظة المسافرين الذين بعدها تولوا عملية إرشاد السائق إلى الهدف الذي نبحث عنه. لكن المهم جداً أن الطائرة الصغيرة أقلعت في مواعيدها وكانت خدمات الضيافة معقولة..الملاحظة الأولى أن الشركة لم تتقيد بمواصفات المضيفات العالمية .. في كل شركات الطيران هنالك اهتمام بالتفاصيل الصغيرة من حيث العمر والوزن والإطلالة وحسن التصرف المصحوب بالابتسامة في أصعب الظروف..حصاد الرحلة خيب توقعاتي، حيث كنت مترددا في السفر في رحلة خارجية عبر شركة ناشئة بدات تعلم الطيران في الرحلات الداخلية.. لكن عموم التجربة أكد أن القطاع الخاص في السودان بإمكانه أن يقدم مبادرات تستحق الاحتفاء.. ها هو الآن ينجح فيما فشلت فيه الحكومة التي عجزت عن تسيير ناقل وطني يعكس وجه السودان في مطارات الدنيا. علمت أن هنالك فكرة جديدة تم تعميمها في السفريات الداخلية بين شركتي بدر وتاركو ..الفكرة تعتمد على إحكام التنسيق في السفريات الداخلية..ملخص الفكرة أن الشركتين تقتسمان السوق، حيث يتم تسيير الرحلات بالتناوب.. فبدلاً من إرسال طائرتين إلى بورتسودان بعدد ركاب يقل عن الخمسين يتم تجميع كل الركاب في رحلة واحدة..نجحت الفكرة لأن واحدة من المشكلات التي تواجه الطيران الخاص تكمن في قلة الإقبال ..وواحدة من أسباب هذا الجفاء أن طيبة الذكر (سودانير) علمت الناس اذا أردت أن تتأخر عن إنجاز مهمة فحاول أن تصل لها عبر السفر جواً. بات واضحاً أن وزارة النقل غير قادرة على شراء طائرات جديدة تعيد العافية لجسد (سودانير).. تحت الحاجة الماسة اضطرت الوزارة لشراء طائرات مستعملة اقتربت من سن الكهولة.. أي طائرة ركاب جديدة أو حتى شبه جديدة لا تقل عن المائة مليون دولار.. المعلومات مدني بها وزير النقل المهندس مكاوي عوض..لهذا من الأفضل تجاوز مفهوم الناقل الوطني والنظر إلى أصول قطاعنا الخاص ومنحه الامتيازات والتسهيلات التي تمكنه من المنافسة. في تقديري من الأفضل البناء على فكرة التنسيق المحلي بين شركات الطيران، وتوسيع الفكرة وتعميمها لتشمل الرحلات الخارجية.. حتى شركات الطيران العالمية أحيانا تحت ضغط الظروف الاقتصادية، تضطر إلى مثل هذه الشراكات..مثلاً طيران الخليج البحريني تنتهي رحلاته في لندن، ولكنه ينسق مع خطوط طيران أخرى للوصول إلى أطراف الدنيا القصية..إذا نسقت ثلاث أو أربع من شركات القطاع الخاص في مجال السفريات الخارجية فستنجح في جذب المسافر السوداني..في عالم الطيران الانتظار في المطار أفضل بكثير من الطيران بعدد قليل من الركاب. بصراحة.. الإصرار على فكرة الناقل الوطني تجاوزها الزمن..من الأفضل للحكومة أن تسند القطاع الخاص في هذه المهمة.. عبر تقديم الضمانات في مجال التمويل.. بالطبع الاسناد لا يشمل إهداء اسم (سودانير) سيء السمعة.. المهمة ليست صعبة بعد أن تم تقديم بيان بالعمل في تنسيق الرحلات الداخلية. akhirlahza
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة