أيها الإنقاذيون والموالين لهم أعلموا تماماً أن لهذا الوطن الكثير من الوطنيين والشرفاء الذين لا هم لهم ولا شاغل غير بذل الغالي والنفيس من أجل شعبهم وبلدهم .. وهم في حقيقة الأمر يحملون الكثير من الرؤى والخطط لسودان أفضل .. فمن دواعي الحرب والسعي لتمزيق هذا الوطن الإمعان في تخوينهم وإقصائهم .. هم موجودن في كل بقاع الأرض، في داخل سوداننا وخارجه، وكلهم وطنيون غيورون حريصون على شعبهم وتماسكه فليس هناك ما يدعو لتصنيفهم بحسب ظروف قد فرضت عليهم ملاجيء خارج أوطانهم .. لا يجوز الإمعان في تخوينهم وإقصائهم، وليس هناك ما يدعو لذلك المسار لأنهم فقط يعارضونكم .. فذلك المسار هو الطريق إلى مزيد من الحروب وقد لا يكون هناك ضامن لعدم تصاعد المقاومة المسلحة وبل قيام تنظيمات مسلحة جديدة وقد تتفاقم الأمور وتتفلت لتؤدي لظهور ماهو دخيل على الطبع السوداني من إغتيالات فردية وجماعية بتفجيرات السيارات مفخخة وما شابه ذلك وبذلك نكون قد إنزلقنا لمصير وجحيم ندعي أنه من إفرازات الربيع العربي ولكنه هو في حقيقة الأمر من إفرازات النفسية الوحشية للشخصية العربية والأفريقية كما، وصفها دونالد ترامب، وللأسف نحن نحمل مزيجهما .. تلك الشخصية التي تشعل الحروب وتُشرعن القتل والبطش في مجتمعاتها لأتفه الأسباب
في تلك النقطة دونالد ترامب محق وكذلك الذين إنتخبوه .. هؤلاء البيض يعيشون سمو الصفاء والتعايش السلمي فيما بينهم ولا يكدر صفو حياتهم في هذه الدنيا شيء غير تلك النفس الوحشية التي تفسد السلام فوق سطح الأرض من عرب وأفارقة وغيرهم .. فهولاء البيض ليس بينهم حروب قبيلة ولا يوجد بينهم معتقل سياسي أو خائن أو منفي .. فمالذي يجعلهم هكذا؟ فقط لأنهم عرفوا ما هي الحقيقة .. والحقيقة التي عرفوها هي أن الناس تحمل آراء مختلفة وليس بينهم من يملك الحقيقة المطلقة .. ولذا لا تسلط لأحدهم على الإخر .. يتعايشون بكل حرية ويتبادلون ويتقاسمون كل شيء والقانون هو الفيصل في منازعاتهم .. ولا تعيش الكذبة بينهم لأنه لا يوجد من يُفصل لها ويُلبسها ثياب زائفة لتبدو كأنها حقيقة
لكي يتحقق السلام في سوداننا عليك أن تبدأ بغرس هذا السلام في نفسك أولاً .. فلا يجوز أن تتهم من حمل السلاح بأنه مهدد للسلام وأنت لا تتحلى بأدني أبجديات السلام حتى في تعاملك مع من يخالفك الرأي من بني جلدتك .. فأنت تؤيد تلك السلطة التي تتهم كل معارض لها بالخيانة ثم تجدها تناقض نفسها فتدعو كل معارض خائن للجلوس معها للحوار وتُعده بإهدائه كرسي سلطة ومنافع .. فأنت قد توالي وتؤيد الإنقاذ لمصالح ومكاسب شخصية لك ولكن يجب أن تعلم أنك قد لا تجد وطنك الذي تعيش فيه لتستمع بتلك المكاسب .. حقق السلام في دواخلك أولاً
يستنكرون وأي إستنكار؟ إستنكار فظيع ومريع عندما تقول لهم أتركوا السلطة .. حقيقة لا توجد كلمات لوصف لهذا التشبث المريب بالسلطة .. ذلك هو السرطان السياسي الذي لا زال يستفحل في عقول ساسة العالم الثالث وسياساتهم الخرقاء .. السلطة ودونها الموت الزؤآم .. ذلكم هو الإدمان الذي يجعلهم فرائس سهلة المنال للقوى العظمى .. تُطوعهم وتستغلهم كما تشاء وهذا في حد ذاته هو الفساد الأعظم .. بل أنهم أكثر الناس بحثاً عن من يطبلون لهم حيث الإستحسان يدخل في عقولهم أما النقد فلا يجد طريقاً إلا لقلوبهم ليجعلهم وحوش كاسرة .. ليس لهم الشجاعة للإعتراف بأخطائهم وتصحيحها لأنهم مشغولين أكثر بنكرانها .. ذلكم هو التخلف الذي يجعلنا في ذيل قوائم الأمم المتحضرة المتطورة والتي لم تتطور ولم تتحضر إلا بعد أن إستأصلت ذلك السرطان من عقولها
لن ينصلح حال هذا البلد ولن تتوقف الحروب ولن تنقطع إنتهاكات حقوق الإنسان ومصادرة الحريات ولن يُبسط العدل ولن تتوافر الشفافية إلا برحيل نظام الإنقاذ ومعه تلك المنظومة البائدة التي إصبحت ماضي بغيض عند غالبية شعوب العالم .. فما الذي يجعل هذا الطرح مرفوض؟ وما الذي يضير الإنقاذ وحزبها الحاكم إن تنازلت عن السلطة طواعية وتفرغت لإعادة بناء حزبها ومراجعة كل أخطائها وإخفاقاتها بكل شجاعة ثم العودة للإنخراط في سودان جديد؟ ما هي الكارثة الكبرى التي ستحل بهم إن فعلوا ذلك؟ وما هي الكوارث التي ستحل بوطننا إن هم تركوا السلطة؟
ولكن الإنكاء من كل ذلك هو ذلك العذر الأقبح من الفشل نفسه حيث يقولون: "وهل تترك الإنقاذ السلطة لينتهى بنا الأمر للمجهول؟" فذلك هو الإعتراف الضمني بفشل الإنقاذ طيلة ال ٢٨ عام تسلطاً، حيث لم تكفل مناخ ديموقراطي ولم تسمح لغيرها بالممارسة السياسية بحرية مطلقة حتى ينصلح حال الأحزاب السياسية التي قالت أنها جاءت لإنقاذ السودان من براثينها أو حتى تترك الفرصة والمساحة الكافية لكي تنشأ أحزاب جديدة وأجيال بديلة .. بل لم يكن للإنقاذ إنجاز إكبر من تحطيم العمل للسياسي وإقصاء الآخر والتهجير لغالبية كوادر الوطن .. أليس من العيب في عالم اليوم أن تقول سلطة أنها لن تترك السلطة لأن ليس هناك بديل لها .. فتلك أكبر إساءة يمكن أن توجهها دولة لنفسها وسلطة لشعبها .. فذلكم هو إخفاقها هي وحدها .. فأي تنمية كانت أفضل من تنمية الثروة البشرية نفسها
حقيقة لن يجدينا نفعاً تشكيل أي حكومة ومهما كان نوعها طالما سيكون فيها فرد واحد فقط من سلطة الإنقاذ، وليس لشخصه ولكنه لتمسكه بتلك المنهجية الإنقاذية لأنها ستكون العائق الأكبر للنهوض .. ولكن الحق يقال؛ إن الأخطر من الأنقاذ نفسها هم الموالين لها والذي لا يحتكمون لأي مرجعية غير الولاء الأعمى .. كل ذلك الإخفاق والفشل يعتقدون إمكانية التنصل عنه بالتعذر بمؤآمرات داخلية وخارجية وحصار وترصد وغيره .. لا يفرقون بين اللذين يكرهونهم لشخوصهم وبين الذين يسدونهم النصح من أجل الوطن وسلامته .. خالية جعبتهم من كل شيء إلا سهام التخوين والإساءات والمكايدات .. ولا حليتهم لهم بمقارعة الحجج إلا بالتهديد والوعيد .. فما الذي يجعل طرح تنازل الإنقاذ عن السلطة أمر جلل ومهول ويشبه الكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله وباليوم الآخر وبالقدر خيره وشره؟ كم من حكومات فوق هذه الأرض تنحت طواعية إقراراً بالفشل ومنح الفرصة لغيرهم؟ فتلك هي الأوطان التي لا يعقل أن تكون حكراً لفصيل بعينه، والله المستعان.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة