أظن أنه وبعد متابعة لعدة أشهر يمكن القول إن قناة سودانية 24 قد عبرت البداية الصعبة، وبدأت تأخذ شكلاً لوناً مميزاً، وصارت تجتذب مشاهدين كثر كل يوم.. منذ البدايات الأولى كان واضحاً أنها تميزت بإمكانيات هائلة في الصورة، كاميرات حديثة، وديكور مميز، وإضاءة مدروسة بعناية؛ لذلك تفوقت في هذا الجانب منذ اليوم الأول، ثم استقرت برمجتها حيث صار سهلاً متابعة البرامج المعروفة بمواعيدها. يمكن القول إن القناة قامت على فكرة، وهذا هو سر النجاح، وهو- أيضاً- سر مقتل مؤسسات إعلامية أخرى، محطات إذاعة، وتلفزة، وصحف، قامت على التقليد، والنمطية دون إعداد، ودون تخطيط، ودون بصمة تميزها عن المؤسسات الموجودة. عندما تظهر مؤسسة إعلامية تكرر ما سبقتها من المؤسسات تكون قد أضافت تراكماً عددياً- زيادة في العدد- دون أن تشكل إضافة حقيقية إلى الساحة الإعلامية. من مميزات قناة "سودانية" اعتمادها على الوجوه الجديدة من شباب وشابات واعدين، وأصحاب إمكانيات وقدرات مميزة، انتقدناهم أكثر من مرة بداية ظهورهم؛ لأنهم لم يتلقوا التدريب الكافي والمناسب، لكنهم على كل حال يتعلمون كل يوم شيئاً جديداً، ولو على حساب المشاهد، ويتطور أداؤهم، ولو كانت القناة قد استثمرت في تدريبهم لكانت قد قصرت عليهم الخطى، ووفرت علينا معاناة البدايات الأولى. تصرف المؤسسات الإعلامية- على إطلاقها- الملايين على الأجهزة، والمعدات، والماكينات، وتستخسر بضعة دراهم على تدريب الوجوه الجديدة، وهذا من قصور النظر. تمتلك القناة جرأة محمودة في مخاطبة كثير من القضايا السياسية، والاجتماعية، والاقتصادية، والثقافية، وهذا واحد من أوجه تميزها، ولو أخذنا برنامج "حال البلد"- مثلاً- فلن تجد له شبيها في أية قناة أخرى، من حسن الإعداد وقوة الطرح، ثم الحضور المتميز للطاهر حسن التوم الذي بناه عبر عمل دؤوب لسنوات طويلة عبر قناة النيل الأزرق، قدم الطاهر في تجربته الأولى في "النيل الأزرق" برنامجين مهمين، هما "حتى تكتمل الصورة"، والبرنامج الآخر- ربما- يكون الأقل شعبية لكنه الأخطر في رأيي، وهو برنامج "مراجعات"، وقد طور تجربته، ومضى بها إلى الأمام في "حال البلد" حتى احتل بها مقدمة البرامج الحوارية. اعتمدت القناة على صيغة الصحافة التليفزيونية، وهي الصيغة الأكثر تطوراً في عالم اليوم؛ لذلك لم يكن غريباً أن يكون معظم معدي ومنتجي البرامج من الصحفيين، الذين نقلوا خبرتهم في الصحافة المطبوعة إلى الصحافة التليفزيونية، وهم غالباً جنود مجهولون بالنسبة للمشاهد الذي لا يلتقت كثيراً إلى قراءة أسماء المعدين، والمنتجين، لكنهم معروفون لنا بسيماهم، وتميزهم، وببصمتهم الواضحة في عدد من البرامج. هناك جرأة واضحة في كثير من برامج القناة، من "حال البلد"، مروراً بـ "مانشيتات سودانية"، إلى "صباحات سودانية"، و"عين على"، حتى برنامج الشاب الظريف محمد فتحي "يا أخوانا"، الذي لا أشك أنه أثار غضب الكثيرين بسخريته، وجرأته خفيفة الدم. لدينا قناة سودانية جديدة ترسم خطاها بثبات على درب المستقبل، تستحق التحية، والتقدير، وقبل وبعد ذلك المشاهدة، والمتابعة.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة