أخيراً عاد د. محمد طاهر إيلا والي الجزيرة ليواجه المعركة.. وعلى رأي المثل الشعبي (البطلع ليك متحزم.. أمرق ليهو عريان).. أي من تحداك فاخرج له بكل ما تملك.. فقد أشهر "إيلا" المواجهة.. وأطلق أمس في خطبه المتوالية قنابل إنشطارية مضادة تجاه مواقع النيران.. ومنذ أن أطلقت صافرة هذه المعركة قبل عدة أشهر حاولت أن أفهم طبيعة هذه المعركة وميدانها والتوقيت.. لكني أقر بفشلي في الوصول إلى إجابة شافية.. فكل المنثور في الهواء الطلق أقرب إلى معركة (عائلية) داخل أسوار حزب المؤتمر الوطني.. وبكل أسف يبدو أنها مستنسخة من معارك مشابهة شهدتها ولاية الجزيرة في العهود المتعاقبة للولاة الذي مروا عليها.. ورغم (الجو الماطر والإعصار) على قول الشاعر نزار قباني.. وكونها معركة في لا معترك.. إلا أن الوجه الإيجابي فيها أنها –هذه المرة- موجهة لشعب ولاية الجزيرة.. بعبارة أخرى؛ السباق يحاول استقطاب الرأي الجماهيري في ولاية الجزيرة.. ورغم أن المركز يراقب عن كثب إلا أنه لم يتدخل ليبدو وكأنه في انتظار تحري رؤية هلال المواجهة وإلى أية كفة يميل.. الوالي "إايلا" له مدرسة خاصة في إدارة العمل التنفيذي والسياسي منذ كان في ولاية البحر الأحمر والتي بكل المقاييس سُجلت لصالحه.. وتقوم هذه المدرسة على المشي في الخط الأحمر الفاصل بين (الفيدرالية) و (الكونفدرالية).. أي الاستقلال بقرار الولاية عن المركز بدرجة وصلت أحياناً فض الاتصال الإداري مع مؤسسات اتحادية لتعمل تحت إشراف وإدارة الولاية.. أشبه بمحاولته الآن مع مشروع الجزيرة.. ولكن يبدو أن كثيراً من مراكز القوى في ولاية الجزيرة تستمد قوة أنيابها من المركز.. ويضعفها كثيراً منهج "إيلا" الاستقلالي عن المركز.. فعمدت مراكز القوى هذه على إثارة قضايا تبدو في ثوبها الخارجي (جماهيرية) لكنها في الحقيقة (حزبية) بامتياز تحاول استعداء المركز ليقمع مدرسة "إيلا" الاستقلالية.. ربما فهم "إيلا" وقرأ مسرح العمليات بصورة جيدة.. فأيقن أنه ما أفضل من (داوني بالتي كانت هي الداء).. فبدأ المواجهة من أول نقطة وصل إليها أمس في ولاية الجزيرة ووجه خطاباً جماهيرياً مباشراً.. ليجر أعداءه إلى الأرض المبتلة التي قد لا يستطيعون مجاراته فيها خاصة مع حالة الإخفاق والفشل الشائعة عن حزب المؤتمر الوطني والتي راكمت الغبن الجماهيري تجاهه ليس في الجزيرة بل في كل السودان.. ورغم ثقتي في أن "إيلا" سيكسب الرهان على الجماهير لكني لا أثق أنه من الممكن أن يكسب النتيجة النهائية.. فالمشكلة التي ربما لم يفطن لها "إيلا" أن حزبه لا يعول كثيراً على القرار الجماهيري.. بل – وبكل أسف- كثيراً ما يفضل المؤتمر الوطني أن يزجر الجماهير ويثبت لها أنها محكومة... لا حاكمة.. على كل حال.. بدلاً من السابق على حل مشكلة البلاد الخانقة.. يفضل البعض عرض أفلام (الأكشن) السياسية علها تسلي الجمهور..
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة