أمطرت أهلنا رعبا ونزفت تحت زخات المطر ، ليلتها لم يمت أحد وبعدها أيضا لم يمت أحد ، ولكن بالضرورة رُحل مصابيها حينها لتلقي العلاج شمالا، إذ هي رغم إمكانياتها الإقتصادية المهولة إلا انها فقيرة جدا صحيا وتنمويا وإقتصاديا والقائمة تطول نواحي أخرى كثيرة ، فقرا نعلم أسبابه أجمعين ، تبدو كغيرها من أمصار البلاد المختلفة تأتت لتعطي ، ليس لتأخذ حتى أبسط الحقوق نهار التاسع عشر يمر ـ رغم سخونته النسبية ـ عاديا كغيره من أيام مايو ، وما أن إقترب المغيب حتى بدت بعض السحيبات تتجمع هنا وهناك لتبشر بإقتراب نزول أمطار أول أيام هذا الخريف مما يجعل الجو صحوا ينعش بعض الآمال ولكن لم يكن يخطر على بال أحد أن أمسية ذلك اليوم ستحمل الكثير من المفاجآت غير السارة لأهلنا في تلك المدينة المتريفة الوادعة إبتلع الظلام آخر شعاع أرهقته السحب بالحيلولة بينه وبين المدينة فلملم النهار آخر أنفاسه ورحل والبرق يتلألأ في نواحي متفرقة من سماء المدينة وكل مؤذن ينادي في الناس أن حي على الصلاة ساغة مغربية وزغرودة فرح تنطلق من الحي الغربي لتعلن قدوم مولود جديد وصوت الكابلي ينبعث من هناك نديا مرددا (وتلوح لك صورة بألوان جميلة تحتارأين مثيلها لو حاولت تعرف أسرارها وأصولها يا ما تشوف عجايب ما بين السرادق سمار الفنادق ... ) وزخات المطر تبعث في النفس الطمأنينة والإنشراح ومابين فرقعة ودوي الرعد من علٍ تبدو تقترب آخر لحظات الجراح من تحت ولا زال الرعد يدوي ويدوي وكأنما كانت المدينة تردد الصدى ولكن الصوت كان أعظم تأتى الإنفجار !! إنفجار مستودع الزخيرة !! ، إختلط حابل الرعد بنابل الإنفجارات ، كما أختلطت فيما بعد الدماء بالدمعات طغت إنفجارات الأرض على دوي رعد السماء كان الرعب والجراحات والمناحات والنزيف ، ونزفت المدينة تحت زخات المطر .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة