منذ بداية بث حلقات الدكتور الترابى فى شاهد على العصر كتبت كثير من المقالات والتحليلات حول شهادة الترابى وها انا أضيف عليها كذلك آملاً أن تكون اضافة جديدة ومفيدة للقراء الكرام وسوف أتجاوز الكثير لأتحدث عن نقاط بعينها لأهميتها فى نظري ولأنها تمس شعب بكامله فى عرضه وكرامته وأخلاقه .
1/ عند حديثه عن قوانين سبتمبر أيام الراحل جعفر نميرى وصف الترابى السودان قبل قيام شريعة نميرى بأنه مليئ ببيوت الدعارة والخمور منتشرة فى البيوت واصفاً الشعب السودانى بالسكير وهذا الكلام يسيئ اساءة بالغة الى شعب السودان فى قناة فضائية عالمية يشاهدها كثير من الناس ولن يستطيع أي سودانى أن يرد على من يتهمه بهذه التهم لأنها لم تأتي من غريب انما جاءت من زعيم الاسلاميين السودانيين .وذلك لان الطريقة التى تحدث بها الترابى توحى للمستمع وخاصة غير السودانى أن السودانيين كانوا يشربون الخمر بالاجماع . الشعب السودانى لم يكن داعراً أو سكيراً بل كان الأحسن خلقاً وتديناً بين الشعوب وكون أن هناك حرية متاحة لممارسة هذه الأشياء لا يعنى أن الشعب السودانى كله كذلك فقد أثبتت الأيام أن حالات التردى الأخلاقى فى ظل حكومة الجبهة الاسلامية لم يسبق لها مثيل .
2/ دافع الترابى دفاعاً مستميتاً عن قيام الانقاذ ووجودها ووصفها بأنها نشرت الاسلام فى السودان ونشرت اللغة العربية فى كذبة بلغاء لم يستح منها الترابى وهو يتفوه بها والحق أن انقلاب الاسلاميين شوه الاسلام فى السودان بل جعل من الالحاد ظاهرة لأول مرة فى السودان وكذلك التدين الشكلي أصبح ظاهرة نتنة تنفر منها القلوب السليمة أما بالنسبة للغة العربية فانها كانت قبل الانقاذ تنتشر بسلاسة فى مناطق الجنوب والمناطق التى لا تتحدث العربية فقد كان أي سودانى يفخر بأنه تعلم العربية وعند مجيئ الانقاذ أصبحت العداوة واضحة للغة العربية وتكونت مجموعات عرقية نوبية فى شمال السودان تنادى باحياء اللغة النوبية فى حالة أقرب للعداوة للغة العربية منها والتمسك بجذورهم اللغوية .
3/ انتقد الترابى النظام الخاص الذي أسسه حسن البنا لتنفيذ تفجيرات واغتيالات لصالح الجماعة وفى نفس الوقت يدلى الترابى بأنهم كونوا ما يسمى بأمن الحركة الاسلامية وهو جهاز مواز لجهاز أمن الدولة له صلاحيات أكبر وهو شبيه بالنظام الخاص عند حسن البنا الذى ندم عليه لاحقاً وذكر الترابى أيضاً أن هناك حكومة خفية تديرها شخصيات غير معروفة وهى المسيطر الحقيقى على مفاصل الدولة بل هى الرئيس الفعلى وأكبر دليل على ذلك فانه قبل المفاصلة كان الناس يظنون أن الترابى هو الرئيس الفعلى وما الرئيس البشير الا مجرد ديكور’ كذلك فان كل القرارات الهامة والمفصلية تصدر من هذه الحكومة وأى اتفاقيات لا توافق عليها تكون محلها سلة المهملات والأمثلة لا تحصى ولا تعد .(اتفاقية ابوجا تم الالتفاف حولها ورفضت اتفاقية نافع – عقار وغيرها ) فى العام 1999 وقع حزب الامة اتفاقاً مع نظام البشير ما سمي باتفاقية جيبوتى وقال الامام الصادق ( ذهبنا لنصطاد أرنباً فاصطدنا فيلاً ) وحدثت بعد هذا اللقاء أحداث الرابع من رمضان وهى المفاصلة الشهيرة بين الاسلاميين ولكن يبدو أن ليس كل الصيد فى جوف الفرا وذلك لأن الحكومة الخفية تقف حجر عثرة أمام تطلعات الامام فى تفكيك نظام الانقاذ لصالح التحول الديمقراطى . بعد المفاصلة ظن الناس أن الرئيس البشير هو الدكتاتور المسيطر على قرارات الدولة والى الآن يظن الكثيرون هذا الظن وبالنظر الى حيثيات معينة ودونكم الاتفاقيات السرية بين البشير والامام فقد باءت بالفشل بل هناك وعود صريحة من البشير للشعب السودانى لم تتحقق ألا تنظر لكل لقاءات البشير التلفزيونية ولقاءاته مع الجماهير يتحدث حديثاً عفوياً ملئ بالوعود حتى راعى الضأن يدرك أنه من المستحيل تنفيذها فى ظل هذا الوضع المتأزم وكأنه يريد أن يملأ وقت اللقاء بأى حديث يطلقه وما ذلك الا لأنه ليس له القرار الأخير بل للحكومة الخفية وكل الشخصيات التى ظن الناس فى يوم ما أنها ذات نفوذ أوضحت الأيام أنها تجعجع فقط (الترابى - على عثمان - نافع - عوض الجاز) وسيتم التخلص منه فى الوقت المناسب كما تخلصوا من سابقيه ’ وهذا يجرنا الى موضوع الساعة وهو قضية الحوار الوطنى الذي يحاول امبيكى أن يقنع به المعارضة فانه بالنظر لكل ما سبق من اتفاقيات ثنائية أو غيرها فان الحكومة الخفية لن توافق على تفكيك الانقاذ وهذا أمر دونه خرط القتاد بالنسبة لهم فحتى الترابى نفسه وبعد كل المرارات التى تجرعها من تلاميذه لا يريد أن يفكك الانقاذ بل فى جعبته أن يصحح المسار كما يعتقد الى أن رحل ’ فليس أمام المعارضة الا التعبئة لانتفاضة كبرى فاذا استمرت المعارضة وخاصة حزب الامة فى عملية الحوار فانهم سيحتاجون الى اعلان باريس آخر والى نداء سودان آخر بل ستنعدم الثقة بين أطياف المعارضة التى هى أصلاً مهزوزة وسيتطلب ذلك من الامام جهداً أكبر ووقتاً أطول وهذا ما يبحث عنه المؤتمر الوطنى فتكون المعارضة قد أسهمت فى ضنك الشعب السودانى وافقاره وتشتيته ولماذا يناشد الامام الرئيس البشير بالتنحى وهو يعلم أنه لا يستطيع التنحى فهل وجود عبد الرحمن الصادق فى القصر لم يحدث أى اختراق يذكر ؟ فانه من الغباء أن يعتقد البعض أن الصادق المهدى يشارك فى الحكومة عبر ابنه عبد الرحمن ومن الغباء كذلك الاعتقاد أن هذا الأمر تم دون ايعاز من الامام فاذا فهمت معنى الفرق بين الغباء الأول والثانى فحتماً ستفهم معنى أنه لم يحدث اختراق فى صفوف العصبة الحاكمة.نحن نتفهم موقف الامام المتطلع لخروج آمن للسودان وشعبه وليس للانقاذيين حسب النظرة الضيقة لبعض قوى المعارضة ولكن بالنظر لحيثيات معينة فان هذا النظام لن يرحل الا بثورة شعبية تقضى عليه .
4/ قال الترابى فى حديثه عن خلافه مع البشير أن العقيدة العسكرية هى السبب الرئيسى فى ذلك الخلاف ’وباختصار اذا كان الأمر كذلك لماذا شهدت القوات المسلحة هذا الترهل الذى لم يسبق له مثيل بل انهارت هيبتها واستعاض عنها النظام بمليشيات ارتزاقية كسرت قلصت دورها وهمشتها ’ وفى ظل الانقاذ طوال سنين عمرها فان الرتب السياسية تطغى على الرتب العسكرية وأصبح كبار الضباط الذين أفنوا عمرهم فى خدمة القوات المسلحة لا حول لهم ولا قوة . اذاً فان حديث الترابى مردود عليه وسبب الخلاف هو جشع الاسلامويين فى تقاسم الثروة والسلطة ليس الا .
5/ يبدو أن الخلاف بين الترابى وتلاميذه كان منذ بداية الانقاذ فعندما جاءت المفاصلة ظن كثير من الناس أنها مجرد تمثيلية مثل تمثيلية (اذهب للقصر رئيساً وأنا أذهب للسجن حبيساً ) وعندها قال الصادق المهدى أن الخلاف حقيقى وأن جذوره تعود للعام 1992 . والحق أن الترابى رجل دكتاتور يفرض رأيه بالقوة ولو أنه فى كل الحلقات حاول أن يبعد عنه هذه الشبهة فأراد تلاميذه التخلص منه وعندما حدثت الضربة التى تعرض لها الترابى فى كندا تنفس تلاميذه الصعداء وأمروا أن يترك فى سويسرا يقضي بقية حياته هناك حسب شهادته هو نفسه هذا اذا لم يكن لهم يد فى محاولة الاغتيال وليس هذا بمستبعد .
6/ عندما سئل الترابى عن الفساد المستشرى وسط الاسلاميين ادعى الترابى أن السلطة فتنة وأنها قد فتنت من كان قبلهم فهو لا يلوم تلاميذه فى سرقتهم فنحن نسأل الترابى لماذا لم تفتن السلطة من كان قبلكم ولم يرفعوا شعارات اسلامية والترابى دائما يستشهد بالعهد الأموى وكأن العهد الأموى هو نموزج للدولة الاسلامية ولماذا لم يحدث هذا فى الدولة لمهدية او دولة الفونج بل لماذا لا يحدث فى الدول الاوربية اليست لهم انفس بشرية ؟ والحقيقة أن هؤلاء مجرد منافقين باعوا دينهم بلعاعة من الدنيا ولا مثيل لهم الا حنظلة فى عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث كان يوصف بحمامة المسجد وعندما طلب من النبى أن يدعو له بالرزق جاءه الرزق حتى نما كما ينمو الدود وبدأ يتخلف عن الصوات بل ترك حتى صلاة الجمعة وعندما أرسل له النبي ليدفع الزكاة رفض حنظلة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( هلك حنظلة هلك حنظلة ) وما هذا الا لنفاق حنظلة الموجود فى قلبه اصلاً وهم شبيهون به فليس فتنة السلطة هى التى أغرتهم بل نفاق مجبولون عليه ويحاولون تغطيته بالتدين الشكلى
7/ فى حادثة اغتيال الرئيس المصرى حسنى مبارك رمى الترابى بكل ثقله المعلوماتى فى هذه الحادثة وربما كان ذلك من الروح الانتقامية التى تتملكه ضد تلميذه على عثمان الذى غدر به وبمشروعه الحضارى ولأن من شيم الاسلاميين الفجور فى الخصومة منذ نشأتهم فى مصر وهى صفة من صفات النفاق ( ... واذا خاصم فجر ) ’ وذكر الترابى أسماء بعينها لم تذكر من قبل’ بل أدلى بمعلومة خطيرة وهى أن كل الذين شاركوا فى اغتيال حسنى مبارك تمت تصفيتهم وهذا اتهام خطير لن يعفى الترابى نفسه من المسؤولية ويبدو أن الترابى له علم مسبق بالعملية ولكنه كان رافضاً لها فقد ذكر أن هناك من جاءه يطلب مساعدته فى عملية الاغتيال ولكنه أقنعهم بالعدول عن هذه الفكرة بيد أن تلميذه على عثمان والمذكورون معه خططوا ورتبوا مع المصريين لاتمام عملية الاغتيال والجديد فى الأمر أن حتى من صادف وجوده فى مكان الحدث تمت تصفيته ( انظر مقال الاستاذ ثروت قاسم فى صحيفة الحوش السودانى الالكترونية http://www.alhowsh.com/articles.php؟action=showandid=11663)
بهذا فان الذين تمت تصفيتهم بتواجدهم عفواً فى مكان الحدث لهم أهل لن يسكتوا حتى ولو بعد حين وستطال المحاسبة حتى الذين كانوا يعلمون وتستروا عليها مثل الدكتور الترابى والدكتور على الحاج الذى صرح مؤخراً أنه كان موجود فى ذلك الاجتماع وعضد على صحة ما ذكره الترابى 8/ الحلقة الاخيرة فى شاهد على العصر كانت أكثر حلقة صدقت فيها أقوال الترابى بل حتى مشاعره وأحاسيسه كانت صادقة فقد أظهر الضيم جراء ما فعله به تلاميذه ويبدو أن الحسرة والغيظ من ذلك هما اللذان أديا الى وفاته أخيراً .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة