* حاجة خالدة امرأة من منطقتنا أذكرها كلما سمعت بجزع شخص ما من الموت.. * أو بالأحرى ، أذكر ما يُروى عن لحظات موتها وقد أضحى موثقاً على ألسنة الناس هناك إلى يومنا هذا.. *ومن السياسيين من هم أشد جزعاً من خالدة هذه لحظة الوفاة.. * فهي كانت تحب الحياة إلى درجة مقت كل من (يجيب سيرة الموت) أمامها بمثل مقتها لعباس (الكوبودار).. * وكوبودار-أو كوبودان- مفردة نوبية تعني (الناعي) الذي يجول البلدة على ظهر حمار صائحاً ( فلان تود غايبي كون).. * فحاجة خالدة كانت تسد أذنيها ما أن تسمع عبارة عباس هذه التي تخطر الناس بوفاة (فلان).. * وعندما حانت ساعتها بلغ جزعها حد أن رفضت ترديد الشهادة رغم توسلات من كانوا حولها من الأهل.. * وعوضاً عن ترديد الشهادة كانت تردد ما ترجمته إلى العربية ( لكن أنا حصلت ده كله؟!).. *طفقت تردد العبارة هذه إلى أن طلعت روحها مع طلوع الصباح فسكتت عن الكلام المباح.. * والقذافي لعله كان يردد في سره ما يشبه عبارة حاجة خالدة وهو يرى الموت يحيط به من كل جانب (معقولة أنا حصلت ده كله ؟!).. * وشافيز ذكرني بحاجة خالدة أيضاً وهو يقول بوهن لأطبائه لحظة الوفاة (أرجوكم، لا أريد أن أموت).. * ونميري- من قبل- زين له أتباعه فكرة (الخلود) فسمى نظامه الانقلابي ثورة مايو (الخالدة).. * فلما رأى أن (الموت) كان هو مصير نظامه- بفعل الانتفاضة- أبت نفسه أن تصدق وغمغم بما معناه (بالله نظامي حصل ده كلو؟).. * وهكذا يجزع البعض من فكرة موتهم- أو موت أنظمتهم- عندما يحين (الأجل) .. *أما فكرة كلمتنا هذه فقد استلهمناها من داعية كان يتحدث عما أصاب الحجاج بن يوسف من (جزع) عند الموت.. * وقال إن الحجاج الذي اشتهر بالشجاعة لم يجزع من الموت في حد ذاته وإنما من الذي هو (وراء) الموت هذا.. * ودلالة ذلك أنه كان يردد أسماء بعض الذين قتلهم- ظلماً- ومنهم سعيد بن جبير.. * أما من هم أمثال شافيز- من غير المؤمنين بالبعث والحساب- فإن خوفهم من الموت هو مثل خوف حاجة خالدة.. * هو محض خوف من (مغادرة) الدنيا.. * فكيف إن كان مع العيش في الدنيا هذه جاه وسلطان ونعيم؟.. *والعاقل من تذكر (كوبودانه!!!!).
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة