ينسب للسياسي البريطاني الراحل ونستون تشرشل أنه قال إن الحرب أعظم شأناً من أن تترك للجنرالات وحدهم. مقولة تشرشل لا تنتقص طبعاَ من مكانة الجنرالات ودورهم، ولا أتينا بها هنا بغرض التقليل أيضاً، وإنما لدلالتها التي تفصح بأن أمر وقرار الحرب هو شأن سياسي تساهم فيه قطاعات متعددة، بسبب عظم القرار، ويتم البت في شأن الحرب بعد مداولات وتقارير تغطي الجانب السياسي والاقتصادي والعسكري والاجتماعي وحتى النفسي. نفس الشيء نقوله للسيد محمد الحسن الأمين المحامي والسياسي وعضو البرلمان، الذي قال إن النقاش حول التعديلات الدستورية "مهني وليس سياسياً". يا سيدي المحامي إن أمر الدستور والقوانين أعظم من أن يترك للقانونيين وحدهم. الدستور هو أبو القوانين، أو القانون الأعظم، وهو يهم الأمة كلها، والنقاش حوله وحول تعديله ليس شأناً مهنياً فقط يختص به القانونيون وحدهم، بل كل قطاعات المجتمع. والسيد محمد الحسن الأمين لم يعين في لجنة التعديلات الدستورية إلا لأنه نائب بالبرلمان، وسياسي خاض الانتخابات ضمن قائمة حزب سياسي، وطرح نفسه ببرنامج سياسي، ولم يأتِ فقط لأنه محامي. الطبيعي أن تشارك كل الأحزاب والقوى السياسية وقطاعات المجتمع كلها، بما فيها القانونيون، في مناقشة التعديلات، ثم يختص القانونيون بالصياغة الفنية. في البرلمان أيضاً معركة أو سوء تفاهم بين ديوان المظالم ورئيسه المستشار أحمد أبو زيد ووزارة العدل حول التقرير الأخير للديوان والذي رصد مخالفات لبعض منسوبي الوزارة. ما استرعى انتباهي هو الجدال الذي دار بالبرلمان حول عدم تسلم وزارة العدل لصورة من التقرير، وحسم رئيس البرلمان للنفاش بالقول إن الديوان غير ملزم بتقديم التقرير إلا للبرلمان ورئاسة الجمهورية. حسناً، إذا كان وزير العدل مطالب بالإجابة على أسئلة النواب حول مخالفات منسوبة لبعض العاملين بوزارته، فكيف يتأتى له تجميع المعلومات للرد على الملاحظات أمام البرلمان إن لم يتلق التقرير قبل وقت كافٍ؟ وكيف يمكن للوزارة اتخاذ إجراءات في حالة وجود مخالفات. من الواضح أن هناك سوء تفاهم أو ربما خلافات ذات أبعاد شخصية تعيق التفاهم بين الديوان والوزارة، رغم أن عملهما يفترض أن يكمل بعضه. ولو أراد رئيس البرلمان أن يفعل خيراً، فليهيء لهما جلسة للنقاش والتفاهم وإزالة أسباب الخلاف. وإن كان الخلاف مؤسسياً لتضارب الاختصاصات، وليس شخصياً، فالأفضل الاتجاه نحو معالجة جذرية بمراجعة القوانين والمرجعيات والاختصاصات وتحديدها بدقة، حتى لا يؤدي التضارب لعجز العدالة أو عدم إقامتها. في البرلمان أيضاً تم رفض الرد الذي قدمه وزير النفط على تقرير الخدمات الاجتماعية لقطاع النفط، فخرج الوزير حزيناً مقهوراً وهدد بالاستقالة. السيد الوزير جاء من الكادر الفني، وليس له، كما يبدو، كبير خبرة بالسياسة، فوجد معاملة لم يجدها وزير قبله. سبق لوزراء أن رفضوا المثول أمام البرلمان، وغاب بعضهم، وتأخر آخرون، ولم يقل لهم أحد "بغم". على السيد الوزير أن يتعلم السياسة، أو يجد له ظهيراً سياسياً، أو يستقيل.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة