أمس.. مولانا د. عوض حسن النور غلبته العواطف خلال حفل بالوزارة وأمام الرئيس البشير.. بكى وزير العدل بحرارة وتأثر فأبكى معه بعض الحضور. وقبل ثلاثة أيام- تقريباً- بدعوة من مركز (طيبة برس) التقى وزير العدل بالصحفيين، وكرر خلال حديثه عبارات (الوداع).. للدرجة التي اضطرت وزير الإعلام د. أحمد بلال– الذي كان معه على المنصة- أن يؤكد ألّا أحد يعلم من سيبقى في الوزارة الجديدة، ومن سيذهب.. كأني به يحاول مسح الانطباع الذي تركه مولانا عوض النور بأنه مغادر موقعه الوزاري. ورغم تعاطفي مع مولانا د. عوض لكونه رجلا معروفا بالاستقامة العدلية، وحسن السيرة المهنية، والكفاءة العلمية.. إلا إنه أخفق في اختيار الزمان والمكان الملائمين لذرف الدموع.. فالتأويل الأقرب الذي سيسقطه عليه الكثيرون أنها دموع فراق الكرسي.. على غرار سوابق لزملاء وزراء سكبوا الدمع بعد ثبوت خروجهم من المنصب. منذ أول يوم لتعيين مولانا د. عوض في وزارة العدل علقت وقلت إنه تعيين أشبه بانتقال اللواء عابدين الطاهر من المباحث إلى شرطة المرور.. فمولانا عوض ابن القضائية، وأبلى فيها كثيراً من أول درجة في السلم إلى عواليه.. وعمل فترة طويلة في دولة الإمارات العربية الشقيقة، وترك سمعة باهرة خلفه.. وعاد إلى السودان في المنصب الثاني بالسلطة القضائية.. وهي واحدة من المؤسسات التي تحظى بسجل معتق محفوف بالوقار.. وكان الأجدر أن يظل حيث عرف نفسه، وعرفه الناس.. على النقيض من وزارة العدل التي ظلت تتعرض إلى كثير من العواصف والقواصم. وفعلاً.. من أول يوم في وزارة العدل وجد د. عوض نفسه في حاجة إلى امتشاق سيفه، وخوض معارك مبكرة.. اضطرته إلى الاستعانة بكوادر من القضائية لدعم سياساته الإصلاحية التي يؤمن بها.. وبطبيعة الرجل المسالمة لم يكن سعيداً بالدماء التي تناثرت وإهدار فكره ووقته في هذه المعارك. إن غادر د. عوض موقعه الوزاري في العدل فمن باب المحاصصة الحزبية في حكومة (الوفاق الوطني) القادمة.. فكثير من الترجيحات تمنح حقيبة وزارة العدل لحزب المؤتمر الشعبي.. ولئن بقى في المنصب فقد اختار طوعاً أن يفرغه من بريقه بعد أن قاد بنفسه وبنجاح حملة الفصل بين وزارة العدل والنائب العام.. التي أجيزت في التعديلات الدستورية الأخيرة. على كل حال.. د. عوض حسن النور دوره الحقيقي الذي ينتظره منه الشعب السوداني لم يبدأ بعد.. فأرجو ألّا يذهب بعيداً!. إن ذهب!.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة