كنا ثلة من الصحفيين والأكاديميين السودانيين تحلّقنا حول طاولة في مركز "سيتا" للدراسات الإستراتيجية بتركيا.. شاب تركي يتحدث الإنجليزية بملمح أمريكي كان محدثنا في ذاك النهار.. أسهب الشاب في شرح تضاريس المشهد التركي .. يبدو أن المركز متخصص في دعم صنّاع القرار في الحكومة التركية.. سألت الشاب أن يحدثني باختصار عن ما يعرف عن السودان.. قال الشاب مبتسماً الشارع التركي لا يعرف عن السودان سوى رجل اسمه حسن الترابي. تحلَّق رموز الحركات الإسلامية في منشط عُقد في باكستان أيام حكم الجنرال ضياء الحق .. كان الجنرال ضياء الحق يبحث عن أفكار تعينه في تطبيق الشريعة الإسلامية في بلده.. مرّر الجنرال بصره على كل القاعة ثم انتقى الشيخ حسن الترابي ليبدي إعجاباً بأطروحاته .. قبل أيام كان خالد مشعل رمز المقاومة الفلسطينية يؤكد في زهو أنه من تلاميذ الترابي.. من تركيا كان عمر الفاروق مستشار رئيس الوزراء يكرر ذات الجملة المفيدة. حينما غاب الأستاذ إبراهيم السنوسي عن ندوة (الترابي .. الأثر الباقي) شعرتُ بكثير من السرور .. ظننتُ أن الحزب الشعبي قرر إطلاق سراح الشيخ الراحل .. تضاعف فرحي وأنا أجد الشيوعي السابق عبد الله علي إبراهيم يجلس أعلى المنصة.. بروفسور عبد الله انتزع إعجاب الحضور حينما أكد أنه تلميذ مضاد للشيخ الترابي.. تفريغ العبارة يفيد بالاستفادة من أفكار الشيخ عبر استخدامها في بناء فكرة مغايرة. قبل أيام أجريت حواراً تلفزيونياً مع الدكتور محمد مختار الشنقيطي وسألته عن أثر المكان على مكانة الشيخ الترابي.. كان مبعث تساؤلي أننا بلد مهمش وفق فرضيات الجغرافيا .. وارتكزت على اعترافات كاتب مصري لام التنظيم الدولي للإخوان المسلمين في عدم اهتمامهم بالترابي .. استغرب الكاتب المصري في تقديم قيادات ذات بعد فكري محدود فقط لمجرد أنهم من مصر التي شهدت ميلاد تنظيم الإخوان المسلمين .. أنكر الشنقيطي هامشية بلدي لكنه أقر أن المجهود السياسي الذي بذله الترابي من أجل السودان كان خصماً من قدراته الفكرية التي كان من الممكن أن يكون أثرها كبيراً على العالم الإسلامي. في تقديري .. حان الوقت لإطلاق سراح الشيخ الترابي من قيود التنظيم السياسي.. علينا أن نقدم الرجل فقط باعتباره مفكرًا إسلامياً.. لا نحتاج أن نقرن اسمه بلقب الدكتور أو الأمين العام للمؤتمر الشعبي.. الوقت مناسب جداً لتجريد الترابي من الحمولة السياسية وإعادة تقديمه كمجدِّد في الفكر الإسلامي .. الحمولة السياسية قزَّمت من أدوار الشيخ الترابي في صناعة التاريخ الحديث في السودان.. كما جعلت كثيرًا من الناس ينظر فقط لحصاد المشروع الإسلامي ثم يسقط كل الأخطاء على كاهل رجل واحد هو الشيخ الترابي. بصراحة.. الوقت مناسب لعقد منتدى علمي عالمي يعيد قراءة أفكار الشيخ الحسن الترابي.. من حق كل السودانيين أن يفخروا بالترابي باعتباره عملة سودانية قابلة للتداول في السوق العالمي. assayha
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة