حديث المدينة الأربعاء 11 يناير 2017 سؤال غلّاب يدور في ذهني هذه الأيام.. ما هو سبب موجة الأفراح الرسمية هذه؟ أظل طوال الليل أتجول بين الفضائيات السودانية– كلها ودون استثناء- نشراتها الإخبارية كأنها تُبَثُ من (صالة أفراح).. في أي خبر الناس تغني والوالي أو المعتمد أو حتى مدير أي إدارة يتلقى التهاني بمناسبة المناسبة التي على جانبيها تسيل الأفراح. ما هو سبب موجة الفرح الجماعي التي تجتاح البلاد هذه الأيام؟. قبل عدة سنوات أُصيبت قرية في شرق السودان بموجة (ضحك هستيري) عجيبة.. شيخ القرية يضحك.. وإمام المسجد يضحك.. والتجار.. والتلاميذ في المدارس.. والناس في الأسواق.. حتى الطبيب الذي أرسلته الخرطوم لاستقصاء الحالة قيل إنه ما أن وصل أطراف القرية حتى انخرط في نوبة ضحك متواصل، وظل يسأل الناس، وهو يضحك (البضّحِكم شنو؟). السودان تجتاحه نوبة فرح غامر غريبة ومحيرة.. صدقوني أنا لا أمزح.. الآن أفتح أي قناة تلفزيونية سودانية ستجدهم يغنون، و(يبشّرون)، ويرقصون في فرح عجيب.. هناك سر!. رأيت في سالف القنوات معتمد إحدى المحليات الوسطية يلقي خطاباً حماسياً بمناسبة افتتاح (الإنجاز).. هكذا كان يقول كلمة (الإنجاز).. دون أن يُعرّف الإنجاز، ودون أن يتفضل مصور الفضائية بإدارة الكاميرا نحو الإنجاز لنراه.. انتظرت نحو عشر دقائق (وهو متوسط زمن خبر أي فرح جماهيري رسمي).. بعد المعتمد تحدث أمين أمانة الأمانة.. ثم طابور من المسؤولين.. وفجأة رأيت المعتمد يفتتح فاصل الرقص.. واختلط الحابل بالنابل.. ولم أر حتى هذه اللحظة (الإنجاز) المحتفى به. الآن مكتبي مزدحم ببطاقات– رسمية- من مختلف مؤسسات الدولة كلها تقريباً دعوات لفرح.. آخرها مكتوب عليها (دعوة للفرح) بمناسبة اقتراب (اليوبيل الفضي) للمؤسسة.. علماً أن اليوبيل الفضي بعد عامين من الآن!. على كل حال؛ لا أحد (يزعل) من الفرح.. بل للسودانيين مثل شعبي شهير (اضرب الهم بالفرح).. لكن المشكلة في (تكاليف الفرح).. والله العظيم.. ثلاثاً.. أطلعت على تكاليف إحدى حفلات الأفراح هذه ولم تصدقها عيناي.. أموال مهولة تنفق في (الأفراح) الرسمية.. والأدهى وأمر أنها تنفق على صانعي الفرح أنفسهم.. وربما هذا يفسر سبب فرحهم الحقيقي!. لا أصدق أن (نوبة) الفرح السودانية هذه محض صدفة.. ربما هناك تعليمات رسمية بتوزيع شحنات فرح (من المخزون الإستراتيجي) في طول البلاد، وعرضها.. من باب مكافحة الفقر، وغلاء المعيشة، وزيادة الأسعار. أو ربما (بدل القُعاد ساي)!. altayar
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة