كيف ينام وزير من غزة في فراشه، ولا يؤرقه مصير 2 مليون إنسان فلسطيني منسيون من الكهرباء؟ وكيف ينام مسئول تنظيمي هنا وهناك كل الليل، ولا ينزف وجعاً على حال 2 مليون إنسان يبيتون في العتمة؟ وكيف لا يغضب قائد عسكري برتبه لواء أو عميد على حال غزة؟ وكيف يهون على وكيل وزارة ومدير عام أن يرقد في الصمت لترقد غزة في الظلام؟. قد يكون منطقياً ألا يتأثر المسئولون في رام الله بمأساة أهل غزة، فمن كان بعيداً عن العين هو بعيد عن القلب، ولكن المدهش أن تصير غزة لا تخص أبنائها وتنظيماتها، الذين يمرون عن احزانها، ولا يمسحون دمعة من مآقيها، فكيف يصير ذلك؟ كيف يترك فلسطيني بيته وبيت أولاده ووالديه رهينة للخلاف السياسي، ولا يبادر إلى اجتماع أو لقاء أو توافق تنظيمي يهدف إلى تجنيب السكان للمناكفة السياسية؟ لا أحد بريء من دماء غزة، فهي تنزف عتمة على مرأى من الجميع، وهي مسئولية الجميع بما فيهم حركة حماس وحركة فتح وتنظيم الشعبية والديمقراطية ولجان المقاومة الشعبية، وحزب الشعب، وحركة الأحرار، وكل من يستشعر بالواجب الوطني والأخلاقي والإنساني تجاه 2 مليون إنسان، بعيداً عن الاتهامات المتبادلة، وتحميل المسئولية لهذا أو ذاك، المطلوب هو العمل المشترك تحت خط النار، وتجاوز الانقسام الذي صار مشجباً لكل فشل سياسي واقتصادي واجتماعي وحياتي ونفسي. فهل ترتقي التنظيمات الفلسطينية والقيادات السياسية إلى مستوى المأساة، ليكفوا عن توزيع الاتهامات، التي تقول: إن شركة توزيع الكهرباء هي المسئولة، لأنها لا تجبي من موظفي حركة حماس!! فهل نقص مليون شيكل أو خمسة من الجباية هو السبب؟ وقد يتساوق البعض مع الإعلام الصهيوني الذي يتهم المقاومة بأنها تضيئ الأنفاق، وتترك الناس في العتمة! وهذا اتهام حقير، من العار ترديده خلف الإعلام الصهيوني. وقد يقول البعض: إن فرض الضريبة المضافة وضريبة البلو على الوقود المشغل لمحطة التوليد هو السبب!!! ومتى كانت محطة التوليد قادرة على الإيفاء بحاجة الناس من الكهرباء؟ وقد يشير البعض إلى انقطاع خطوط الإمداد من مصر!! وهل كانت مشكلة كهرباء غزة محصورة في 20 ميجا فقط تأتي من مصر؟ غزة أيتها التنظيمات الفلسطينية، وأيها القادة السياسيون كبرت، وتمددت، وازدادت عدة أضعاف، وهي بحاجة إلى 550 ميجا، في الوقت الذي لا يتوفر لها في أحسن الأحوال إلا 200 ميجا، وهذا النقص في الكمية لا يغطيه مليون شيكل هنا وعشرة مليون شيكل هناك، هذا النقص يغطيه عمل جماعي وطني إسلامي فلسطيني مسئول، يضغط على حكومة التوافق في رام الله لكي تقوم بواجبها الوطني والإنساني تجاه 2 مليون إنسان، يتمنن عليهم مجلس الوزراء بتخفيض نسبة ضريبة البلو، في خطوة يمسح فيها بالزيت على القشور، ويتهرب متعمداً عن معالجة الجذور. في غزة تجد التنظيمات الفلسطينية حاضرة في المناسبات الاجتماعية، فتراهم يطوفون على بيوت العزاء لتقديم الواجب، ويتركون من خلفهم يافطة كبير باسم التنظيم أو باسم المؤسسة، إنها محاولات ساذجة لإثبات الذات، والإعلان عن البقاء على قيد الحياة، والصحيح أن المعالجة الفاعلة لأزمة الكهرباء هي اليافطة الكبيرة التي سترفع اسم أي تنظيم يشارك في حلها، ولا يكتفي بتوزيع الاتهامات هنا وهناك، لإثبات براءته من دم يوسف. أيتها التنظيمات الفلسطينية، فتشوا عن يوسف في كل مكان، لا تملوا، وحين تجدونه، ستكتشفون مكانتكم في قلوب الشعب، ودون ذلك، فالعتمة خاتمة نهجكم السياسي، مهما علت صرخاتكم.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة