طبيعي أن يطرح أحدهم على فتاة ما الرغبة في الزواج منها ، وطبيعي أكثر أن يحاول ذلك الرجل أن يبرز محاسنه، وأن يعدد مزاياه، ويظهر إيجابياته، ولأن المقاييس أصبحت مادية بحتة أصبح إبراز الممتلكات من سيارات وعقارات ومزارع وشركات يدخل ضمن منظومة المزايا. كل ذلك أصبح شيئا معتادا، لكن غير الطبيعي أن يطرح أحدهم الزواج ، ثم يعدد مزاياه قائلا: إن لديه جواز أمريكي…… أي نعم والله إنه رجل ناضج وميسور ماديا ، وحاصل على درجة علمية رفيعة ، ولديه ممتلكات كثيرة، ولديه- أيضا- جواز أمريكي، ويمكنه أن يحول حياة الجحيم التي نعيشها في السودان إلى رغد من العيش في بلاد العم سام. وحتى لا نتحامل على الرجل (أبو جواز أمريكي) فإننا ينبغي أن ننظر إلى الموضوع نظرة موضوعية عندها سنجد أن الرجل لم يذهب بعيدا خارج إطار المغريات. فالجواز الأمريكي حلم ، والحياة في بلاد الحرية، وحقوق الإنسان مطمح، والتمتع بميزات المواطنة يتوافر هناك ، بالمقابل نحن حملة الجواز السوداني محرومون داخل وطننا من أبسط حقوق الإنسان. وكل ما يحتاجه (البني آدم) في أي دولة في العالم ، ويحصل عليه بسهولة، ويسر، وفي أسوأ الفروض برسوم رمزية، نحصل عليه نحن- هنا- بمقابل مادي؛ فندفع لنتعلم، ثم ندفع وندفع لنأكل، ونشرب، ثم ندفع دم قلبنا لنتعالج، وندفع ضرائب وأتاوات؛ ليظل المسؤولون في كراسيهم؛ فيصرفون جل الميزانية على حماية مقاعدهم، والاحتفاظ بمناصبهم. وهكذا بالتالي يصبح الجواز الأجنبي حلما، كما يصبح الجواز الأمريكي من مميزات العريس، ومواصفات فتى الأحلام. وبذلك يكون العريس أبو جواز أمريكي محق في طرحه. ربما يأتي يوم يسأل فيه أهل العروس الشاب الذي يتقدم لخطبة ابنتهم عن نوع جواز سفره- على الأقل- حتى يطمئنوا على مستقبل ابنتهم في بلاد تقدس الإنسانية.. وربما يتم المفاضلة حينها بين أكثر من جواز…. أقصد بين أكثر من عريس فيفضل صاحب الجواز الأمريكي على العربي. على ما يبدو أننا في طريقنا إلى فقدان الكثير من أبجديات حب الوطن؛ لذلك فإن أسوأ ما يمكن أن يشعر به الإنسان أن يشفق أحدهم عليك لمجرد أنك تعيش في وطنك، وتحمل جوازه.+
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة