وزير العدل د. عوض الحسن النور.. كتب مقالاً نشرناه أمس في "التيار" وشاركتنا بالنشر عدة صحف أخرى.. قدَّم فيه "مرافعة" تُبيِّن حيثيات زيارته لقسم شرطة الخرطوم شمال بعد توقيف نائب رئيس حزب المؤتمر الوطني الأستاذ محمد حاتم سليمان.. مولانا عوض؛ قال إنّ الزيارة عادية في سياق اختصاص وزير العدل ومُتابعته ميدانياً أوضاع الموقوفين بحراسات الشرطة في كل الأقسام.. لكن لم ينف أنّه خلال الزيارة (تعامل) مع ملف الأستاذ محمد حاتم!! من الحكمة – هنا - أن نثني على وزير العدل وهو يستخدم قلمه للرد صحفياً لا تعسفياً.. فما زالت في ذاكرتي حكاية وزير عدل أسبق.. كتبتُ عنه عموداً واحداً هنا "في حديث المدينة" فكان رده إلقائي في سجن التحقيق الجنائي ببحري لمدة خمسة أيام.. ثم بعد انقضاء الأيام الخمسة أرسل للمحكمة يطلب تمديد الحبس بدعوى (عدم اكتمال التحقيق)!! فسألني القاضي (هل تقر بأنّك كتبت العمود؟) فأجبته نعم أنا كاتبه.. فالتفت القاضي لوكيل النيابة وسأله (في ماذا تُحقِّق إذاً؟؟) وأمر بإطلاق سراحي فوراً.. لكن مع ذلك فإنّ وزير العدل مولانا عوض ارتكب خطأً –إعلامياً - فادحاً.. فهو (أكَّد) الوقائع.. رغم كونه قدّم لها تفسيراً آخر.. ومن هنا يمنح كل الذين انتقدوه شهادة براءة لأنّ القارئ لم يكن ينقصه في القصة إلاّ من (يؤكد) خبر الزيارة فقط لا تبريرها.. وبتطوع الوزير بذلك شخصياً (تكتمل الصورة).. لو تأمل مولانا عوض قليلاً في سيرة وزراء العدل السلف، الذين مرّوا بالكرسي قبله ربما لاكتشف أنّ الغالبية غادروا بـ (الكارت الأحمر).. لأسباب قريبة الشبه بحادثته هذه.. رغم أن الحكومة كانت تتأنى دائماً قبل المُغادرة لتحفظ فاصلاً زمنياً مُناسباً يقلل من تأثير الربط المباشر بين المغادرة والسبب.. فيترجل وزير العدل في أول تعديل وزاري.. لكن بقرار (مكتوم) في صدر الحكومة لعدة أشهر.. وطالما أنّ إرهاصات التعديل الوزاري بدأت الآن تلوح في الأفق على خلفية الحوار الوطني الذي أقل ما يُتوقّعه المُشاركون فيه تعديلاً وزارياً شاملاً.. فإن مولانا عوض في حاجة ماسة لحساب ثمن المُغادرة محمولاً على انتقادات جماهيرية واسعة في منصب غاية في الحساسية قوامه السمعة الشعبية الزاهية.. في تقديري أنّ أمام مولانا د. عوض خيار واحد فقط.. هو (وداوني بالتي كانت هي الداء).. أن يقدم (مرافعة عملية) تستعيد العافية الإعلامية للمنصب.. ففي يده كثير من الملفات التي ينتظرها الشعب بيأس حزين.. فلو أفلح في وضعها بعضها أو كلها بكل قوة في المسار الصحيح.. وتحمل الأعاصير حتى ولو دفع ثمن ذلك كرسيه.. فإنّه يكسب نفسه وربما يخسر منصبه.. وأفضل له ألف مرة أن يكون (بيدي لا بيد الحكومة).. فالفرق بين (استقالة) و(إقالة) حرفين فقط.. altayar.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة