دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
Re: عقوبة الإعدام وأخطاء العدالة بقلم نبيل أد (Re: نبيل أديب عبدالله)
|
إن عقوية الاعدام ما زالت تثير جدلاً عالمياً في الأوساط القانونية وواضعي السياسات الجنائية في الأنظمة القانونية بمختلف دول العالم وعلى مستوى الأمم المتحدة. والذين يؤيدون عقوبة الاعدام لهم حججهم وكذلك الرافضون لها. والحجة الرئيسية للمناصرين لها هي الأثر الرادع لها كأقسى عقوبة في جرائم القتل وغيرها من الجرائم السياسية. وأهم اعتراضات الرافضين لها هو ما تفضل الأستاذ نبيل ببيانه في هذه المقالة وهي استحالة تصحيح ميزان العدالة بعد تنفيذ العقوبة ان كان هناك خلل أو خطأ في قرار الادانة والحكم بالاعدام. ولكن وكما أشار الأستاذ نبيل كذلك، فإن التقدم العلمي كفيل بتلافي أهم أوجه القصور الفنية في الاثبات وكشف طبيعة الأشياء مما يقلل من نسبة الأخطاء التي تحدث في عملية التثبت من علاقة المتهم بالجريمة وأدوات ارتكابها. غير أن العبد لله في بحثه التحليلي المقارن لعقوبة الاعدام بين المناصرين لها والمنادين بإلغائها (رسالة دكتوراة) قد توصل إلى أن نظام القصاص في الفقه الاسلامي نظام فريد يقر الاعدام قصاصاً فقط حتى في جريمة الحرابة التي تشتمل على الحق الخاص عندما يخالط قطع الطريق ازهاق للأرواح. فالقصاص حق خاص كما هو معلوم لأولياء الدم ولابد من احقاق حقهم هذا إلا إذا عفوا أو استبدلوه بالدية (التعويض)، وإذاً فإن مسألة الردع وإن كانت متضمنة ولكنها ليست المبرر الأساسي للقصاص، ومن ثم فإن كافة الانتقادات الموجهة لأثر الردع كتبرير لعقوبة الإعدام ليس لها مكان بشأن القصاص كحق للمضرور وليس للمجتمع أو الدولة لكي تنفذه أو تتنازل عنه. ولذلك فإن الجدل العالمي الدائر منذ وقت بشأن الغاء عقوبة الإعدام لايمس الفقه الجنائي الإسلامي في شيء لأن الأخير لا يقر الإعدام إلا قصاصاً أو حداً يتضمن حقاً للعباد كالقتل ولو كان بسبيل ارتكاب جريمة أخرى مثل الحرابة والنهب والسرقة وخلافها ...ولا يقر الاسلام عقوبة الإعدام في جريمة أخرى حدية كانت أم تعزيرية (من باب أولى)، حيث أن الرجم في الزنا والقتل للردة فيهما نظر بين فقهاء المسلمين أنفسهم وقد توصلت للخلاصة أعلاه حسب تحليلي وقناعتى المستفادة من ذلك البحث والله أعلم.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عقوبة الإعدام وأخطاء العدالة بقلم نبيل أد (Re: alazhary)
|
مقال ممتاز وبه معلومات هامة عن عقوبة الإعدام والتي رفضتها معظم المجتمعات المتحضرة.
وأنا أقف ضد عقوبة الإعدام.... وضد أي قانون يفرض هذه العقوبة. كما وأطالب بحذف هذه العقوبة.. وبالمقابل أطالب بتشديد عقوبة السجن، أو مضاعفتها، عند الإتهام والإدانة بجرائم الإبادة الجماعية، القتل المتعمد والخيانة العظمى.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عقوبة الإعدام وأخطاء العدالة بقلم نبيل أد (Re: قانوني دايش)
|
عقوبة الإعدام: إبقاء أم إلغاء؟ إن الحديث حول هذا الموضوع لابد وأن يبدأ بتناول فلسفة القانون ونظريات السياسة العقابية أو العدالة الجنائية (criminal justice policies or theories) التي تقوم عليها هذه النظريات. وهذه الفلسفة حول عقوبة الاعدام تبدأ بأفلاطون الذي رأي في مؤلفه "القوانين" الحاجة إلى إنزال عقوبة الموت بهؤلاء الذين يرتكبون جرائم فظيعة. وفي قول افلاطون هذا مفارقة لقانون "العين بالعين والسن بالسن"، أي القصاص والذي أقره الدين الإسلامي و تبناه بأثر رجعي. وتوالت بعد افلاطون فلسفات تبرير عقوبة الإعدام ونقيضها بما يمكن حصره عموماً في مسارين متعارضين ومتناقضين :هما مذهب الواجب الأخلاقي (deontological or duty based) والمذهب الغائي (teleological or result oriented) بهدف الوصول لغاية أو نتيجة معينة. أو باختصارين آخرين هما المذهبان الكانطي والنفعي (Kantian and Utilitarian) أو الموقفان القبلي والبعدي (apriori and aposteriori) من عقوبة الاعدام بمعنى قبولها من الناحية المبدئية لقيمتها الأخلاقية في تحقيق العدالة وإرضائها، مقابل قبولها فقط على ما سيحققه تطبيقها من نتائج نفعية للمجتمع . فهذا الفيلسوف إيمانويل كانت يقول: "لا وجود لعقوبة أخرى قادرة على إرضاء العدالة". وإرضاء العدالة يعني إحقاق الحق ومن ثم إرضاء الضحية وأولياء الدم والمجتمع بأسره الذي يعيش فيه. وهذا مبعثه القيم الأخلاقية التي تمثلها فكرة العدالة deontology لدى المجتمع ، وهي قيم مطلقة، وبالتالي فهي نظرة تنطلق من موقف مسبق أو قبلي أو قناعة مسبقة بتحقيق هذه العقوبة لمفهوم العدل المجرد وتعزيز الاحساس به عند الضحية والمجتمع ولا حاجة بنا لأن نحصي آثار تطبيقها وفوائده بعد ذلك. وهذه الفلسفة الأخلاقية بهذا المعنى تبرر لانزال العقوبة عموماً على كل مرتكب لفعل محرم أخلاقياً أو قانونياً دون عذر؛ في المقابل فإن أصحاب المذهب النفعي يرون أن مصلحة المجتمع ككل تعدل ما يجب أن يتقرر بشأن مرتكب الفعل ولو كان جناية القتل، فلا يعاقب إلا بعقوبة تنطوي على منفعة للمجتمع. وعلى ذلك، فإن النظرية القبلية للعقوبة تهتم فقط بطبيعة العقوبة ذاتها بما تمثله من قيمة عدلية وأخلاقية بينما لا تنظر الفلسفة البعدية للعقوبة إلا من خلال نتائج تطبيقها وما يعود منها من منفعة على المجتمع ولا يهمها بعد ذلك طبيعتها أو قيمتها الأخلاقية. وعموماً تقسم الدول، فيما يتعلق بمواقفها من تبني عقوبة الاعدام أو رفضها وإلغائها وفيما يتعلق بنوعية سياسة العدالة الجنائية المتبعة لديها، إلى قسمين يندرجان تحت هاتين المذهبين الأخلاقي أو النفعي. فالتي تندرج في مجموعة المذهب النفعي، أقرب إلى إلغائها حيث النظام السياسي لديها سواء كان ديموقراطياً أم ثيوقراطياً هو الذي يقرر السياسة العقابية، بينما تميل التي تنتهج المذهب الأخلاقي، خاصة تلك التي تنبع سياساتها العدلية من القيم الدينية للمجتمع، إلى تبني العقوبة وإبقائها. غير أن هذا الإجمال قد يكون مخلاً بطبيعة الحال ويبدو ذلك فيما يتعلق بالأثر الردعي للعقوبة، وهو أثر معتبر لدى كلا المذهبين، ولكنه أقل تأثيراً لدى معتنقي المذهب الأخلاقي حيث يعتبر هذا الأثر ثانوياً بالنسبة لقيمة العدالة الأساسية وسواء كنا بصدد الردع العام أو الخاص لافرق (general or private deterrence)، حيث أن الردع الخاص متحقق فعلاً بتنفيذ العقوبة بينما يظل الردع العام كأثر ونتيجة ثانوية. وعلى وجه العموم فإن النقد الموجه للنظرية الأخلاقية هو أنها تفترض قيام نظام عقابي قائم أو موجود مسبقاً في حين يُفترض بها هي أن توفر التبرير اللازم لإقامة مثل هذا النظام، وليس في هذا النقد مشكلة بالنسبة لبعض الأنظمة القانونية التي تستنبط قواعد السلوك الفردي من الشرائع السماوية كالاسلام مثلاً الذي يتوفر فيه هذا النظام؛ أما النظرية النفعية فيبدو من ظاهرها أنها لا تكترث لمعاقبة شخص بريء أو تبرئة مجرم خطير أو تخفيف عقوبته لمجرد اقتضاء منفعة ومصلحة المجتمع ذلك. وعليه فإن الصعوبة التي ستواجه أي باحث في هذا الموضوع تكمن ليس في التناقض الظاهر بينهما فحسب، وانما كذلك في امكانية استخدام كل منهما أو كليهما في تعضيد وجهة نظر كل من المؤيدين لعقوبة الإعدام أو المطالبين بإلغائها ونقدهما في ذات الوقت وعلى حد سواء! فمثلاً نجد أن الحق في الحياة قد استخدم لصالح خياري تأييد ورفض عقوبة الاعدام من كلا الفريقين وهكذا في معظم الحجج الأخرى. لذا فإن المشكلة في الحقيقة مضاعفة (two-fold). باعتقادي أن هذه الدوامة هي سبب استمرار الجدل الدائر منذ مدة وهي التي ستبقيه مستمراً بلا نهاية منظورة، مالم يكن في استطاعة الباحث استيعاب هذا الجدل (polemics) وتصفية حججه وتنقيح وتنقية منطقها وتمحيص صلاحية حجيتها في برهنة نتائجها وحقيقة مؤداها ومفادها الصحيح بحسب القيم التي ينطوي عليها هذا الجدل ويدور بشأنها وحولها (سواء كانت قيماً أخلاقية أو نفعية). ولا أدعي بهذا القول الأخير بأنني قد تمكنت فعلاً من حسم هذا الجدل ولكني على الأقل قد بذلت فيه جهد المقل وأرجو أن أنال ثوابه عند الله إن أصبت أو أخطأت.
| |
|
|
|
|
|
تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook
|
|