لاحظ الرئيس السادات أن العجول في المزرعة السعيدة كانت واجفة تتحرك بحذر..ابتسم السادات حينما فشل في ترويض ثور متوسط الحجم..لكن حينما خرج السادات من المزرعة رمى بسؤال بين يدي مدير المشروع " والنبي أجرت العجل بكم"..أدرك الرئيس السادات بخلفيته الريفية أن المزرعة الحكومية لم تكن تنتج إلا الفشل ولكن حينما داهمتهم زيارة الرئيس تصرف المسؤول عبر تأجير عجول من الجيران حتى ينتهي المهرجان. صباح الأحد قام رئيس الوزراء الفريق بكري صالح بجولة تفقدية طويلة شملت عدداً من المصانع الوطنية..تمكن الفريق من تلمس الواقع كفاحاً دون أن يحتاج إلى التقارير المغلفة بورق السلوفان والتي تحوي في كثير من الأحيان معلومات مضللة..في مصنع صغير لإنتاج البلح كانت تكلفة الطاقة تساوي تماماً قيمة استيراد المواد الخام بسبب انقطاع التيار الكهربائي واضطرار المصنع لاستخدام المولدات الكهربائية ذات الكلفة العالية..بعض مصانع الحديد قنعت من كهرباء الحكومة وصممت محطات توليد صغيرة..لهذا كانت بشريات رئيس الوزراء بمضاعفة الطاقة للمنطقة الصناعية لجنوب الخرطوم إلى أربعة أضعاف خبراً يعيد العافية لشرايين حياة الصناعة في تلك البقاع. جولة رئيس الوزراء بين المصانع أثبتت أن النجاح في مادة الاقتصاد ليس أمرا مستحيلا.. ما نحتاجه الآن لتحقيق الاستقرار الاقتصادي هو ايقاف التضخم الجامح..هذا يمكن في حالة تمكنا من زيادة الإنتاج وفي ذات الوقت قللنا من الواردات عبر إيجاد بدائل محلية..رئيس الوزراء زار مصنع دال لإنتاج الألبان برأس مال خمسين مليون دولار..بإمكان هذا المصنع ان يغطي حاجة البلاد من الألبان اذا ما ضاعف إنتاجه فقط ثلاث مرات وهو أمر في غاية اليسر لهذه الشركة العملاقة والتي شرعت في تصنيع الصمغ لتصديره كحبيبات مما يضاعف من قيمته ويزيد من عائداته في مجال الصادرات..مبادرة أخرى من مصنع صغير لتصنيع التمور ترفع من قيمة هذا المنتج وتجعل له سعر تركيز مما يشجع المنتج على زيادة الإنتاج. رغم أن خارطة الطريق لخلق اقتصاد معافىً تمر عبر خلق قطاع خاص قوي قائم على مبدأ المنافسة..إلا أن الدولة العميقة ترفض أن تغادر مربع دخول الحكومة ولو من وراء ستار في مجال الإنتاج..لست في حاجة إلى أن أسرد بعضاً من أسماء الشركات الكبيرة التي يعود نسبها إلى الحكومة ولو بطريق غير مباشر..أمس الأول كانت قاعة الصداقة تنشر إعلاناً في الصحف تحت ترويسة رئاسة الجمهورية..فكرة الإعلان أن القاعة الرئاسية تفكر في إنشاء فندق خمسة نجوم..بالطبع لم تتكفل الدولة بسؤال نفسها هل نحن في حاجة الى فندق جديد..ولماذا تعود الحكومة لمجال الفندقة بعد أن تخلصت من فنادق الحكومة على شاطيء النيل بتراب الفلوس. في تقديري. مطلوب مبادرات جريئة في مجال الاقتصاد تبعد الحكومة عن الحلول الرمادية..في روسيا بلد الشيوعية هنالك الآن كما ذكر لي رجل أعمال مطارات تملكها شركات خاصة..ليس للحكومة في تلك المهابط إلا رجال الجمارك وشرطة الجوازات..لو كنت مكان الحكومة لقمت ببيع الشركات الحكومية ما ظهر منها وما بطن بجنيه واحد لرجال الأعمال الأوفر استعداداً وأكثر تأهيلًا. بصراحة ..التحديات الماثلة أمام بلدنا معظمها اقتصادية ..من يملك الحل الاقتصادي يستطيع أن يسوس الناس بكل يسر..يقع السيناريو الأسوأ حينما تتساوى كفتا الموت والحياة أمام المواطن البسيط .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة