استغرب من دولة عظمى كالولايات المتحده الأمريكيه التي تملك نظام قانوني عريق جداً نشأ وتطور عبر مئات السنين، ان يخلو نظامها هذا من اي نص يعطي السلطات حق تقديم رئيس الدولة إلى المحاكمة اذا ما أرتكب جريمة أو مخالفة وهو على سدة الحكم. هذه الايام أثار هذا الفراغ التشريعي جدلاً كبيراً في الأوساط القانونية الامريكية خاصة بعد دخول التحقيقات - التي يشرف عليها الكونغرس-منعرجات خطيرة، بشأن اتهامات بتورط ترامب وحملته لانتخابات 2016 بالتواطؤ مع روسيا لمساعدته في الفوز بها . وهناك حديث الان حول إقتراب شمول التحقيقات للرئيس شخصياً وتوجيه الاتهام إليه. يتولى هذه التحقيقات مدير الFBI الاسبق روبرت مولر، وهو رجل قوي وذو خبرة كبيرة وشخصية محترمة.
* الأمر الوحيد المنصوص عليه في الدستور الامريكي " الذي يعود تاريخ كتابته الى حوالي ثلاثة قرون " هو ان الكونغرس يملك سلطة عزل الرئيس من منصبه في بعض الحالات المنصوص عليها كحالة ارتكابه لجريمة الخيانة العظمى أو الرشوة...الخ. ولكن هذه التدابير التي يتم عبرها عزل الرئيس ليست تدابير قانونية بقدر ما هي ممارسة سلطة تشريعية يتبع فيها الكونغرس نفس الاجراءات التي يصدر عبرها تشريعاته الجديدة . إذ يقوم مجلس النواب بالتصويت على مشروع قرار بعزل الرئيس وبعدها يمرر لمجلس الشيوخ للتصويت عليه. حيث لا يعتبر القرار نافذا مالم يجاز بنسبة ثلثي أعضاء مجلس الشيوخ.
*طوال تاريخ أمريكا لم يتعرض اي رئيس للمحاكمة أو العزل من منصبه. مرتان فقط صوت فيهما مجلس النواب على مشروعي قانون بعزل رئيس وهو في منصبه. وصدرا في حق كلا من: (اندرو جونسون) و(بيل كلينتون). لكن كلا القرارين لم ينفذا، لعدم حصولهما على نسبة التصويت المطلوبة عند مجلس الشيوخ ومن ثم أسقطا.
*لعل الجدل لم يقف عند حد غياب نص بل اثير ايضاً في نص موجود بالفعل. هذا النص يعطى الرئيس الحق في اي وقت ( العفو الشامل عن اي شخص في اي جريمة أو جنحة). حيث سبق للرئيس الراحل (جيرارد فورد) ان عفى عن سلفه (ريتشارد نيكسون)، بعد ان ارغم على تقديم استقالته، وبذلك جنبه التعرض لاي مُحاكمة مستقبلية بسبب تورطه في فضيحة (ووترجيت) الشهيرة.
- وما اثير من جدا هنا " كما يظهر لنا " يتعلق بتفسير هذا النص، بهل يوسع سلطة الرئيس ليعطيه حق العفو عن نفسه لمنع التعرض لاي محاكمة. ايضاً خلا الدستور والتشريعات الاخرى من اي نص حاكم أو حتى تفسير يحل هذا الاشكال.
وقد اوردت صحيفة (الواشنطن بوست) ان ترامب قام بالفعل باستشاره محامييه عن هذا الامر، وهذا يعني ان بقية الايام ستشهد مزيداً من الاخبار المثيرة القادمة من بلاد العم سام مثلما عودتنا على ذلك.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة