ما يتطلبه الإستقرار السياسي الداخلي المؤقت ، وحالة السكون الدولي المريح تجاه السودان ، هو على ما أظن ما يدفع حكومة المؤتمر الوطني ، للإصرار على فعالية المشاركة السياسية بينها وبين أحزاب الحوار التي توافقت معها عبر إقتسامها كراسي السلطة حسب مبدأ (نصيب الأسد لمن يملك سلطة التوزيع والإقتسام) ، وفي ذلك كل ما يمكن أن يجيش بخُلد العارفين ببواطن الأمور من إستغراب وإندهاش يصل حد التشكيك في جدية المؤتمر الوطني وصدق نواياه في أن يحدث في هذه البلاد توافق سياسي حقيقي يستطيع أن يُخرجها من أزمتها التي تزداد تعقيداً يوماً بعد يوم ، وذلك طبعاً من منظور ضآلة فعالية ومكانة تلك الأحزاب والتنظيمات داخلياً ودولياً والتي تعتبر الحكومة الآن أمر شراكتها السياسية معها إشارات داخلية تفيد إقناع القواعد الجماهيرية ، وأخرى خارجية تفيد إقناع المجتمع الدولي أن ما يحدث الآن في هذا الإتجاه هو جُل ما كان مُستهدفاً من حوار الوثبة أو هو كل متطلبات التوافق السياسي ، بالرغم من أنه لا يخفى على عين حصيف وجود الأحزاب والتنظيمات والحركات المسلحة ذات التأثير الأكبر شارعياً وعسكرياً خارج ملعب التوافق ، بل خارج آلياته عندما كان (حِواراً) يحبو ، المقصود من إثارة ما سبق ما يتم صرفه من مبالغ طائلة من الناتج القومي الإجمالي رغم شحهُ وإنعدامه أحياناً في المخصصات الإدارية واللوجستية والشخصية لأرتال الوظائف السيادية والتنفيذية التي لم تفرضها بالطبع الحوجة ، بقدر ما فرضتها نظرية (توسعة وعاء الإستفادة بالقدر الذي يكفي الفرقاء الذين توافقوا مع الحكومة) ، وبذلك فإن ما حدث من ترهل غير مسبوق في زيادة عدد الوظائف الدستورية والسيادية وأعداد النواب التشريعيين الذين تم إعتمادهم بالتعيين ، هو مسار واقعي يتناقض وما يلهج به الماليون والإقتصاديون من معالجات متعلِّقة بإتساع أوجه الصرف الحكومي وضرورة تقليصها لأقصى الحدود الممكنة ، والحالة المعيشية للمواطن المتدهورة يوماً بعد يوم ، فضلاً عن عجزه المتنامي عن تحقيق الضروريات المُلحة في مجالات التعليم والإستشفاء والتداوي ماثلة أمام غول الغلاء وتدهور سعر صرف الجنيه السوداني وإنعكاس ذلك على الأسواق ، كان من الممكن تخفيف آثارة على الأقل بدعم جزئي لو لم يتم هذا التوافق (غير الحقيقي) وغير المجدي في حل إشكالية الإقتسام العادل والشرعي للسلطة في السودان ، ليت المؤتمر الوطني ظل يحكم وحده حتى لا يحدث هذا الترهل (المناصبي) ، ويُستغل ما يُصرف فيه من أموال طائلة في دعم المواطن المغلوب على أمره ، أما موضوع التوافق السياسي حول تداول السلطة فلن يستقيم أمره دون ترك نظرية (طعن الفيل في ظله).
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة