مصطفى أمين مصر ومصطفى أمين السودان ، كأن تطابق الأسماء ، يوحد الجينات ويورثها خصائص متشابهة في الابداع !..الاثنان يمثلان مدرسة متفردة في الصحافة .. الأول مازال شامخا بعد رحيله ،شارع باسمه ومدرج في كلية الاعلام وجائزة سنوية للصحفيين الشباب العرب في ذكراه، واسمه كمؤسس على كل صحف واصدارات( دار اخبار اليوم )، قبل التأميم وبعده الى يومنا هذا ! والثانى .. مصطفي امين السودانى.. القلب النابض (للايام) السودانية عند تأسيسها وانطلاقتها الكبرى في مرحلتى الخمسينيات والستينيات، بقيادة معلم الصحافة السودانية بشير محمد سعيد والمحجوبين ، محجوب عثمان ومحجوب محمد صالح ،وبعد اغلاقها عام 1962 تولى تطوير جريدة( الصحافة) في عهد مؤسسها الاستاذ عبد الرحمن مختار ، وقفز بها لتكون الاولى مضمونا وانتشارا .. وانتقل بعدها لوكالة أنباء السودان (واس ) نائبا لمديرها العام ومؤسسها الاستاذ عبد الكريم المهدى، ثم مديرا لها، واصبحت تحمل اسم وكالة السودان للأنباء (سونا )، الوكالة الرسمية للدولة السودانية ، وتم ترفيع منصبه الى وزير دولة ، لكنه لم يكن مهتما بالمناصب ، محتفظا بسيار ته (الفلوكسواجن ) رغم رتل السيارات التى وفرها وملكها لمحرريه، والظاهرة المحيرة ، كان عزوفا عن الأسفار والمؤتمرات ، يوفد مساعديه مما يغضب احيانا ادارات البروتوكول في القصر ومجلس الوزراء !.. وكان اول من يدخل مكاتب الوكالة صباحا ، ويفاجئك وهو يمسك (المكنسة) وينظف مكتبه وطرقات الوكالة ! ومن ابداعاته غير المسبوقة ، عندما كان مديرا لوكالة( سونا) للانباء ووقعت احداث احتلال الحرم المكي الشريف من جماعة الجهيمان في 20 نوفمبر 1979 ، كان أحد مراسلي الوكالة متواجدا في المملكة العربية السعودية ، فأرسل برقيات مطولة عن الاحداث، انفردت بها الوكالة ، وتبين ان وكالة انباء اجنبية كبيرة، كانت تلتقط الرسائل وتنشرها متزامنة مع( سونا) مع تعديلات طفيفة توحى بانها من مراسلها . واكتشف الاستاذ مصطفى امين هذا التزوير . ومن حسن الحظ كان مراسل (سونا) من منطقة وادى حلفا فى شمال السودان ويجيد ( الرطانة) النوبية , فطلب منه ارسال رسائله عبر التلكس باللهجة النوبية وبالحروف الانجليزية , وكانت الاستاذة نجاة طلسم ,زوجة الاستاذ مصطفى امين ,الحلفاوية , تعمل فى قسم التلكس، وتولت اعادة ترجمة الرسائل الى اللغة العربية, وسقط فى يد الوكالة الاجنبية الكبرى. ! مصطفى امين السودان ، الذى اكرمت بالعمل معه ، في اول يوم من مسلسل عملي في بلاط صاحبة الجلالة، وتدربت علي يديه في مطبخ الايام عام 1962 يؤكد جحودنا ، جميعا أهل السودان ، فهو على قيد الحياة ، في طيات الذاكرة السودانية منسيا، ومع ذلك لا يهتم ، يزداد توهجا عزة وكرامة وشموخا .. لا يقف عند أبواب السلاطين ولا يعلن عن نفسه ولا يتباهى بما قدمه لبلاده ومهنته ولتلاميذه ..! (2) تعرفت على الاستاذ مبارك الفاضل المهدي عن قرب ، أيام التجمع الوطني الديمقراطي في اسمرا ولندن، وكان قد اختير أمينا عاما للتنظيم وفقا( لكوتة) المحاصصة، التي ادت في النهاية الي انهيار التجمع !، وقد تفاجأ بالنشاط والحيوية التى تميزه ، طاقة لا تفتر، وحماس متقد، أكسبه لقب (البلدوزر ) ، ومع ذلك يهمس بعض مجايليه، ومن بينهم الاصدقاء والخصوم ، بأنه نشاط من فصيلة ما يسمى في علم النفس over active ويتميز صاحب هذا النشاط المفرط بقدرات هائلة في التخيل overactive imagination وليس بالضرورة ان يكون ذلك سلبا او انتقاصا ، لكنه يتوقف على اتجاه توظيف هذه القدرات وتحديد الهدف ..! واستوقفنى تحليلا كتبه الاستاذ عبد اللطيف البوني ، عن مفاتيح شخصية الاستاذ مبارك الفاضل المهدى يقول : هناك غبن تاريخي يمور في دواخله ، فهو قد يعتبر ان ميراث المهدي الكبير، يجب أن يكون لكل ابناء المهدي واحفاده، وليس لإبن واحد هو السيد عبد الرحمن وابناؤه ..وقد يكون محقا في ذلك،خاصة ان والد مبارك كان الوصى على تنفيذ وصية الامام عبد الرحمن والتى كتبها قبل وفاته ، لكنى اضيف ان رحيل الدكتور عمر نور الدائم ،نائب رئيس الحزب وأمينه العام ، كان له الأثر الكبير على تماسك حزب الامة ،وعلى مبارك المهدى شخصيا ، الذى ينتمى بوالدته الي هبانية نعيمة، موئل وعترة شيخ العرب . الدكتور عمر نور الدائم ، كان راعيا للنشاط السياسى والتصعيد المستمر لمبارك في دهاليز الحزب، وهو أول من كلفه بمهمة حزبية وهو مازال طالبا في الجامعة الامريكية ببيروت . و لعلنا نحتاج لخبراء في علم النفس لدراسة جذور الانشقاقات الأميبية في الاحزاب السودانية و كذلك (بيوتات التصوف) والكثير منها تنشط في المجالين الديني والسياسي ... كم عدد الخلفاء المتنازعين على ارث الطريقة وزعامة الأحزب المتصارعة الآن في الساحة،(عدد المسجل منها رسميا 120 حزبا )! وهل هناك غبن حقيقى ، أدى الى هذه الانقسامات؟ ام هي ظاهرة مترسبة في الشخصية السودانية ؟ هل نستطيع تعداد الطرق الصوفية وتفرعاتها والاحزاب و انقساماتها , قطعا ستكون مرجعيتنا ، نجوم المجرات !
(3) وتحرك سبابتك المهمومة في فم طفلك .. تسمع لثغته الناعمة الوردية ... تبحث عن أول سن تجرح من أجل قضية .. العضة ثأر .. ويعضك عضات ناعمة .. يضحك في وجهك .. يفهم انك ياعبد الله .. تدربه الدرس الأول للثوار ! (الشاعر مظفر النواب)
(4) فن الاعلان له جذور في التاريخ العربي . يروى ان احد تجار الكوفة جاء الي المدينة ليبيع أغطية للرأس متعددة الألوان ، من ضمن الحجاب الذي ترتديه النساء،ويسمى( الخمار) ، وباعها كلها الا السود منها ، وتحير ماذا يفعل ، ونصحه احد اصدقائه بأن يذهب للشاعر الدارمى ، المشهور ببراعته في الوصف ،فنظم له شعرا في صيغة اعلان غير مباشر ، اهتم به خبراء الاعلام المعاصرين ، باعتباره الأجمل والاكثر تأثيرا ويضاهى فنون الاعلان الحديثة ، واستطاع التاجر في ساعات قليلة بيع كل بضاعته: يقول الاعلان ،غير المباشر : قل للمليحة في الخمار الأسود.. ماذا فعلت بزاهد متعبد .. قد كان شمر للصلاة ثيابه .. حتى عرضت له بباب المسجد .. ردي عليه صلاته وصيامه .. لا تقتليه بحق دين محمد .. و يعتبر الكثيرون هذه الحيلة من طرائف التراث وانجازا تاريخيا في فنون الاعلان ، بينما هاجمها المتنطعون في ذلك الزمان وبعده ! com .hotmail @yahyaalawad .com.gmail@yahyaalawad
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة