ذاكرة النسيان؛ شجاعة الرفيق عبد العزيز الحلو وتمسكه بالمبادئ الثورية يتجلى في كراهية وخوف النظام منه ولقيادته للحركة والجيش الشعبي لتحرير السودان..
إبراهيم إسماعيل إبراهيم شرف الدين
ذبح الطيب مصطفى رئيس مايسمى بمنبر السلام العادل غداة استقلال دولة جنوب السودان ثورا اسودا الأحد 9 جوليه 2011ف تعبيرا عن فرحته بذهاب الجنوبين الذي سيفسح المجال له كما يتوهم لتأسيس دولة عربية إسلامية خالصة وهو حلم ظل يراود دولة الكيان الجلابي منذ ماقبل جلاء بريطانيا قواته في 1956ف دون ان يتحقق حتى بعد إبادة ما يربو إلى 2 مليون سوداني ذهبوا ضحية لحرب عبثية ظالمة استمرت لعدة عقود ولكن انتصر الجنوبين في خاتمة المطاف بإعلان دولتهم ومازالت الحركة الإسلامية تدير آلة الموت في ماتبقى من سودان مخلفة ملايين الضحايا بينما الأمل بالتغيير يحدو المهمشين مع بزوغ كل فجر جديد وهم يقتربون شيئاً فشيئاً من تحقيق حلمهم الذي طال انتظاره؛ مشروع السودان الجديد.
ظل المؤتمر الوطني منذ التوقيع على نيفاشا يعمل بكد لاحتواء وتدمير الحركة والجيش الشعبي لتحرير السودان، ولم يدخر جهدا في سبيل ذلك فاستخدم أموال البترول حينها لشراء ضعاف النفوس واذكاء الفتنة القبلية والعشائرية داخل الحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السودان وتمكن من ترويض بعض المنشقين الذين آثروا التنازل عن مبادئهم وخيانة القضية، مقابل مناصب لاتغني ولاتسمن من جوع بينما حملة الإبادة والتصفية العرقية مازالت مستمرة تحصد أرواح الابرياء في جبال النوبة، النيل الأزرق ودارفور بالرغم من توقيع ما لايقل عن عشرات اتفاقيات سلام بين النظام وحركات مسلحة تسعى من أجل المناصب والكسب المادي الرخيص.
وفشلت الحركة الترابية في مسعاها لتأسيس دولة عربية إسلامية بالرغم من استئثارها بالسلطة والثروة وضم البلاد إلى عضوية جامعة الدول العربية بعد فصل الجنوب واستقدام مايسمى بالقبائل العربية لإحداث تغيير ديمغرافي وخنق الوجود الإفريقي الذي صاحبه عمليات عنف ممنهج تهدف لإبادة وتهجير السكان الأصليين ولكن تمكنت الحركة والجيش الشعبي لتحرير السودان من تحرير الجنوب وطرد الاستعمار الإسلامي العربي بعد خمسين عاما من القتال انتهى بهزيمة المشروع الحضاري وإلى الأبد.
ويعتبر مشروع السودان الجديد الترياق الوحيد لعلاج ونزع فتيل الأزمة السودانية المتفاقمة والبديل الأمثل في مواجهة التهديد لمنهج الاستعباد الإسلامي العنصري الذي يكرس تمكين الثقافة والهيمنة العربية في السودان ولذلك يرفض النظام الإعتراف بأي وجود للحركة والجيش الشعبي لتحرير السودان قطاع الشمال بعد انفصال الجنوب.
ويعكس الانقسامات وسط الحركات المسلحة عمق الأزمة السودانية وتعقيداتها المركبة فالصراع على السلطة بين القادة أضحى يشكل أكبر تهديد لوضع حد للازمة السياسية والإنسانية فيما يستغل النظام التناحر القلبي لتأجيج الفتنة العشائرية لاطالة أمد الصراع الذي بدأ عام 2003ف بين حركة وجيش تحرير السودان ونظام الجبهة العربية الإسلامية في إقليم دارفور المنكوب ولكن تشهد الساحة وجود أكثر من خمسون حركة في الوقت الراهن بسبب التهافت من أجل السلطة والمال وهي سياسة ينتهجها النظام منذ التوقيع على إنفاق ابوجا مع حركة مني أركو مناوي لتفكيك وضرب وحدة الثورة.
ومنذ اندلاع الأزمة الإنسانية في إقليم دارفور ظلت الدول العربية تدعم النظام في الخرطوم بالمال والسلاح فضلا عن الدعم السياسي والمعنوي في المحافل الدولية وتميزت مشيخة قطر بدعمها السخي واللا محدود للجنرال البشير ولاسيما في ما يتعلق بتنفيذ أمر القبض الصادر في حقه من الجنائية الدولية حيث مازالت قطر والدول العربية تتحدى قرار المحكمة وتنكص عن التزاماتها القانونية والدولية باستقبال مجرم هارب من العدالة.
ويتمظهر عدم نضوج الحركات المسلحة في اقليم دارفور وتخلفها ثوريا في قبول وساطة قطر التي تعتبر طرف في الصراع لدعمه ووقوفه جنبا إلى جنب مع سياسة النظام وحملة الإبادة المستمرة منذ 2003ف، كما تسعى قطر عبر الوساطة ان تبحث عن مخرج لرأس النظام من ورطة المحكمة الجنائية الدولية فيما تمول عملية الاستيطان ضمن مشروع القرى النموذجية التي اقرتها اتفاق الدوحة الموقع بين حركة التيجاني سيسي محمد اتيم والنظام في 2011ف.
وباتت حركات دارفور المسلحة جزء من الأزمة بسبب الانشقاقات التي ضربت وحدتها ويرجع ذلك إلى تدخل قطر السافر في الصراع ومحاولتها المزيفة للتوسط للحل، فيما تعمل خلسة لتعقيد الأزمة بتبني أجندة النظام؛ اذكاء الفتنة بين الفصائل وتفريخ قيادات وحركات مسلحة همها الارتزاق والحصول على وظائف عبر ابرام اتفاقيات صورية مع النظام الذي يسعى لكسب الوقت، ولذلك مازالت الأزمة الإنسانية مستمرة ولا أحد يكترث لمعاناة اللاجئين والنازحين وهكذا اضحى الصراع فرصة للارتزاق والمتاجرة للانتهازهين دون ان يلوح حل في الأفق في المستقبل القريب.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة