بعد ثمانية وعشرون عاماً من حكم الإنقاذ تستيقظ الدكتورة سعاد الفاتح من غفوتها أو (نشوتها) لتصرِّح تحت قُبة المجلس الوطني (نقابل الله كيف والناس بتشرب من الخيران ونحن نُردِّد هي لله) ، فقد تمدَّدت غيبوبة الإنتشاء ببريق السلطة والنفوذ في قلوب وألسنة الكثيرين من الذين ملئوا فيافي وسماوات هذه البلد الحزين بهتافاتٍ سامية كان من ضمنها هي لله .. هي لله لا للسلطة ولا للجاه ، وعندما كنا نهتف تحت رزء التكميم والقهر (فليُرحم الإنسان) كان بعضهم يعتبر نداء الإنسانيه في وضع التضاد مع التنادي بإسم الله رب العالمين ، رغم أنهم يعلمون أن بُغية الدين هي رفاه الإنسان في الدنيا والآخرة ، لماذا لم يكن مبدأ محاربة الفساد حاضراً في أذهان الذين يدَّعون الإعتراف بالحق مادةً للمجاهرة والهُتاف من أجل أن لا يشرب أبناء هذا الشعب من الخيران وحتى لا تطاردهم الكوليرا والأمراض الأخرى المسكوت عنها كالفشل الكلوي الذي إنتشر فيما لا يقل وصفه عن وباء ، والسرطانات التي إرتفعت نسبة الإصابة بها وعمَّت أرجاء المدن والقرى وغيرها من الكوارث البيئية والصحية التي ربما إذا عرفها و شعر بها دهاقنة النظام وسدنته من الذين أنعم الله عليهم بعد ما يقارب الثلاثة عقود من الزمان بإنسدال ستار الزيف والصلف الفكري والسياسي عن عقولهم وبصيرتهم لقالوا أيضاً (نقابل الشعب بي ياتو وَش) ثم (نقابل الله كيف) ، أما وقد أصبح المقام مُحتمِلاً لمادة النقد الذاتي وإرهاصات الإحساس بالمسئولية تجاه المصائب والجرائم والمحن التي أصابت البلاد والعباد ، فضلاً عن مخافة رب العالمين فيمن يدفعون ثمن ما أسفر عنه فساد العقول والنفوس والأيدي ، فأعلموا أن مخافة حساب الله لن تقف عند حد شرب الناس من الخيران ولكن دائرتها الإستيعابية ستتسع وتتمطى لتحوي معها ما أصاب الناس في معيشتهم العادية من غلاء جائر ومصطنع أدخلهم دوائر الفقر والعوز والحاجة وقِلة الحيلة ، وما أصاب الناس في صحتهم وإمكانية حصولهم على العلاج والدواء إسوة بأصحاب القصور والثروات من المنتمين إلى الطبقات المخملية بإسم السلطة أوالتزلف لمن حازها بالحق والباطل ، وكذلك دائرة مخافة الله يجب أن تحوي ما أصاب الناس في تعليم أبنائهم وكيف تحوَّل في غفلة من الزمان إلى سلعةٍ لا يستطيعها إلا ذو جاهٍ ومال ، أما أبناء الفقراء لا مصير لهم إلا الشارع الذي بات هو أيضاً أدنى مما كان عليه في أمسِ قريب ، مخافة الله يجب أن تحوي ضمن ما حوت ما أصاب البلاد في خدمتها المدنية من تدهور إداري وفني وجور ، وأنات المظلومين تحت رزح طبول قانون الصالح العام ما زالت جراحها نازفة بسبب مصيبة التمكين السياسي ، وما أصاب سودانير ومشروع الجزيرة والنقل النهري وشركة الأقطان والسكة حديد والفندق الكبير وحديقة الحيوان وما أصاب النازحين بسبب الحروب والإنفلات الأمني في دارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق ، ثم بعد كل هذا ما أصاب السودان في أرضه وثرواته ووحدته وأمنه الإستراتيجي بعد إنفصال الجنوب ، يا هؤلاء ما يستوجب مخافة الله فيما إقترفت أيديكم لا تستوعبه خيالاتكم الوارفة في مجال الإعتداد الهستيري بالذات والإنتماء الأزلي لفكرة تهميش الآخر وقهره وإقصائه ، يعني بالدارجي الفصيح ( شيلوا شيلتكم ).
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة